في القرن العشرين، وتحت سطوة نظرية التطور التي فسَّرت تعقيد الأحياء مادياً من دون أن تحتاج إلى المفارق، وتحت سطوة نظرية سير إسحاق نيوتن التي فسَّرت الكون ميكانيكياً صرخة الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشة صرخته الشهيرة “لقد مات الإله، ونحن الذين قتلناه”، أرد نيتشة أن يحاجج بأن ابتعاد الثقافة الغربية عن الإيمان واتجاهها نحو العلم أدى إلى إلغاء الحاجة إلى الله، وتجاوز هذه الفرضية وتهميشها،
لكن هل العلم فعلاً قتل الإله؟ لندع العلم يتكلم هو عن نفسه بنفسه، ماذا لو كانت الشمس أقرب إلى الأرض مما هي عليه أو أبعد؟ وماذا لو لم يكن هناك غلاف جوي؟ وماذا لو كانت الجاذبية أقوى مما هي عليه؟ وهل هناك حكمة في الكون أصلاً؟ هل يوجد نظام؟ هل هناك من بصمة تدل على وجود إله رحيم حكيم ؟ الإجابة نعم بتأكيد وفي هذا المقال بعض الأمثلة على ذلك .
إن هذه الشمس الملتهبة مهمة للحياة ومن شروطها الضرورية التي لايمكن أن تقوم الحياة من دونها، فهي مَن ترسل الحرارة والضوء الضروريين للحياة، ولو لم تكن موجودة لكان الزمان عبارة عن ليل، ولكان الكون عبارة عن كتلة ثلج لا حياة فيها. تبلغ درجة حرارة الشمس 12 مليون دراجة، ومعروف أن الماء يتبخر عند دراجة 100، فلو كانت الشمس قريبة عن المسافة التي هي عليها الآن لتبخَّرت كل المياه الموجودة على سطح الأرض، وهذا يعني لا حياة، أما لو كانت بعيدة فلن يصل لنا إلى قليل من الحرارة، وإن كان الأمر كذلك، فإن كل ما عليها من ماء سيتجمد ويتحول إلى جليد، وهذا يعني أنه لا حياة أيضا إن مسافة الشمسً عليها أن تضبط بعناية لكي تكون في الأرض حياة.
كما يجب أن يضبط حجم الأرض هو الأخر فلو كانت الأرض أكبر مما هي عليه، فإنها ترتفع جاذبيتها، وإن ارتفعت ستمتص الغازات السامة والقاتلة وبالتالي تنعدم الحياة، كما يجب ان يضبط سرعة دوران القمر فلو كان القمر يدور بسرعة أقل لاصطدم بالأرض بسرعة فائقة، وهذا يعني نهاية للأرض، ولو كان يدور بسرعة أكبر لابتعد عن الأرض، ولفقدنه،
الغلاف الجوي مهم للغاية هو الآخر،و في حالة انعدامه، فإن الأرض عُرضة للنيازك والشهب الموجودة في الفضاء، كما أنه بإنعدم الغلاف الجوي سينعدم الأكسجين، وتفنى كل مظاهر الحياة. إن الأكسجين الموجود في الغلاف الجوي هو بنسبة الصديقة للحياة وهي 21 بالمائة فلو كانت 22 لنشبت حرائق في الغابات ولو ارتفعت إلى 25 فإن الأرض ستلتهمها الحرائق يجب أن تضبط نسبة الأكسجين بعناية وهذا هو الحاصل
تدور الأرض في مدارها حول الشمس بسرعة 108 كيلومترات في الساعة، فسرعة الأرض هذه تكون فيها قوة جاذبية الشمس في غاية الأهمية، فلو حصل نقص في قوة جاذبيتها، فإن الأرض تضيع في الفضاء بسرعة فائقة، ولو أنه حدثت زيادة في قوة جاذبية الشمس، فإن الأرض تتجه نحو الشمس بسرعة كبيرة وتذوب وتتبخر،
هناك علاقة تجاذب بين الأرض والقمر، قوة جاذبية الأرض تفوق جاذبية القمر بنسبة أضعاف، ورغم ذلك فإن جاذبية القمر تؤثر في الأرض، وهذه الجاذبية تكون سبباً في عملية المد والجزر، فلو كانت جاذبية القمر أشد مما هي عليه، لكانت عملية المد والجزر أقوى، ولو كانت كذلك ستسبب مياه السواحل في كوارث للكرة الأرضية عامة، وللمناطق القريبة لها خاصة.
هناك قوة جاذبية أخرى تسمى جاذبية سطح الأرض، ينبغي لها أن تضبط بعناية، فلو كانت أقل مما هي عليه لأصبحنا نمشي على الفضاء، ولن نستطيع أن نضع أقدامنا على الأرض، ولن نتحرك بحرية، وكان سيقذف بنا من مكان إلى آخر كل دقيقة، وعندما تريد أن تتحرك داخل المدرسة أو القسم فأول خطوة لك يصطدم رأسك بالسقف، بصريح العبارة لن تكون هناك حياة، ولو زادت هذه الجاذبية على ما هي عليه، فإنه علينا أن نتحرك زحفاً، وبدلاً من أن نسمى الإنسان العاقل، فإننا سنسمى الإنسان الزاحف، وعموماً لن تكون عيباً؛ لأن الكل عليه أن يزحف بما في ذلك الطيور.
إن الغلاف الجوي يمارس ضغطاً كبيراً على كل واحد منا يبلغ أطناناً، وعوض أن نسحق تحت هذا الضغط، فإننا نحيا حياة طيبة، فلو لم يكن هذا الضغط لتحرك الدم الذي ينتقل بسرعة في عروقنا إلى الخارج، وإذا لم يحدث توازن بين ضغط الدم وضغط الغلاف الجوي، فإن عروق أجسامنا تتفجر تحت الضغط المرتفع، إن الكون يملك في كل جزء منه بصمة من بصمات الإله الرحيم الحكيم ، إلا أن المقام لا يسمح بسردها هنا نحتاج إلى كتاب من ألف صفحة وليس مقالا.
هناك من قام بحساب احتمالية حدوث نظام كهذا بدون الحاجة للإله، وهو البروفيسور البريطاني روجر بنروز، صاحب الفيزيائي ستيفن هوكنغ، وصاحب كتاب أباطرة العقل الحديث، فوجد أن النسبة هي 1 مقسوم على 10 قوة 10 قوة 123، وهذا الرقم ليس له تعريف رياضي حتى الآن، وبعد هذا لنا أن نسأل هل فعلاً مات الإله؟