حصلت مصر من أعظم مشروع استثماري على وجه الأرض وهو قناة السويس على 5 مليارات دولار سنويا فقط, في حين تقول كل التقديرات إن قناة السويس أعظم ممر ملاحي في قلب العالم.. يجمع الشرق بالغرب.. والشمال بالجنوب. ويحقق أسطورة ملاحية ليس لها مثيل في العالم..
ويؤكد الخبراء حسبما ذكرت صحيفة الأهرام أن هذه الأسطورة يجب أن تحقق 100مليار دولار سنويا لو تحققت ثلاثة مطالب فقط يطرحها الخبراء لتحقيق الحلم المصري.
من جانبه يؤكد د. أسامة عقيل أستاذ الطرق والمرور بعين شمس أن من أسباب انخفاض إيرادات القناة هو تسابق العالم الآن للحصول على نصيب من كعكة نقل التجارة العالمية، حيث قامت بنما بتوسيع قناتها وسوف يؤثر ذلك على نصيب قناة السويس.. كما يجري الآن تنفيذ محاور للنقل التجاري العالميI.T.Cومحاور تربط أوروبا بغرب آسيا.. ومحور نقل إسرائيلي بين إيلات وأشدود وتفكر في قناة بين البحرين ـ وكلها مشروعات تهدد قناة السويس.
لماذا تهرب السفن من القناة؟
أما د. عبد التواب جماح المستشار الاقتصادي لقناة السويس فيقول: "إن طاقة القناة الآن إن مقدرة المجرى الملاحي تحدده عرض القناة (05 متر) والغاطس الحالي (0 2 مترا) وطبقا لتقارير بيت الخبرةISLفإن الأسطول العالمي للسفن يبلغ 10آلاف و 35 ناقلة بترول, و8 آلاف و652 سفينة بضائع صب جاف, وهما نوعان من السفن العملاقة التي لا تستطيع عبور القناة الآن وهي محملة تحميلا كاملا.. والطاقة الحالية لقناة السويس قادرة على استقبال جميع السفن بشرط أن تكون فارغة أو بحمولة جزئية"!!
ويضيف مستشار القناة أن السفن المحملة تحميلا كاملا فإن غاطسها أكبر من عمق القناة وهي تمثل56% من ناقلات البترول الخام و94% من ناقلات الصب الجاف.. و100% من حاملات الحاويات.
ولذلك تضطر بعض حاملات البترول العملاقة الآن إلى تفريغ جزء من حمولتها في خط أنابيب البترول سوميد في السخنة ثم تعبر القناة وتستعيد حمولتها وتستكمل رحلتها, وهو إجراء معطل, حيث قامت به خلال العام الماضي (1409) ناقلات بترول عملاقة.
التفريعات لا تكفي
ويشير د. حجاج إلى أن مجرى القناة لا يسمح إلا بمرور سفينة واحدة.. وقد تم إنشاء بعض التفريعات ليكون المجرى مزدوجا في بعض المناطق ليحقق السيولة وهي ( تفريعة بورسعيد 36كم.. وتفريعة الملاح9 كم.. وتفريعة التمساح 37.5كم).. ولما كان طول القناة 166كم, فإن المسافة غير المزدوجة تبلغ 92كم.
غاطس القناة يضيع المليارات
ونأتي إلى واحدة من المشكلات الكبرى التي تعوق الحركة في قناة السويس وهي غاطس القناة.. إن عمق التفريعات لا يتجاوز الآن 48 قدما, ويجري الآن تعميقها إلى 52 قدما.. ولكن ذلك لن يكفي لمرور السفن العملاقة وتحميلها كاملة.. وأنه لابد من تنفيذ الدراسات التي طالبت بأن يكون أعماق المجرى الملاحي والتفريعات إلى 27 قدما أي ما يوازي32 مترا مع زيادة العرض بما يتناسب مع الغاطس المقترح لإمكان واستقبال السفن العملاقة بحمولتها كاملة, وإذا تحقق هذا الحلم فإن قناة السويس سوف تستوعب كل سفن العالم.
الحلم الأعظم
يقول المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين: إنه في اجتماعهم مع السفير ورجال الأعمال الأتراك أثير قلة دخل قناة السويس في وقت يصل دخل بلاد أخري كثيرة من ممرات بحرية ليس في أهمية قناة السويس أرقام تفوق ذلك بكثير.. وكشف الجانب التركي عن نيته في الاشتراك في مجالات لوجستية تعتمد على قناة السويس وتحقق أضعافا مضاعفة في الدخل والخدمات اللوجستية, كما يشرح المستشار الاقتصادي للقناة هي أنشطة داعمة للعمليات الإنتاجية مثل شراء المواد الأولية ونقلها وتخزينها والتأمين عليها, أو عمليات المناولة وعمليات التعبئة والتغليف والترويج والتخزين وجميع خدمات ما بعد البيع, ويساعد إنشاء هذه المراكز على جذب رءوس الأموال الأجنبية لإقامة مشروعات، واستقدام نظم تكنولوجية حديثة، وإيجاد خبرات فنية وإدارية متطورة، وفرص عمل، ويؤدي إلى ازدهار الميناء وتحويله إلى مركز للتوزيع وخدمات القيمة المضاعفة.
مواقع مقترحة
ويمكن تحديد المواقع المقترحة بمنطقة شرق التفريعة وهي قابلة للتوسع وإنشاء مدينة مليونية بها ومتوفر لها الآن البنية الأساسية (كهرباء وغاز طبيعي ومياه عذبة وطرق وسكة حديد ومطار) وأيضا منطقة الميناء الجديد في السخنة ويتوافر له ظهير بمساحات كبيرة وهي مؤهلة لجذب صناعات ومشروعات جديدة, وحتى يمكن تحويل إقليم قناة السويس إلى مركز اقتصادي عالمي بإنشاء مراكز لوجستية يقترح الخبراء كما يشرح المستشار الاقتصادي للقناة تشكيل هيئة رسمية تابعة لمجلس الوزراء تتولي تجميع الدراسات السابق إعدادها, ودعوة الجهات المتخصصة إلى ندوة لاقتراح خطة بتوقيتات زمنية لإحياء الفكرة.. ودعوة إحدى الشركات المتخصصة لإعداد إستراتيجية تنفيذية وتحديد المناطق الجغرافية المؤهلة ودعوة الشركات العالمية راغبة الاستثمار للتقدم بمشروعاتها.. والبدء فورا في تطوير البيئة التشريعية التي تخدم المشروع وتشجع الشركات العالمية للاستثمار في المناطق المقترحة.. ثم إعداد دراسات فورية عن احتياجات هذه المشروعات من تطوير البنية التحتية خاصة مشروعات ربط طرق وسائل النقل لخدمة المراكز اللوجستية المقترحة.
فكرة ساذجة
إن فكرة إنشاء قناة مصرية أخرى على الحدود الشرقية مع إسرائيل فكرة خاطئة لا تصلح من جميع النواحي كما يقول الخبراء:
أولا: لا تصلح من ناحية الأمن القومي لأنها ستكون رهينة تحتلها إسرائيل في دقائق ونضطر للحرب لحمايتها.
ثانيا: أن تكون هناك مسافة كبيرة بين القناتين يجعل إدارة القناة أمرا مستحيلا.
ثالثا: أن ذلك يجعل الميناء المحوري أمرا مستحيلا.
رابعا: أن خليج العقبة تشترك عدة دول فيه بخلاف خليج السويس الذي يقع كله داخل الأراضي المصرية.
خامسا: أن الخدمات اللوجستية تصبح صعبة لأنها لن تخدم إلا إحدى القناتين أو نضطر لعمل مركزين للخدمات اللوجستية واحد عند كل قناة وهذا أمر عالي التكلفة دون مبرر.
والأسباب كثيرة جدا في تأكيد أن المشروع الوحيد الممكن هو ازدواج القناة على امتداد ضفة القناة الحالية مع تعميق القناة الحالية لزيادة الغاطس.