أطلق المدنيون المحاصرون في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، شمالي سوريا، نداءات استغاثة للعالم، أملاً في بدء عمليات إجلائهم من مناطقهم التي تتعرض لهجمات جنود النظام السوري والمليشيات الشيعية المدعومة من إيران.
وناشد خالد محمد، أحد المحاصرين في حلب، المجتمع الدولي للتدخل، قائلا: “تشهد حلب الآن أصعب لحظاتها على مر التاريخ؛ حيث يجري استهدافها بكل أنواع الأسلحة، وينزح سكانها من المناطق الوسطى والشرقية نحو الغرب. لا توجد أدوية، وكل المشافي دُمرت؛ لذا لا يمكن إيقاف تلك العمليات إلا من خلال المجتمع الدولي”.
ويستمر النظام السوري وداعموه في قصف الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في حلب من الجو، بشكل عنيف جدًا، في ظل حصار مطبق من الأرض، منذ 15 نوفمبر الماضي؛ الأمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 880 مدنيًا من سكان المدينة.
واضطر مقاتلو المعارضة السورية الليلة الماضية إلى الانسحاب من حيي “باب النيرب”، و”المرجة”؛ بسبب القصف العنيف ليسيطر على الحيين النظام السوري والميليشيات الشيعية.
وفي المناطق التي تنسحب منها المعارضة وتخضع لسيطرة النظام، تقوم قوات الأخيرة باعتقال رجال العائلات ممن تبقوا في تلك المناطق، وإخضاعهم لتدريبات عسكرية، ومن ثم سوقهم إلى التجنيد.
وفي رسالة صوتية أرسلها للأناضول، قال رفيق ابو سمير، من حي “بستان القصر” المحاصر: “لم يتمكن أحد من دخول بعض المناطق بسبب شدة القصف والغارات عليها، وهناك أناس تحت الانقاض ينتظرون عمليات الإنقاذ، في ظل انعدام وجود المشافي والأدوية. النظام يتقدم يوما بعد يوم ونخشى من ارتكابه مجازر بحق المدنيين؛ لأننا لا نثق لا بالنظام ولا بروسيا، لذا مطلبنا الوحيد هو إخراج المدنيين من حلب وسط ضمانات دولية”.
أما علاء شريف، من سكان المناطق المحاصرة، انتقد صمت العالم حيال ما يجري في المدينة.
وأضاف: “لم تبق لدينا قدرة على تحمل ما يجري؛ فهناك الغارات من جهة، وهناك الظروف الشتوية القاسية من جهة أخرى التي تؤثر في الأطفال بشكل مباشر، وهناك رضع لقوا مصرعم جراء البرد القارس”.
وتابع متحسراً: “تتواصل عمليات القتل، وفي المقابل يستمر الصمت (الدولي) أيضا”.
الحصار لم يطل فقط الضحايا من المدنيين بل أيضا طال المنقذون.
وفي هذا الصدد، أشار أبو فاروق، وهو مسؤول في الدفاع المدني بحلب، إلى عدم تمكنه من مواصلة عمليات الانقاذ والانتشال جراء تدمير النظام السوري مراكز الدفاع المدني.
وأضاف: “الدفاع المدني لم يعد يستطيع إنقاذ أحد. من أكثر الذين يتعرضون للهجمات هم عمال الدفاع المدني”.
وتابع: “نريد أن نعرف شيئا واحدا فقط، أليس هناك حلا لما يجري هنا؟”.
ومنذ 15 نوفمبر الماضي، تتعرض أحياء مدينة حلب الشرقية لقصف جوي وبري مكثف، من قبل قوات النظام السوري والمليشيات الموالية له، بغطاء جوي روسي، بهدف استعادة السيطرة على مناطق بحوزة المعارضة منذ 4 سنوات.
ونتيجة لذلك، خسرت المعارضة قرابة 65 بالمئة من المناطق التي كانت تسيطر عليها في شرق حلب، والتي كانت تقدّر بـ45 كم مربع، وانحصرت حالياً ضمن مساحة تبلغ 16 كيلومتر مربع.
كما أسفر القصف عن مقتل المئات وجرح الآلاف من المدنيين، فضلاً عن تدمير البنى التحتية والمستشفيات والمدارس في المدينة.
وانقسمت مدينة حلب عام 2012، إلى أحياء شرقية تحت سيطرة المعارضة، وأخرى غربية تحت سيطرة قوات النظام.