بعد ستة أعوام من ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 في مصر، هل يمكن استعادة روح هذه الثورة مرة أخرى، هذه الروح التي وحّدت كل المصريين باختلاف توجهاتهم وأطيافهم ضد الظلم والاستبداد، مطالبين بالعيش الكريم، والحرية، والكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية، أم ستظل الأمور تراوح مكانها في الخلاف بين المعارضين لنظام تجبّر، ووصل إلى الحالة القصوى من الاستبداد والديكتاتورية، وإهانة المواطن المصري في كل مكان، بل للخيانة بكل معانيها؟!
هل يمكن أن نتناسى الخلافات الفرعية، والقضايا الهامشية، وننتقل فورًا إلى العمل المشترك، والهدف الواحد، وهو إزاحة هذا النظام العسكري المستبد، الذي جثم على قلوب المصريين لعقود، وانقلب على المسار الديمقراطي، وأدى إلى تدمير كل مؤسسات الدولة، وتقزيم دولة كبيرة مثل مصر، وإهدار وانتهاك حقوق المصريين؟!
فالجميع يلاحظ أن نيران الثورة المضادة بكل عنفوانها وأدواتها، عادت من جديد، والحكم العسكري وحصاده المرّ يتسع ويشمل كل شيء، فالأسعار تلفح الجميع، والسجون تكتظ بعشرات الآلاف من الأحرار من كل الأطياف، والسيسي يبيع الأرض جهارًا نهارًا، ثمنًا لبقائه على مقعدٍ لا يستحقه، والمصانع والشركات تضج بشكوى أصحابها وعمالها.
ومع إدراك الجميع لخطورة استمرار الحكم العسكري، وما جرّه من ويلات، تتجدد آمال وطموحات لاستعادة مكتسبات ثورة يناير، وتحقيق كامل أهدافها، عبر استعادة روح الثورة التي جمعتنا ميادينها من قبل، والتي أثبتت أننا (مع بعض نقدر)، لذا أُثمّن حملة “يناير يجمعنا”، التي انطلقت منذ أسابيع للعودة مرة أخرى لروح يناير، لأننا فعلاً مع بعض نقدر نحمي أرضنا وحدودنا وجزرنا ونيلنا وغازنا، ونقدر نُرجع الأمن والأمل والاستقرار لبلدنا، ونسترد إرادتنا ومكتسبات ثورتنا، ونحمي أمننا، ونُرجع الجيش لشعبه، مع بعض نقدر نرجع الثروة التى نهبها العسكر من خير بلدنا، ونعطي لكل مظلوم حقه في عيش وحرية وعدالة وكرامة، ونكسر حاجز الخوف ونبني وطن يجمعنا، ونؤسس لدولة القانون ونهدم دولة المحسوبية، وتبقى مصر لكل أبنائها، مع بعض نقدر نجعل مؤسسات بلدنا تشتغل لينا، ونهدم سجون الظلم، لينعم المعتقلين بالحرية، ونعيد العدل، ونوقف الأحكام الظالمة والمحاكمات العسكرية للمدنيين، مع بعض نقدر نُدير عجلة الإنتاج ونشغّل مصانعنا، ونوفر علاج لكل مريض وسكن لكل محتاج، ونوقف نزيف الديون ونزيد من مواردنا، ونواجه الفساد ونحاكم الفاسدين، مع بعض نقدر يجمعنا ميدان الحرية والكرامة الإنسانية.
ولتكن هذه المبادئ التي يسعى إليها كل حر شريف، وطرحها أخيرًا مجموعة من خيرة رجال مصر، هي الجامعة لكل المخلصين لإنقاذ مصر من كل طاغوت، حتى يكون الشعب هو مصدر السلطات، ومبادئ الدولة المدنية هى المرجعية الأساسية للدولة المصرية، بما يحقق أهداف الشعب في التقدّم والتخلّص من الاستبداد والفساد.
وأن تكون هوية مصر وطنية عربية إسلامية، يشارك فيها كل أبناء مصر مسلموها ومسيحيوها، وكل فئات المجتمع، شبابها وشيوخها، رجالها ونسائها، وأن تكون المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات، وعدم التفرقة على أساس الدين أو اللون أو النوع أو الطبقة أو الانتماءات السياسية.
وأن تبقى مصر دولة مدنية ديمقراطية وفقًا لقواعد التداول السلمى للسلطة، وأن تكون مهمة الجيش حماية الحدود والأمن القومي، وأن نحافظ على الاستقلال الوطنى، والخروج من التبعية حفاظًا على أمننا، والمصالح الاستراتيجية للوطن.
وأن تُدار عملية التحول الديمقراطي دون إقصاءٍ لأحد، مع الاتفاق على مرحلة انتقالية توافقية، بما يحقق تمكين الشباب والمرأة في القيام بأدوارهم المهمة في الدولة والمجتمع.
وأن تكون العدالة المتكاملة هى أساس الدولة الحديثة؛ وتتحقق بتوزيع عادل للثروات، واستقلال القضاء، والعدالة الانتقالية. لعل ذلك يكون قريبًا.