شبكة رصد الإخبارية

بروز اسم دحلان في قضية اغتيال المخترع التونسي وارتباك “الإسرائليون”

بروز اسم دحلان في قضية اغتيال المخترع التونسي وارتباك “الإسرائليون”
أثار الارتباك الإسرائيلي والتسريبات المتضاربة حول اغتيال مهندس الطيران التونسي محمد الزواري الكثير من التساؤلات بسبب أن الإسرائيليين لم يسبق لهم أن أعلنوا مسؤوليتهم عن أي عملية اغتيال تتم خارج الأراضي الفلسطينية

أثار الارتباك “الإسرائيلي” والتسريبات المتضاربة حول اغتيال مهندس الطيران التونسي محمد الزواري الكثير من التساؤلات بسبب أن الإسرائيليين لم يسبق لهم أن أعلنوا مسؤوليتهم عن أي عملية اغتيال تتم خارج الأراضي الفلسطينية، وفي الوقت ذاته فإن جريمة الاغتيال الجديدة دفعت كثيرين إلى الربط بينها وبين جرائم اغتيال سابقة، وبين هذه الجرائم كلها من جهة وبين أنشطة غير واضحة يسود الاعتقاد بأن الفلسطيني المقيم في الإمارات حاليا محمد دحلان يمارسها في تونس، بحسب تقرير لموقع “عربي 21”.

وكان التونسيون استيقظوا صباح الجمعة الماضي على خبر اغتيال مهندس طيران، محسوب على حركة النهضة الإسلامية في مدينة صفاقس يُدعى محمد الزواري، ليتبين شيئا فشيئا بأن مقتل الزواري ليس سوى عملية اغتيال مدبرة، وأن الرجل “خبير طيران ومخترع” وتقول بعض المصادر بأنه كان يقدم استشارات تكنولوجية لحركة حماس الفلسطينية وجناحها العسكري، بل ذهب آخرون إلى القول إن الرجل هو أحد مهندسي برنامج لتطوير الطائرات بدون طيار لحساب المقاومة الفلسطينية.

واغتيل الزواري بعشرين طلقة، استقرت ثمان منها في جسده، وجاءت عملية الاغتيال بعد أربعة أيام فقط على عودته من تركيا، وهو ما يُرجح فرضية أنه كان خاضعا للمراقبة والتتبع حتى وقع ضحية لعملية الاغتيال في مدينة صفاقس التونسية، فيما قالت السلطات في تونس إنها تحقق في الجريمة، وإنها اعتقلت أربعة أشخاص لاشتباهها بصلتهم في القضية.

وأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أن المهندس الزواري كان أحد كوادرها، وكان أحد رواد مشروع صناعة الطائرات بدون طيار الذي تقوم به الكتائب.

لماذا ارتبك الإسرائيليون؟

ورغم أن إسرائيل لم يسبق أن اعترفت بجرائم الاغتيال التي ترتكبها خارج الأراضي الفلسطينية، إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية غرقت في التسريبات هذه المرة، وبحسب ما رصدت “عربي21″ فإن أغلب التقارير الإسرائيلية تريد القول بأن العملية تم تنفيذها والقائمون عليها تمكنوا من الهروب، وقضي الأمر، وهو الأمر الذي يثير الشك بأن المنفذين لا زالوا عالقين داخل تونس، أو ربما هم المعتقلون الأربعة المقبوض عليهم لدى السلطات حاليا، وذلك بحسب تفسير محلل سياسي فلسطيني تحدث لـ”عربي21” وطلب عدم نشر اسمه.

ويقول المحلل الفلسطيني إنه “لو كان المنفذون قد نجحوا في مغادرة المكان بسلام كما حدث عند اغتيال محمود المبحوح في دبي مثلا لالتزمت إسرائيل الصمت ولما اكترثت بالتقارير والأخبار الواردة من تونس، إلا أن الاهتمام الاسرائيلي الاستثنائي طوال الساعات الماضية، وحالة الاستنفار في وسائل الإعلام العبرية تثير الشكوك بأن إسرائيل تريد نفي التهمة عن المعتقلين وعن غيرهم من أجل تأمين الطريق أمام المنفذين ليتمكنوا من مغادرة تونس”.

ويرى المحلل أن المشهد الراهن يعيد إلى الأذهان محاولة اغتيال خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمان عام 1996 عندما حاولت السلطات الأردنية في البداية القول إنها “مشاجرة”، وبعد ذلك تبين بأنها محاولة اغتيال وفشلت واستنفرت إسرائيل حينها لأن المنفذين تم القبض عليهم ولم يتمكنوا من الفرار. 

وفي حال صحَّ هذا التحليل فإنَّ السلطات التونسية تكون الآن أمام اختبار مهم يتعلق بكيفية تعاطيها مع جريمة بهذا الحجم ومن هذا النوع تشكل انتهاكا صارخا للسيادة التونسية، وكيف ستتعامل مع عملاء الموساد الإسرائيلي الذين ارتكبوا جريمة الاغتيال، فضلا عن أن القبض على المجرمين قد يكشف الكثير من المعلومات المرعبة التي قد تصل إلى تفكيك ألغاز الاغتيالات السياسية التي شهدتها تونس خلال فترة حكم حركة النهضة، وتحديدا جريمتي اغتيال شكري بلعيد ومحمد برهامي في العام 2013.

هل لدحلان ونشاطه علاقة؟

وسرعان ما تحول اغتيال المهندس محمد الزواري إلى قضية رأي عام في تونس، وغرقت شبكات التواصل الاجتماعي بالجدل حولها، لكن اللافت بحسب الرصد الذي قامت به “عربي21” أن بعض المتابعين حاولوا الربط بين عملية الاغتيال وبين الأنشطة التي يقوم بها المستشار الأمني لولي عهد أبوظبي محمد دحلان، وذلك على قاعدة أن دحلان يقيم علاقات وثيقة مع الإسرائيليين منذ أن كان يرأس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في غزة ويتولى التنسيق مع الاسرائيليين، أما حاليا فيعمل مستشارا أمنيا لدى ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد الذي يسود الاعتقاد في العالم العربي أنه يقاوم ثورات الربيع العربي، وهو الذي هندس الانقلاب في مصر كما يمول خليفة حفتر في ليبيا، ويلعب دورا غير واضح في كل من اليمن وسوريا. 

أما الخبر الذي دفع بعض المعلقين للوصول إلى هذا الربط، فهو المعلومات التي كشفها النائب في مجلس نواب الشعب بتونس وليد جلاد، والذي قال إن كلا من محسن مرزوق وسليم الرياحي –وهما من أبرز السياسيين في تونس- قد التقيا مع دحلان في صربيا بشكل سري مؤخرا.

وقال الجلاد في تصريح لإذاعة “شمس أف أم” المحلية في تونس إن “محسن مرزوق وسليم الرياحي ساهما في تشتيت الائتلاف الحاكم وتفتيته، وإن شاء الله لن يساهما في تفتيت المعارضة”.

ومن المعروف أن مرزوق كان عضوا في المكتب التنفيذي لحركة “نداء تونس” قبل أن ينشق عن الحركة التي تحكم البلاد حاليا، أما الرياحي فهو رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر وكان يطمح للوصول الى الرئاسة، حيث نافس الباجي قايد السبسي على منصب رئيس الجمهورية في الانتخابات التي شهدتها تونس في العام 2014.

وقال صحافي وكاتب تونسي اشترط على “عربي21” عدم نشر اسمه إن “من يربطون بين نشاط دحلان وبين الاغتيالات يعتمدون على أن جملة الاغتيالات كانت تهدف لضرب الثورة التونسية وإفشالها، حيث أدت الاغتيالات السابقة إلى إسقاط حكم حركة النهضة، بينما الاغتيال الأخير يستهدف الحركة ذاتها”.

وأكد الإعلامي التونسي لـ”عربي21″ أن هناك شكوكا متوالية على صلة دحلان بهذه الاغتيالات، بسبب أنه توالت أخبار مشابهة عن لقاءات لدحلان مع سياسيين وأشخاص يُشتبه بتورطهم في تلك الاغتيالات، أو أنهم مستفيدون منها. وقال إن على السلطات التونسية أن تأخذ هذه الشكوك على محمل الجد وأن تحقق فيها لمعرفة إن كان هؤلاء السياسيون قد تورطوا في مثل هذه العمليات أو قاموا بتسهيلها.
 
ما الذي يجري في وزارة الداخلية؟

وبينما استيقظ التونسيون الجمعة على نبأ اغتيال الزواري، فإن الخبر الذي مر مرور الكرام قبلها بساعات هو الذي نشره موقع “نسمة” والذي يؤكد استقالة المدير العام للأمن الوطني عبد الرحمن الحاج علي، إلا أن الموقع الذي نقل الخبر عن مصدر مقرب من الحاج علي ذاته لم يكشف أسباب الاستقالة ولا ملابساتها ولا تفاصيلها.

واكتفى الموقع بالقول إن المستشار الأمني الخاص لرئيس الحكومة تولى إعلام يوسف الشاهد بفحوى الاستقالة قبل أن يطلع الشاهد نفسه عليها في وقت لاحق. 

وأعلنت وزارة الداخلية التونسية في بيان مقتصب أن “عبد الرحمن الحاج علي المدير العام للأمن الوطني قدم استقالته لأسباب شخصية”.

وكان المدير العام للأمن الوطني صرح لقناة “الإخبارية” التونسية مساء الخميس أنه قدم استقالته ولم تتم إقالته، في إشارة إلى أنها جاءت احتجاجا على قضية ما. 

ويؤكد هذا الخبر وجود خلافات داخل وزارة الداخلية، وربما داخل جهاز الأمن الوطني ذاته، فيما يُبدي تونسيون خشيتهم من أن تكون الاستقالة مرتبطة بجريمة اغتيال الزواري، كما يشير البعض إلى أن جريمة الاغتيال قد تكون حدثت قبل الاستقالة وتسببت بخلافات داخل جهاز الأمن أدت برئيسه إلى الاستقالة، وأن يكون الإعلان عن الجريمة قد تم صباح الجمعة، وليس حدوث الجريمة ذاتها.

وكانت جريمة اغتيال محمود المبحوح بالعام 2010 قد تم الإعلان من قبل السلطات في إمارة دبي بعد أسبوع كامل على حدوثها، فيما لم يتمكن أحد حتى الآن من معرفة أسباب التعتيم على الجريمة لمدة أسبوع كامل، فضلا عن أن حركة حماس أيضا أصدرت بيان النعي بعد أكثر من أسبوع، ما يعني أنها ربما لم تعلم بالاغتيال فور حدوثه، أو ربما تم الضغط عليها من سلطات دولة الإمارات بأن لا تعلن عن الجريمة فورا.

وردا على سؤال لــ”عربي21″ فإن صحافيا تونسيا لم يستبعد أن تكون جريمة اغتيال الزواري قد حدثت قبل عدة أيام من إعلانها، وأن يكون الإعلان عنها قد حدث صباح الجمعة، كما أن الصحافي الذي طلب عدم الكشف عن هويته لا يستبعد أيضا أن تكون استقالة الحاج علي مرتبطة بخلافات نشبت بسبب جريمة الاغتيال، وأن يكون الحاج علي رافضا –مثلا- لكيفية تعاطي الحكومة التونسية مع القضية.

يشار إلى أن الحكومة التونسية لم تكشف حتى الآن عن هوية من تم اعتقالهم، كما لم تعلن أية نتائج أولية للتحقيقات التي أجرتها بخصوص الجريمة، إلا أنه يسود الترقب عما يمكن أن يجري في حال تبين بأن الأمن التونسي قد ألقى القبض على عملاء للموساد الإسرائيلي، وفي حال تبين ارتكابهم لجريمة اغتيال مدبرة على الأراضي التونسية.

كما يذكر أيضا أن الموساد الإسرائيلي نفذ في السابق عددا من جرائم الاغتيال التي طالت قيادات فلسطينية كانت تقيم على الأراضي التونسية، ومن أبرزها القيادي في حركة فتح خليل الوزير (أبوجهاد) الذي اغتالته قوة إسرائيلية في  أبريل عام 1988، وكذلك صلاح خلف (أبو إياد) في  شهر  يناير 1991. 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023