ربما ليست من قبيل المصادفة أن يشمل قرار حظر دخول الولايات المتحدة الأمريكية، مواطني سبع دول غالبية سكانها مسلمون.. مواطنو خمس دول منها يعون جيدا ما تسبب به الجنود أو الطائرات الأمريكية في بلادهم.
بعد القرار الذي وقّعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة الماضية، بمنع مواطني سبع دول شرق أوسطية من دخول بلاده لمدة 90 يومًا، هي سوريا والعراق واليمن والصومال والسودان وليبيا وإيران، ما يلفت الانتباه أنَّ الدول الستة الأولى منها تعرضت لقصف طائرات الـ إف 15 الأمريكية، أو وطئ الجنود الأمريكيون ترابها.
رغم ردود الفعل الغاضبة على قرار ترامب، داخليا وخارجيا، عزت واشنطن قرارها بمكافحة الإرهاب ومحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، ولو عدنا قليلا إلى الوراء نجد أنَّ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أوجد البيئة المناسبة لولادة هكذا تنظيم.
سوريا
هي الدولة الأكثر تعرضا لقصف الطائرات الأمريكية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
ويعتقد مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، بحسب تقرير نشره، أنَّ عدد القنابل التي ألقتها الطائرات الأمريكية على سوريا والعراق عام 2016 يتجاوز 24 ألف قنبلة.
وتُتهم سياسات الإدارة الأمريكية السابقة بأنها مهدت الطريق لحدوث أزمة لاجئين دولية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، بسبب تلكؤها في اتخاذ خطوات رادعة طوال السنوات الست من الحرب في سوريا.
على الرغم من كل ذلك لم تستقبل واشنطن من ملايين السوريين النازحين واللاجئين سوى 12 ألفًا فقط، وأكدت مؤسسات أمريكية معنية برعاية اللاجئين عدم تسجيلها لأي عمل إرهابي يقف خلفه لاجئ سوري.
العراق
بعد فترة وجيزة من الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله عام 2003 إبان رئاسة جورج بوش الابن، دخل هذا البلد الغني بالموارد الطبيعية، أتون حرب مذهبية لم يعهدها طوال تاريخه، عصفت بحياة مئات الآلاف من أبنائه، وقلبت حياة المدنيين من شماله إلى جنوبه رأسا على عقب.
وفشل أوباما بتحقيق وعوده بجلب الاستقرار والأمن، لتعلن واشنطن سحب جنودها 2011، ويتفاجأ العراقيون بعدها بقرار حظرهم دخول أمريكا.
ليبيا
بقرار من الأمم المتحدة تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا، بعد الثورة التي شهدتها ضد حكم معمر القذافي، في آذار/مارس 2011، وبعد مقتل القذافي في أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، لم يتحقق الاستقرار والسلام في ليبيا، بل على العكس تماما سيطر مسلحون من تنظيم داعش على العديد من المناطق والمدن فيها.
في أغسطس/آب 2016 أعلن أوباما المشاركة في قصف مواقع تنظيم داعش في ليبيا، وفي اليوم الأخير من ولايته في 19 يناير/كانون الثاني 2017 وافق على مشاركة القاذفات بي-2 في عمليات القصف.
اليمن
بعد الانقلاب الذي شهده اليمن عام 2015 وسيطرة القوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح ومسلحي الحوثي على العاصمة، قررت المملكة العربية السعودية في حزيران/يونيو من نفس العام، قيادة تحالف عربي ضدهم، لتدخل واشنطن التحالف أيضا بإعلان أوباما تقديم الدعم اللوجستي والجوي للتحالف.
حالة عدم الاستقرار في اليمن أوجدت البيئة المناسبة لنشاط تنظيم القاعدة وتنظيمات إرهابية أخرى، لتسيطر على مناطق كبيرة في اليمن، الأمر الذي دفع واشنطن لزيادة حدة غاراتها في اليمن.
وما يلفت النظر أنَّ أول أمر لسيد البيت الأبيض الجديد، بشن عملية عسكرية كانت بقصف مواقع القاعدة في اليمن.
الصومال
أما الصومال التي لم ينقطع صوت هدير الطائرات الأمريكية عن سمائها لسنوات، بحجة محاربة حركة الشباب، لم يجد الاستقرار أيضا.
تعتمد واشنطن في طلعاتها الجوية في سماء الصومال على طائرات بدون طيار وإلى الآن لم يجد الصومال الأمن والاستقرار.
وإلى جانب هذه الدول أضافت الخارجية الأمريكية مواطني كلا من السودان وإيران إلى قائمة المحظورين من دخول أمريكا، لاتهامهما بدعم الإرهاب وتمويله.
إرهابيو أمريكا من أين يأتون ؟
في مقال نشرته مجلة أتلانتك الأمريكية، حمل توقيع “أوري فريدمان” تحت عنوان “إرهابيو أمريكا من أين يأتون” يرى الكاتب أنَّ الدول السبع الواردة في اللائحة السوداء لإدارة ترامب لا تعكس الحقيقة بتاتا.
وبحسب المقال لم تسجل أي حالة قتل بدوافع إرهابية لمواطني الدول السبعة بين عامي 1975-2015، ويبين الكاتب أنَّ خلال هذه الفترة، حوكم 6 إيرانيين و6 سودانيين وصوماليان وعراقيان ويمني تحت تهم علاقتهم بالإرهاب.
ويستطرد المقال في الحديث عن اللاجئين السوريين، ويؤكد عدم تسجيل أي حالة قتل للاجئين سوريين، حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية.