منذ ما يقارب الأسبوعين ويالتحديد منتصف ديسمبر ٢٠١٦م، كانت أول النتائج التي تظهر على محرك البحث جوجل باللغة اﻹنجليزية، حول صحة وقوع محرقة اليهود أو “الهولوكوست” هي “لا”.
تفاصيل الأزمة
ونشرت صحيفة “سيليت” الفرنسية تقريرًا حول إنكار محرك البحث جوجل لمحرقة الهولوكوست، فعند كتابة المستخدم لسؤال “هل حدثت محرقة الهولوكوست؟” تظهر النتيجة:” أسباب عدم وقوع المحرقة”
وقالت الصحيفة على موقع Google.com إذا كتبت “هل وقعت المحرقة؟ “ستظهر في النتيجة صفحة من موقع “ستورمفرونت” بعنوان “أهم 10 أسباب لعدم حدوث المحرقة”، وهو موقع لمجموعة من النازيين الجدد أنشأه زعيم سابق بتنظيم كو كلوكس كلان في ألاباما.
ومع تداول الأمر بشكل مضطرد على مواقع التواصل الاجتماعي وفي محافل متنوعة ومناسبات مختلفة لم يحل نهاية شهر ديسمبر، حتى قامت “جوجل” بحذف كل المعلومات على مستوى العالم التي تشكك في وقوع المحرقة، وأصدرت الشركة بيانًا دافعت فيه عن موقفها قائلة: “جوجل أسست لإمداد الناس بنتائج عالية الجودة وموثوق بها على أسئلتهم، نسعى لإعطاء المستخدمين محتوى متنوع من مصادر مختلفة، ونحن ملتزمون بمبدأ الشبكة الحرة والمفتوحة”.
بداية التحركات
وبدأت القصة عندما اتهم متحف تراث يهودي شركة جوجل بالتربح من إنكار الهولوكوست، وذلك لأن القائمين على المتحف يدفعون من أجل إيقاف موقع نازي جديد من الظهور في قمة نتائج البحث عن سؤال “هل حدث الهولوكوست حقاً؟”.
وقال مدير التسويق في متحف بريمان بأتلانتا في ولاية جورجيا ديفيد شيندويتش: إنَّ “من المثير “للغثيان” أن جوجل قادت المستخدمين للوصول إلى هذا الموقع الداعي لفلسفة “سيادة البِيض” العنصرية”، وأضاف أن “المتحف يدفع دولارين مقابل كل نقرة لجوجل من أجل توجيه المستخدمين للموقع الخاص بالمتحف عبر “آد ووردز” (AdWords)، وهي خدمة “دفع مقابل النقر” تقدمها جوجل”.
دولارين مقابل كل نقرة
وأشار ديفيد شيندويتش إلى أنَّ ادعاء جوجل بأنها لا تتربح من إنكار الهولوكوست هو محض هراء، وقال: “ربما لا يتلقون أموالاً من الذين ينكرون الهولوكوست، لكنَّ القصد أنَّ المتاحف والمنظمات الأخرى تنفق لمحاربة هذه الأشياء، ونحن ندفع لهم ما يصل إلى دولارين مقابل كل نقرة”.
ورفض شيندويتش أن يفصح عن المبلغ الذي دفعه المتحف لجوجل، لكنه قال إنَّ عملية “تحسين محركات البحث” (SEO) وخدمة “آد ووردز” (AdWords) كانتا جزءًا وتكلفةً أساسيَّيَن من استراتيجية تسويق المتحف.
وقال آرون بيرجر مدير متحف بريمان، إنَّ جورجيا كانت واحدة من أسوأ الولايات الأميركية من حيث وجود جماعات الكراهية بها، وذلك وفقاً لـ”مركز قانون الحاجة الجنوبي”، وأضاف أنَّ استخدام خدمة “آد ووردز” كان جزءًا محوريًا من خطة المتحف لإعادة موقعهم إلى قمة نتائج البحث.
في أول الأمر رفضت جوجل إجراء أي تعديلات بموجبها يتم توجيه الجمهور لمواقع بعينها وقالت إن هذا سيفتح الباب لتكرار الإجراء في موضوعات أخرى.
إلا أنه وخلال أسبوعين كانت “جوجل” قد اتخذت خطوات فنية أدت إلى حذف كل ما ينكر الهولوكوست!
وفي مقالة عنوانها “رسميًا: جوجل تقوم بالتغيير، وتوقِف نتائج البحث المنكرة لسؤال هل حدث الهولوكوست حقاً؟”، قال مسؤول باسم جوجل إنَّ الشركة مؤخراً قد صنعت “تحسينات في لوغاريتمية البحث، ستساعد على إظهار محتوى أجوَد وأصدق على الإنترنت”.
وأشار شيندويتش، مدير تسويق متحف بريمان، إلى أنَّ جوجل كانت حاسمة في إعلان رسالة المتحف عن الهولوكوست، وقال: “البحث هو كل شيء، إن لم تظهر في نتائج البحث، فأنت خفي”.
ولا يظهر موقع المتحف في الصفحة الأولى من نتائج جوجل “الطبيعية”، أي النتائج غير مدفوعة الثمن، للبحث عن سؤال “هل حدث الهولوكوست حقاً؟”، وقال شيندويتش إنَّ المتحف استخدم تقنيات شديدة لتحسين نتائج محركات البحث، لكن الأمر كان صعباً لأن “جوجل لغز كبير، إنه صندوق أسود، لا يعلم أحد كيف يعمل، سوى جوجل”.
لذا فقد دفعوا لجوجل ليظهر موقعهم في مقدمة نتائج البحث، بدلاً من مواقع مثل “ستورم فرونت”، عبر خدمة “آد ووردز”، وذلك عبر استهداف مصطلحات بحث بعينها.
وأضاف شيندويتش: لا يمكننا تحمل تكاليف هذا الكم من الإعلانات؛ لأن هذا البحث باهظ الثمن، إنه مُكلف لأنه مشهور، وهكذا تسير الأمور، تدفع أموالاً أكثر للإعلان عن أحذية نايكي بدلاً من أحذية شركة أخرى.
وهكذا كان موقف “جوجل” المتغير خلال أسبوعين لثلاثة أسابيع باعثا على المزيد من التساؤل: هل معاداة السامية صارت تهديدًا على المستوى الإلكتروني؟ وهل شركة في مستوى جوجل قابلة للضغط لهذه الدرجة؟ أم أن أذرعًا قوية لا يمكن مواجهتها نجحت في إثناء “جوجل” عن سياستها فقط خلال أسبوعين؟!