فرحة عارمة عاشتها غزة بعد إنهاء حكم مباراة مصر وبوركينا فاسو في المربع الذهبي لبطولة أمم إفريقيا المقامة بالغابون، والتي انتهت بفوز الفراعنة بضربات الترجيح وتأهلهم للمباراة النهائية.
ولم يمنع الطقس شديد البرودة الجماهير من الخروج ليلًا، والالتفاف حول شاشات عرض كبيرة لمتابعة مباراة المنتخب المصري أمام نظيره البوركيني.
وعلى أرض واسعة تُعرف محليا باسم “السرايا”، بدا المشهد كرويًا صاخبًا، وهو يبدد ساعات الهدوء المعتادة في شوارع القطاع المحاصر.
ورفع المشجعون العلمين المصري والفلسطيني، ولافتات تؤازر اللاعبين، من أبرزها “قلوبنا مع مصر الشقيقة” و”الكأس مصرية”.
وعرضت مؤسسة أمواج الإعلامية الرياضية (غير حكومية) والتي يديرها عبد السلام هنية عضو المجلس الأعلى للشباب والرياضة شاشات العرض في مبادرة حملت اسم “في حب مصر”.
وقال هنية (نجل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية) في تصريح مكتوب تلقت الأناضول نسخة منه، إن “هذه اللفتة لمؤازرة وتشجيع المنتخب المصري الشقيق، المنتخب العربي الوحيد المنافس في البطولة الإفريقية”، بعد خروج المغرب وتونس والجزائر.
وأكد هنية، أنه تم ترتيب كافة الأمور الفنية بمساعدة رابطة مشجعي نادى الزمالك والأهلي بفلسطين من أجل خروج هذا التجمع بصورة مشرقة وجميلة والتي تؤكد عمق العلاقات بين الشعبين المصري والفلسطيني.
وتوافدت الجماهير على ساحة السرايا من أجل مؤازرة المنتخب وتشجيعه، وتعبيرًا عما يكنه الفلسطينيون خاصة سكان قطاع غزة من مشاعر حب وتقدير لمصر كما يقول رمزي رجب للأناضول.
ويضيف رجب (42 عامًا) الذي اصطحب ثلاثة من أبنائه: “تربطنا بمصر علاقة وثيقة، لا تتعلق بالجغرافيا وحسب، إنما في كل تفاصيل الحياة، وجئنا هنا كي نهتف باسمها، (..) لقد غمرتنا الفرحة بهذا الفوز الكبير”.
الشاب العشريني أحمد عبد الرحمن قال إنه جاء رفقة أصدقائه لمتابعة المباراة ومؤازرة المنتخب المصري.
وأضاف: “رغم برودة الطقس، جئنا كي نصفق لمنتخب الفراعنة، نحن قلبًا وقالبًا مع مصر”.
وحتى آخر دقيقة من عمر المباراة توافد الغزيّون على المقاهي التي تتنافس في خطب ود عشاق كرة القدم، وجذب جماهيرها، من خلال توفير شاشات عرض ضخمة لمتابعة مباريات كأس أمم إفريقيا.
واهتمت الصحف الفلسطينية والمواقع الإلكترونية بتغطية أخبار المنتخب المصري خلال البطولة.
وعقب انتهاء المباراة قامت الإذاعات المحلية التي نقلت المباراة ببث أغاني في حب مصر ومنتخبها.
الإعلامي الرياضي وائل عويضة رأى في تشجيع سكان قطاع غزة لمنتخب مصر، امتدادًا لما وصفه بحالة الارتباط الوثيقة بين الطرفين.
وقال عويضة للأناضول: “فلسطين وخاصة غزة عرفت كرة القدم من مصر، ونشأت على حب الأهلي والزمالك، أول كرة قدم شجعتها هي مصر، فليس من الغريب وحتى في أحلك الظروف أن يشجع الفلسطينيون مصر”.
وكانت مشاعر التضامن مـع مصر قد وصلت لقمتها في بطولة كأس أمم أفريقيا لعام 2008 (توّجت بها مصر) بعد أن أظهر اللاعب المصري محمد أبو تريكة قميصًا ارتداه تحت قميص اللعب مكتوبًا عليه “تعاطفًا مع غزة” بالعربية والإنجليزية، بعد تسجيله هدفًا خلال مباراة منتخب بلاده أمام نظيره السوداني.
ويقول عويضة: “تعاطف أبو تريكة مع غزة المحاصرة جعل من الكرة المصرية أيقونة بالنسبة لسكان القطاع”.
وإضافة للتاريخ والجغرافيا والقرب بين غزة ومصر، رأى الإعلامي الرياضي في هذه الخطوة محاولة استثمار من المسؤولين الرياضيين بغزة للعلاقة الجيدة التي تشهدها المستويات الرسمية بين حماس التي تسيطر على القطاع ومسؤولين مصريين.
وتابع:” الرياضة وجه للسياسة، ولا أحد ينكر أن الحديث عن التقارب بين حماس ومصر، الذي من شأنه أن ينعكس إيجابا على غزة له دور كبير في هذا التشجيع والالتفاف”.
وغادر وفد من الأجهزة الأمنية التابعة لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، مساء الثلاثاء، قطاع غزة، عبر معبر رفح البري إلى مصر، في إطار استمرار اللقاءات والتشاور المشترك بين الطرفين.
كما توجه إسماعيل هنية، في 23 يناير الماضي إلى القاهرة، للقاء مسؤولين مصريين، وأكد عقب عودته إلى غزة في تصريحات للصحفيين، أن العلاقة مع مصر تشهد “نقلات نوعية” و”إيجابية”، ستظهر نتائجها في الأيام القادمة.
وأوضح أنه جرى الاتفاق مع المسؤولين المصريين على استمرار اللقاءات والتشاور المشترك بين الجانبين.
وكانت العلاقة بين حماس ومصر شهدت توترًا ملحوظًا عام 2013، منذ الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديموقراطيًا في البلاد.