حظيت قضية السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير على نقطة جديدة في صالحها بتوصية هيئة مفوضي المحكمة الإدارية العليا برفض طعن الحكومة المقدم من هيئة قضايا الدولة، على حكم أول درجة ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود الأخيرة بين مصر والسعودية.
وأثارت الاتفاقية، التي وقّعت في أبريل الماضي على هامش زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة، احتجاجات في مصر وسط اتهامات من المعارضة لعبد الفتاح السيسي بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر مقابل استمرار تدفّق المساعدات السعودية.
تقارير الهيئة استشارية غير إلزامية، لكن كثيرًا ما تأتي أحكام القضاء الإداري بدرجتيه متوافقة معها، حيث قالت إن الحاضر عن الحكومة لم يقدم الأدلية الكافية لتدعيم موقفه.
وتقرير هيئة مفوضي الدولة جاء في أكثر من 80 صفحة، فصلت فيها أسباب توصيتها بشأن ذلك من عدة جوانب، وختمته بالقول أنه “إذا ولى الحكم وجهه شطر تلك الوجهة (يقصد التوصية)، فإنه يكون قد ارتكن إلى صحيح حكم الدستور والقانون، ويغدو الطعن عليه مفتقد لمبرره القانوني الصحيح، يهوى به إلى هوة الرفض”.
خطوة للأمام
خالد علي المرشح الرئاسي الأسبق، هو أحد المحامين مختصمي الحكومة قال لـ”رويترز”: “الحمد لله، (التقرير) خطوة للأمام بالتأكيد، وسعيد أن تقرير المفوضين ينتصر لوجهة نظرنا، وأتمنى أن المحكمة أيضاً في النهاية تنتصر لوجهة نظرنا وتؤيد حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية”، كما هوّن علي من شأن مستندات ووثائق جديدة قدمتها وزارة الدفاع للمحكمة في جلسة اليوم.
توصيات المفوضية
وتضمن تقرير “مفوضي الدولة” عدد من النقاط التي استندت عليها في توصيتها للمحكمة الإدارية العليا برفض طعن الحكومة على حكم بطلان التنازل علن الجزيرتين.
1- المملكة السعودية لم تتذكر الجزيرتين ولم تخاطب مصر بشأنهما إلا سنة 1990، وذلك منذ تأسيس المملكة سنة 1932، وفي رأي المفوضين فإن السلوك السعودي يدل على تسليمها بمصرية تيران وصنافير، إذ لم تثر المملكة نزاعًا دوليًا حولهما ولم تعترض على كلمة مندوب مصر في الأمم المتحدة سنة 1954 والتي أكد فيها السيادة المصرية الكاملة للجزيرتين.
2- اتفاقية “السلام” الموقعة بين مصر والكيان الصهيوني سنة 1978 هي دليل على مصرية الجزيرتين، لأن “إسرائيل” أعادت تيران وصنافير إلى مصر بناء على بنود الاتفاقية، وهذا في رأي الفوضين دليل على أن هذه القطعة من الأرض مصرية باعتراف اتفاقية رسمية. ومن جانب آخر اعتبرت المحكمة عدم اعتراض الممكلة على ذلك وقتها دليل على أنها لم يكن لها سيادة على الجزيرتين.
3- السيادة على الجزر تكون بالممارسة، وفي حالة تيران وصنافير بذلت مصر الدم في سبيل أرض الجزيرتين، “وهو ما لا يستطيع أن ينكره أحد، فبطولات الجيش المصرى في تلك المناطق تشهد على ما بذل من دماء للذود والدفاع عن تلك الجزيرتين طوال فترة الصراع العربى الإسرائيلى”.
4- هيئة المفوضين غير مقتنعة بما قيل عن أن المملكة السعودية طلبت من مصر وضع الجزيرتين تحت سيادتها خوفا من التهديدات الصهيونية، وتقول إن محامي الدولة لم يقدم ما يثبت ذلك ورقيا، وتضيف أنه من غير المنطقي إذا كان هذا الكلام صحيحا أن تتنازل أي دولة عن سيادة جزء من أراضيها باتفاق شفهي.
5- قرار مجلس الوزراء المصري برئاسة عاطف صدقي عام 1990 بسيادة السعودية على تيران وصنافير ليس دستوريا ولا يعتد به، “إذ أن ذلك مرد عليه بأن دستور 1971 لم يعط لرئيس الوزراء أو الوزراء أى سلطات فى هذا الشأن بل كانت سلطاتهم مقيدة، فمثل هذا القرار لا يصدر إلا عن رئيس الدولة وبعد اتخاذ الاجراءات المنصوص عليها دستوريا، وهو ما يعنى أن إقرار مجلس الوزراء بسعودية الجزيرتين فيه تجاوز لسلطاته المنصوص عليها دستوريا”.
6- ما فعلته الحكومة المصرية عندما وقعت اتفقاقية التنازل عن الجزيرتين للسعودية أمر مخالف للدستور، وشددت هيئة المفوضين على أنه لا يجوز لممثل الدولة بخرق الدستور بحجة حسن النية أو غيره، فالشعوب هي التي تتحمل هذه الالتزامات بعد ذلك، ودعت الهيئة المجتمع الدولي بعدم تشجيع ممثلي الدول على مخالفة قوانينهم الداخلية بل يجب تشجيعهم على احترامها.