ندد عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب “مصر القوية”، والمرشح الاسبق في انتخابات الرئاسة، بالأوضاع الراهنة في مصر، معتبرا أن “مصر تعيش جمهورية الذعر”، وشدد في الوقت نفسه على أن ثورة 25 يناير/ كانون ثان 2011 “باقية وستسترد عافيتها”، مستشهدا بالاحتجاجات على محاولة النظام الحاكم “التفريط” في جزيرتي “تيران وصنافير” للسعودية.
ومحذرا، في مقابلة مع الأناضول، من أن يتحول “الغضب الشعبي المكتوم” إلى “فوضى أو ثورة جياع”، اعتبر أبو الفتوح أنه “من الأفضل” للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أن يرحل عن السلطة، بعد أن “فشل” في إدارة البلد، ما أفقده “شعبيته”. كما شدد في الوقت نفسه أن خلافه مع السيسي ليس شخصي وانه لن يتردد في لقاء الرئيس المصري إذا طلب ذلك..
واعتبر أبو الفتوح أن “أداء السيسي كفيل بإسقاطه” إذا أجريت انتخابات رئاسية حقيقية عام 2018، لكنه استبعد إجراء انتخابات حقيقية، في ظل “الحصار السياسي والأمني والإعلامي”، وندد في الشأن الخارجي بتوتر علاقات مصر مع دول عربية وإسلامية، مثل “قطر والسعودية وتركيا”.
وأطاحت ثورة يناير بالرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك (1981 – 2011)، ثم أجريت في العام التالي انتخابات رئاسية نافس فيها أبو الفتوح، وفاز بها محمد مرسي، الذي استمر في الحكم عاما واحدا، ثم أطاح به الجيش، عندما كان السيسي وزيرا للدفاع، في ظل احتجاجات كانت تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، وذلك في خطوة يعتبرها مصريون “انقلابا عسكريا”، ويراها آخرون “ثورة شعبية استجاب لها الجيش”.
“الثورة الوحيدة”
رئيس حزب “مصر القوية” قال إن “ثورة يناير ثورة عظيمة علينا أن نفخر بها، بعيدا عن التعثر الذي تسبب فيه النظام الحاكم بأجهزته المختلفة الفاسدة والمفسدة، فالثورة وضعت أبناءها على بداية المسار الديمقراطي”.
وتابع بقوله: “للأسف أسلوب إدارة النظام الحاكم والأداء السئ للمجموعة الاقتصادية بالحكومة أدى إلى غياب العدالة الاجتماعية التي نادت بها الثورة، فزادت نسبة الفقراء، خاصة أن النظام ينفق موارده المالية على مشروعات ربما تخدم الوطن لكن ليس لها الأولوية، كما نعيش في مصادرة للحريات والمجال السياسي”.
أبو الفتوح اتهم النظام الحاكم بـ”الفشل على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”، مشددا على أن “هؤلاء لن يسامحهم الشعب، وسيأتي يوما يسقطهم فيه، وستظل الثورة باقية وستسترد عافيتها”.
وتابع أن “قيادات الجيش المصري تفخر بثورة يناير، وتصفها بأنها ثورة وطنية، وتقول إنها تنتمي إليها (…) لكن بعض أبناء المؤسسة العسكرية، التي لا نزال نفخر بها، أعاقوا الثورة بتصرفات لا يجوز فعلها.. والآن النظام يطلق أبواقه الإعلامية لتشويه من شاركوا في الثورة بترديد أنهم عملاء وخائنون لوطنهم”.
فوضى وثورة جياع
ردا على سؤال بشأن إن كانت مصر، كما يردد البعض، بحاجة إلى ثورة جديدة، أجاب رئيس حزب “مصر القوية” بأن “الشعب المصري صبور، لكنه لا يرضى بالذل والإهانة.. صمت الشعب حاليا المسؤول عنه هو فشل الرئيس في إدارة البلد.. هذا غاضب صامت شديد الخطورة على الوطن”.
وموضحا، تابع أن “البعض يقول إن ثورة يناير ماتت، والشعب لم يعد يحركه أي شي، لكن كل ذلك بهتان يُراد به نشر مزيد من اليأس والإحباط الذي هو رصيد للفاشية والديكتاتورية التي تحكم الوطن، وما رأيناه من انتفاضة الشعب في قضية تفريط السلطة المصرية في جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية يؤكد أن هذا الصمت هو غضب من الأوضاع الراهنة”.
وشهدت مصر احتجاجات شعبية على قرار الحكومة المصرية، في أبريل/ نيسان الماضي، بـ”أحقية” السعودية في جزيرتي تيران وصنافير عند مدخل خليج العقبة في البحر الأحمر، بموجب اتفاقية لإعادة ترسيم الحدود وقعها الطرفان في الشهر ذاته.
وتقول الحكومة المصرية إن الجزيرتين تتبعان السعودية، وخضعتا للإدارة المصرية عام 1950 باتفاق ثنائي بين القاهرة والرياض، بهدف حمايتها نظرا لضعف القوات البحرية السعودية آنذاك، وكذلك لتستخدمها مصر في حربها ضد إسرائيل حينها.
أبو الفتوح جدد تحذيره من أن “يقودنا الغضب المكتوم إلى فوضى وثورة جياع، وهذا من أشد المخاطر على الوطن.. أتمنى أن يفرق الشباب الغاضب للغاية بين الثورة والفوضى، فنحن مع الشعب إذا أراد تغيير النظام سليما”.
“لن أتردد في لقاء السيسي”
رغم اعتبار السياسي المصري أن السيسي بلغ الرئاسة عبر انقلاب، إلا أنه شارك في اجتماع للسلطة الجديدة بعيد الإطاحة بمرسي.
وعن هذا الوضع قال أبو الفتوح: “منذ 3 يوليو (تموز 2013) أعلنت موقفي بأن ما حدث انقلاب.. نحن نفرق بين مظاهرات 30 يونيو/حزيران (من العام نفسه)، التي شاركنا فيها للضغط على الرئيس مرسي لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وبين ماحدث في 3 يوليو/تموز (الإطاحة بمرسي)”.
وتابع: “حين شاركت في اجتماع 5 يوليو/تموز (2013) كنت أعرف أنه لقاء مع الرئيس المعين (عدلي منصور) من قادة الانقلاب.. كان هدفي أن أقول في مواجهته إنه لا مشروعية له ولا لما حدث بعد 30 يونيو، إلا بإجراء استفتاء شعبي على ما أعلنه وزير الدفاع آنذاك الفريق عبد الفتاح السيسي (الإطاحة بمرسي)، وإذا لم تفعلوا فإذا أنتم سلطة غير مشروعة”.
واعتبر أن “هناك أطرافا كارهة للتيار الثالث الذي لا يرتبط بجماعة الإخوان (المنتمي إليها مرسي) ولا بالنظام العميق تحاول تشويه مواقف هذا التيار، الذي أشرف أني أمثله، ولن أتردد في لقاء أي مصري مهما كانت درجة خلافي معه”.
وبالنسبة لرفضه حضور لقاءات السيسي عام 2015 مع رؤساء الأحزاب السياسية، أجاب: “لم يكن اعتذراي من باب العنترية أو الانتهازية، فأنا أمارس السياسة بشرف.. قلت لهم إنه سيكون مجرد لقاء إعلامي، وأنا لا أشارك في لقاءات إعلامية كي نلتقط صورا.. لن أتردد في لقاء السيسي إذا طلب اللقاء بي، حتى أبلغه بالبلاء الذي حدث في مصر، وهو أحد أسبابه، فهذا حقه علينا وواجبي تجاهه”.
وتابع بقوله: “كما كنت أعارض مبارك، أعارض سياسات السيسي وليس شخصه، في حزب مصر القوية نختلف مع إدارة السيسي للوطن ومصادرته للحريات والاعتداء على شرفاء الوطن حتى بلغ الأمر حد وضع أمثال محمد علي بشر (وزير سابق ومفاوض عن جماعة الإخوان)، ومحمد أبو تريكة (لاعب كرة قدم دولي معتزل)، وأبو العلا ماضي (رئيس حزب معارض) على قائمة الإرهابيين”.
“جمهورية الذعر”
السياسي المصري وصف “قائمة الإرهابيين” بأنها “كارثة، وليس فيها أي احترام للدستور.. المواطن ينام ويستيقظ فيجد اسمه في قائمة الإرهابيين دون أن يرتكب حتى مخالفة لقواعد المرور.. هذا فضلا عن الزج بآلاف المصريين في المعتقلات لتصفية خصومات سياسية، وسن قوانين مثل قانون الكيانان الإرهابية.. كل ذلك بهدف نشر الذعر في المجتمع حتى أصبحنا نعيش في جمهورية الذعر”.
وعما إذا كان يتعرض لأي تضييق أمني باعتباره رئيس حزب معارض، أجاب: “نتعرض لحصار رهيب، فبعد أن كان لدينا 92 مقرا للحزب، أصبحنا لا نملك سوى مقرا واحدا، وهناك تخويف لكل من يريد أن يمول الحزب، فأصبحنا نجمع ثمن إيجار المقر الرئيسي من أعضاء الحزب، ونحن ممنوعون من عقد أي مؤتمرات”.
واعتبر أنه “في مصر الآن، إما أن تسير في ركب السلطة وتنافقها وتتبرع لصندوق تحيا مصر (حكومي)، أو تُحاصر سياسيا وإعلاميا وتُلاحق أمنيا، وبعض أعضائنا مهددون، بل إن نائب رئيس الحزب، محمد القصاص، تم إدراجه على قائمة الإرهابيين”.
ورغم أنه ترك جماعة الإخوان المسلمين عام 2009، إلا أن البعض لا يزال يحسبه على الجماعة، وهو وضع علق عليه أبو الفتوح بقوله: “فخور بالفترة التي قضيتها في جماعة الإخوان، هذا التيار الإسلامي السلمي الوسطي.. وحين حدث انحراف في القيادة، غادرت الجماعة، ولا يشغلني أن يحسبني أحدا عليها.. وليس من الشرف مهاجمة الجماعة في ظل ما تتعرض له من ظلم وعدوان”.
السيسي وانتخابات 2018
حتى الآن لم يعلن السيسي صراحة إن كان سيترشح أم لا لانتخابات الرئاسة عام 2018. وردا على سؤال بشأن إن كان هناك من يستطيع منافسة السيسي إذا خاض الانتخابات، أجاب رئيس حزب “مصر القوية”: “بالتأكيد يوجد كثيرون.. أداء السيسي كفيل بإسقاطه، سواء بسياساته التي تنتهك الدستور والحريات، أو إدارة المجموعة الاقتصادية الفاشلة للبلد، أو الحكومة التي تحولت إلى سكرتارية خاصة للرئيس”.
وأضاف أن “السيسي كانت له شعبية في البداية، حين تصور الناس أنه جاء لينقذهم من الفوضى والسياسات الخائبة وتنظيمات دينية تريد أن تفرض رأيها على الوطن، لكنه خسر هذه الشعبية، وبكل صدق وتقدير له أتمنى أن يرحل السيسي سالما بعيدا عن الرئاسة”.
واعتبر أنه “مع اجتهاد السيسي وحسن نيته، إلا أنه غير قادر على إدارة البلد، فهو أشد فشلا من مرسي، وأتمنى له كل خير، ليس في حكم مصر، ولكن مع أسرته، فهو رجل خير يمكنه خدمة الوطن في مكان آخر”.
وعما إذا كان يعتزم الترشح لتلك الانتخابات، أجاب: “عندما توجد انتخابات حقيقية (بلا تزوير)، فلن أتردد في الترشح إذا كان ذلك يخدم الوطن.. أمتنعت عن الترشح في الانتخابات الماضية؛ لأنها لم تكن انتخابات.. الوضع الحالي ليس أجواء انتخابات، ولا تمارس فيه السياسة بشكل حقيقي، وإنما يُمنع الناس من التعبير عن رأيهم ويحاصرون سياسيا وأمنيا وإعلاميا”.
العلاقات مع قطر والسعودية وتركيا
بالنسبة للسياسة الخارجية للرئيس المصري، قال الفتوح: “أحيانا أشعر أن النظام يقيم علاقات مع بعض الدول من باب المكايدة السياسية.. مصر بتاريخها وقيمتها وقدرها لا يجوز ومن العيب سياسيا وأخلاقيا أن تكون علاقاتها متوترة مع دول عربية وإسلامية، خاصة قطر والسعودية وتركيا”.
وتابع أن “العالم العربي والإسلامي، سواء حكومات أو شعوب، ينظر إلى مصر باحترام وتقدير، ولا أجد مبررا لتوتر علاقاتنا مع تركيا، فإذا كان للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، رأي خاص تجاه الرئيس السيسي، فلا يمكن أن تتوتر علاقتنا بتركيا، فالعلاقات مع دول وليس مع أشخاص”.
كما اعتبر أبو الفتوح أنه “من العبث توتير علاقاتنا مع السعودية وقطر، فالعلاقات يجب تقوم على تبادل المصالح مع الدول، وليس بناء على آراء وتوجهات لأشخاص، وأنا ضد أي تدخل مصري أو محاولة استقطاب الجيش المصري للدفاع عن أي وطن آخر، فالجيش المصري مهمته الدفاع عن أرض مصر فقط”.