في بداية الأمر لقبوه بالصديق الحميم ودعوه لحفل يجمعهم في “تل أبيب”، حتى المعارضة دعت السلطات للتعاون معه ونشرت الصحافة الإسرائيلية مانشيتات ترحب بقدومه رئيسًا لمصر بعد الإطاحة بالإخوان، لكن هذه الأيام اختلفت شكل هذه المانشيتات في نظرتها إلى السيسي التي أنذرت بسقوطه خلال 2017م، وأبرزت فشله في إدارة مصر.
الدعم والإشادة
ونقلت الصحف فور تولي السيسي الحكم رسالة دبلوماسية إسرائيلية بارزة أكدت فيها دعم وتأييد غير مسبوق لعبدالفتاح السيسي، وكشفت في طياتها عن إعجابها الكبير بأدائه، وموقفه المعادي لحركة “حماس”، وتقارب نظامه مع “إسرائيل”.
وانشغلت الصحافة الإسرائيلية في الآونة الأخيرة بالإشادة بالجهود التي يبذلها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وتسليط الضوء على متانة علاقته مع دوائر صنع القرار في تل أبيب.
فقد نقلت صحيفة معاريف عن وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد أفيغدور ليبرمان إشادته في أول خطاب له في الكنيست بالسيسي، معتبرًا خطابه الأخير بشأن السلام الإقليمي مهما ويخلق فرصة حقيقية.
إسرائيل محظوظة بالسيسي
ونقلت صحيفة هآرتس عن وزير الإسكان الإسرائيلي يوآف غالنت أن إسرائيل محظوظة لأن السيسي تمكن من السيطرة على مقاليد الحكم في مصر، واستعادته من أيدي الإخوان المسلمين، مشبهًا إياه بالرئيس السابق حسني مبارك “بعد عملية تجميل”.
وأضاف غالنت أن مصلحة “إسرائيل” في مواصلة دعم النظام الحالي في مصر، لأن السيسي رغم استيلائه على الحكم بطريقة غير ديمقراطية هو أكثر ليبرالية من الرئيس المعزول محمد مرسي الذي انتخب بطريقة ديمقراطية، زاعمًا أن السيسي هو الرجل الصحيح في الموقع الصحيح.
قصة نجاح
وقال السفير الإسرائيلي السابق في مصر يتسحاق ليفانون بصحيفة “إسرائيل اليوم”: إن “السيسي يعتبر أن السلام مع إسرائيل قصة نجاح، ويرى أن حسن علاقاته معها يضعه في مكان جيد أكثر من الآخرين، مما يتطلب من إسرائيل مد ذراعيها ترحيبا بخطواته”.
وطالب “يتسحاق هرتزوغ”، زعيم المعارضة الإسرائيلية، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتلبية دعوة عبد الفتاح السيسي وإحياء عملية السلام مع الفلسطينيين.
ونقلت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن “هرتزوغ” قوله: “أمامنا الآن فرصة استثنائية قد لا تتكرر ثانية، يمكنها تغيير وجه الشرق الأوسط، وأنا أدعو القيادة الإسرائيلية إلى قبول دعوة السيسي فورا أو الجلوس في البيت، ويكفينا الثمن الغالي الذي دفعناه في السنوات الأخيرة بسبب سيرنا في مسار غير صحيح”.
استقبال السيسي في تل أبيب
ونقلت صحفف إسرئايلة مسبقًا تصريحات “داني دانون”، سفير الاحتلال الدائم بالأمم المتحدة، إن بلاده على استعداد لاستقبال عبدالفتاح السيسي في تل أبيب، كما حدث من قبل مع الرئيس الراحل أنور السادات، الذي وقعت مصر في عهده اتفاقية سلام مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف “دانون” في تصريحات لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أن “السيسي تكلم في خطابه بالأمم المتحدة عن عملية السلام من القلب، وعلى الرغم من أن الإسرائيليين لم يحبوا كل ما قاله إلا أن قادة إسرائيل الآن مستعدون للتحدث معه، كما فعل مناحم بيجن، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، مع السادات”.
تباشير السقوط تتصدر الصحف
ومؤخرًا تحولت هذة الاشادات إلى رسائل تحذير يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إن اتصالات تمت مؤخرًا بين مسؤولين سياسيين رفيعي المستوى في “إسرائيل” والولايات المتحدة في ظل خشية شديدة على نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر، حيث تهدد الأزمة الاقتصادية بتقويضه.
أنت في خطر
وتابعت أن القادة في مصر ينظرون إلى الأزمة الاقتصادية في البلاد على أنها “التهديد الإستراتيجي المركزي على بلادهم”.
ووفق الصحيفة فقد اشتدت الأزمة الاقتصادية لأسباب من بينها القتال الذي تخوضه مصر في سيناء وليبيا واليمن، بالإضافة إلى التزامات مالية حصلت عليها مصر من السعودية والإمارات والكويت ونفذت جزئيا.
كما أن توجه مصر إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قروض بقيمة 12 مليار دولار قوبل بشروط شملت تقليص البيروقراطية ورفع الضرائب وخفض دعم الدولة للسلع، ومن شأن هذه الشروط أن تسرع حالة الغليان الشعبي في المدى القريب، وفق الصحيفة.
فشل اقتصادي
أما موقع “والا” الإخباري الإسرائيلي، فقد أكد أن فشل السيسي اقتصاديًا وصل إلى حد مستويات خطيرة للغاية، لدرجة عدم قدرة كثيرين في البلاد على شراء الدجاج، التي ضاعف العسكر أسعارها وفتحوا استيرادها من الخارج.
وأضاف الموقع في تقرير له أن: “العديد من المصريين اضطروا أيضا للتراجع عن الجلوس على المقاهي الليلية، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة, وزيادة المصاريف اليومية”.
الرواتب هزيلة
وتابع :”الموظفون الحكوميون في مصر أيضًا لا يستطيعون الاستمرار بإدارة شئونهم، في ظل الأجور المتدنية التي يتقاضونها، خاصة مع زيادة أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني، وارتفاع أسعار الوقود والكهرباء أيضا”.
واستطرد الموقع “رواتب كثيرين في مصر لا تتجاوز 1300 جنيه (نحو سبعين دولارا)، وهو ما يعني أن أياما سوداء بانتظار المصريين، وأن الأسوأ ما زال في الطريق، في ظل الإصلاحات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة، والتي تتضمن إلغاء الدعم تدريجيا”.
انفجار الأوضاع
وأضافت الصحيفة الصهيونية في تقرير لها أن: “وسائل الإعلام الحكومية في مصر ما زالت تتحدث عن مؤامرة خارجية فيما يتعلق بالدعوات للتظاهر، احتجاجًا على تردي الأوضاع في البلاد”.
وتابعت :”نظرية المؤامرة يبدو أنها لن تجد آذانا صاغية عند ملايين الفقراء, لأنه عندما يكون المرء جائعا, يتوقع منه أي شيء، والاحتجاج ضد سياسات الحكومة, هو أقل شيء يفعله في هذه الحالة، وقد تتطور الأمور إلى عصيان مدني”.
وتوقعت الصحيفة أن تعجز كافة الإجراءات الأمنية المشددة عن كبح جماح الشعب الغاضب، خاصة أن أغلبية المصريين أصبحوا لا يثقون في الوعود الحكومية.
وخلصت “إسرائيل هايوم” إلى القول :”إن الوضع الاقتصادي في مصر أصبح كارثيا، وهو ما اضطرها للجوء إلى صندوق النقد الدولي للحصول منه على قرض قيمته 12 مليار دولار، بينما ستنفذ إصلاحات لن يتحملها الفقراء, وهو ما يجعل البلاد تسير نحو المجهول”.
الحسم في 2017
وقالت يديعوت أحرونوت إنه يوجد إدراك في العالم بأن عام 2017م، سيكون حاسمًا بالنسبة للنظام المصري، وأضافت أن إسرائيل تحاول استخدام علاقاتها مع الولايات المتحدة ودول أخرى لدعم اقتصاد مصر.
التعاون مع إسرائيل
تعبر فحسب عن تقارب بين الدولتين، وإنما أيضًا عن وجود حاجة ملحة لتحسين البنية التحتية في مصر على ضوء الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تهدد الاستقرار السياسي في الدولة”.
كما قالت إن النظام المصري توجه إلى “إسرائيل” مؤخرًا طالبًا التعاون معها في المجال الاقتصادي، وأشارت إلى أن جهاز الأمن الإسرائيلي أعد قائمة بمشاريع محتملة ومعنية.
وبين هذه المشاريع التعاون في مجال تحلية مياه البحر على ضوء انخفاض مستوى النيل، والتعاون في الطاقة الشمسية وتوليد الكهرباء والزراعة والري والغاز والسياحة، خاصة أن العائدات من توسيع قناة السويس -التي استثمر فيها نظام السيسي مليارات الدولارات- كانت أقل من المتوقع.