بريطانيا تدفع أسبوعيا للإتحاد الأوروبي 350 مليون جنيه استرليني.. هيلاري كلينتون تدعم شبكة تحترف الجرائم الجنسية بحق الأطفال، وغيرها من “الأخبار المفبركة” التي غيّرت مجرى العالم في 2016، وكان لها تأثير كبير في تصويت البريطانيين للخروج من الإتحاد وفي فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية.
هذه النوعية من الأخبار أثّرت بشكل أو بآخر على نوايا التصويت، وعلى إيرادات شركات عملاقة، وعلى المسار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للعالم بأسره، ما جعل “ما وراء الحقيقة” مصطلح العام لقاموس “أكسفورد” الانجليزي.
اختيار برره القائمون على هذه الموسوعة اللغوية بأن مصطلح “post truth” أصبح “ركيزة التعليقات السياسية”، حيث ارتفع معدّل استخدامه بنسبة 2000 % في غضون عام واحد (2016).
** الـ 350 مليون جنيه استرليني و”البريكست”
تصريح للعمدة السابق للعاصمة البريطانية لندن، بوريس جونسون، رئيس الحملة الرسمية للخروج من الإتحاد الأوروبي، اعتبره مراقبون من بين العوامل الرئيسية التي حدّدت مسار استفتاء “بريكست” في يونيو/ حزيران 2016.
جونسون قال إن بلاده تدفع أسبوعيا 350 مليون جنيه إسترليني للمنظمة الأوروبية، مقترحا “استثمار هذا المبلغ –بدل ذلك- في تمويل المستشفيات في المملكة”.
تصريح قفز سريعا إلى اليافطات، لتعلّق الأخيرة على حافلة القائمين على الحملة الرسمية الداعمة للخروج، وتجد صدى واسعا بين البريطانيين الذين صوّت 52 % منهم لصالح الإنفصال عن الاتحاد.
واستمات أنصار “البقاء” تحت مظلة الإتحاد في نفي الرقم “الصادم” للعمدة السابق.
صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية ذكرت أنّ الرقم المذكور لا يأخذ بعين الإعتبار خصما تفاوضت عليه، في 1984، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، ويشمل 4.9 مليار جنيه، علاوة على مساعدات الإتحاد المخصصة لبريطانيا، والمقدّرة بـ 4.4 مليار، ما يعني حسابيا أنّ مساهمة البلد الأخير لا تتجاوز الـ 8.5 مليار جنيه استرليني سنويا، أي 163 مليون أسبوعيا.
نايجل فاراج، زعيم حزب استقلال المملكة المتحدة، هذا السياسي البريطاني الذي كرّس حياته من أجل خروج بلاده من الاتحاد، اعترف غداة الإستفتاء، أنّ الحجة المقدّمة من قبل بوريس جونسون لا أساس لها من الصحّة.
وأضاف: “ما كنت لأقطع مثل هذا الوعد، ولقد كان ذلك الخطأ الذي ارتكبه المعسكر المنادي بالخروج”.
** هيلاري كلينتون وشبكة الاستغلال الجنسي للأطفال
في أوج الحملة الرئاسية للمرشّحة الديمقراطية، اهتزت مواقع التواصل الإجتماعي على وقع “فضيحة مطعم البيتزا”، كما سمّتها الصحافة الأمريكية، على خلفية الإتهامات الرائجة بشأن “تورّطها” وعدد من مقرّبيها ضمن شبكة ترتكب الجرائم الجنسية بحق الأطفال، وتتخذ مطعم “بينغ بونغ بيتزا” الواقع شمال غرب واشنطن مقرا لها.
“الفضيحة” تفجرت في الـ 30 من أكتوبر الماضي، عبر تغريدة جاء فيها أن الشرطة الأمريكية تحقق في قضية ذات صلة بالإتجار بالأطفال، مرتبطة بالدوائر المقرّبة من كلينتون.
التغريدة سرعان ما استقطبت عددا هاما من مستخدمي الإنترنت، وأعادتهم إلى البريد الإلكتروني لأحد المقرّبين من المرشّحة، المسرّب ضمن وثائق “ويكيليكس” الشهيرة.
وتوصّلوا، استنادا إلى الوثائق المذكورة، إلى أنّ عبارة “بيتزا الجبن” الموجودة في أكثر من رسالة إلكترونية بالبريد الذي وقعت قرصنته، إنما تعني في الواقع “دعارة الأطفال”.
ونتيجة لما تقدّم، تلقى مدير المطعم وموظّفيه تهديدات عديدة بالقتل، بل إن القضية كادت أن تتّخذ منحى مأساويا، بداية ديسمبر الجاري، حين قطع أمريكي مسلّح مسافة 600 كم لـ “التأكّد شخصيا” من صحة الأخبار الرائجة، ليطلق حال وصوله إلى المطعم عيارين ناريين من بندقيته باتجاه السقف، مؤكّدا بذلك حقيقة مفادها أن “الأخبار الكاذبة يمكن أن تكون لها تداعيات على العالم الحقيقي”.
“علي” جوبيه: “كبير مفتي بوردو”
طوال الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي، في نوفمبر الماضي، منح بعض مستخدمي مواقع التواصل المرشّح ورئيس الوزراء الأسبق، آلان جوبيه، اسم “علي جوبيه”، ولقّبوه بـ “كبير مفتي بوردو” (مدينة تقع جنوب غربي فرنسا).
موقع “ريبوست لاييك”، قائد الحملة ضد المرشح اليميني، واتهم الأخير بالتواطؤ مع إحدى الجماعات الدينية المتشددة، مستندا في ذلك إلى العلاقة التي قال إنها تربط جوبيه بإمام مسجد بوردو الكبير طارق أوبرو.
واعتبر الموقع الفرنسي أنّ الإمام قادم من أوساط “اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا” المحسوبة بدورها على الإيديولوجيا المتشددة، في تقدير سيعرف خصم جوبيه في الاقتراع التمهيدي جان فريديريك بواسون كيف سيستثمره في ما بعد لاستبعاده من السباق.
غير أن التدقيق في هذه الرواية أثبت، وفق وسائل إعلام فرنسية، أن تسمية آلان جوبيه بلقب “علي جوبيه” يعود إلى منتصف الألفية الثانية، حين اعتزم “اتحاد مسلمي جيروند” بفرنسا بناء مركز ثقافي في بوردو، وكان جوبيه في ذلك الوقت أيضا رئيس بلديتها.
وبما أن الأخير أبدى، آنذاك، موافقته على الموضوع، فقد تحوّل إلى مرمى الإنتقادات ضمن جدل الهوية الذي لا ينتهي في فرنسا، واتهم بسعيه إلى تمويل تشييد “مسجد كبير” بالأموال العامة.
اتهامات لم تجد لها سندا واقعيا، بما أنه 10 سنوات بعد ذلك، لم يقع حتى الآن بناء أي مسجد في المنطقة المذكورة.
ومع أنه من الصعب تحديد تأثير هذا الأمر على الحملة الانتخابية لجوبيه الذي كان مرشحا بقوة لتمثيل اليمين الفرنسي في رئاسية 2017، قبل أن يطيح به رئيس الوزرء السابق فرانسوا فيون، في مفاجأة لافتة، إلا أن المؤكّد هو أن هذه المعطيات الكاذبة كان لها دور كبير في خسارته الإنتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي، وذلك باعتراف شخصي من جوبيه في تصريحات له.
بيان “كاذب” يرجّ أسعار أسهم “فينشي” الفرنسية
الأخبار “الكاذبة” لم تقتصر على عالم السياسة فحسب، وإنما طالت أيضا الجانب الإقتصادي، وكلّفت الكثير لمجموعة “فينشي” الفرنسية المتخصصة في المقاولات والأشغال العامة.
ففي 22 نوفمبر الماضي، انخفض مؤشر “كاك 40″، أحد أهم مؤشرات بورصة باريس، لشركة “فينشي” بحوالي 19 %، ليمر سعر السهم، في بضع دقائق، من 61.81 يورو إلى 49.93، قبل تعليق إدراجه بالبورصة.
أما عن سبب هذا الإنهيار المفاجئ، فيعود إلى معلومات كاذبة بخصوص حسابات المجموعة الفرنسية.
فقد تلقت أبرز وكالات الأنباء وبعض الصحف الفرنسية، بيانا جاء فيه أن الشركة تعلن إقالة مديرها المالي كريستيان لابيري، وذلك عقب اكتشافها لأخطاء في تقاريرها للسنة المالية 2015 والسداسية الأولى لـ 2016، حول مبلغ بقيمة 3.5 مليار يورو.
وفي أسفل البيان، ظهر اسم المسؤول الإعلامي للمجموعة الفرنسية، لكنه كان مرفقا برقم هاتف خاطئ.
البيان تسبب في وقوع بعض وسائل الإعلام في الخطأ، فكان أن نشرت الخبر “الكاذب”، ما أدّى في وقت لاحق إلى انهيار أسهم الشركة.