يخرج مرضى وطالبو أدوية من عديد الصيدليات العاملة في أحياء متفرقة من العاصمة المصرية القاهرة، دون صرف وصفة الطبيب لهم، لعدم توفر أصناف من الدواء في الأسواق المحلية.
“عبدالله غازي”، مواطن مصري يعاني من مرض الكبد ونفد لديه الدواء الخاص به، قال للأناضول إنه بحث عن الصنف في أماكن متفرقة من أحياء القاهرة دون جدوى.
وتزايدت على نحو كبير، خلال الأسابيع القليلة الماضية شكاوى عديد المصريين من نقص الأدوية، بعد قرار تعويم الجنيه في الثالث من الشهر الجاري، حسب مراقبين ومطلعين على وضع توفر الأدوية في السوق.
وإزاء ما يصفه البعض استفحال نقص الأدوية الضرورية، أطلق ناشطون ومغردون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ بعنوان “أوقفوا حظر استيراد الدواء من الخارج”.
ولم تصدر مصر قراراً بحظر استيراد الدواء من الخارج، بل كان البنك المركزي المصري يوجه معظم العطاءات الدولارية التي كان يطرحها أسبوعيا بقيمة 120 مليون، إلى السلع الأساسية بما فيها الدواء.
“مجدي علبة” عضو غرفة صناعة الدواء في اتحاد الصناعات المصرية (مستقل وتشرف عليه وزارة التجارة والصناعة)، قال إن أسعار السلع والخدمات ارتفعت بعد خفض قيمة الجنيه بنسبة 14% أمام الدولار في منتصف مارس، وتفاقم الوضع بعد تعويم العملة المحلية في مطلع الشهر الجاري.
وأشار علبة في تصريح للأناضول إلى أن القرار الوزاري رقم 499 لعام 2012، الخاص بتسعير “المستحضرات الصيدلية”، يقضي بإعادة النظر في تسعير المستحضرات إذا تغير سعر العملة بمتوسط 15% بالزيادة أو النقصان خلال عام، وذلك بناء على حساب سعر الصرف المعلن من البنك المركزي المصري.
وأوضح أن صناعة الدواء في مصر تعتمد على الاستيراد، “وهذا يعني تحريك أسعار الدواء صعوداً.. صناعة الدواء في مصر دخلت في نفق مظلم ممتد خاصة بعد تعويم الجنيه”.
إلا أن وزارة الصحة المصرية أعلنت الأسبوع الماضي، أنها وفرت 165 مليون دولار لاستيراد الأدوية الهامة التي لا يوجد لها بديل، ويشكل فقدانها مسألة حياة أو موت للمرضى.
وبلغ حجم مبيعات الأدوية نحو 40 مليار جنيه (2.5 مليار دولار) في عام 2015، أكثر من نصفها ذهب لصالح شركات أجنبية، “الشركات الأجنبية تسيطر على نحو 60% من سوق الدواء بمصر، والنسبة الباقية تتوزع بين القطاع الحكومي والخاص في مصر” وفق علبة.
ووفق بيانات غرفة صناعة الدواء في مصر، يوجد نحو 14 ألف مستحضر دوائي مسجل لدى وزارة الصحة، ويبلغ عدد الأدوية المتداولة 7 آلاف.
من جانبه، اعتبر وزير الصحة المصري أحمد عماد في تصريحات صحفية سابقة أن “أزمة الدواء مفتعلة” من جانب الشركات، وذلك بعد ساعات من قرار تحرير سعر صرف الجنيه.
وألقى الوزير المصري باللوم على “بعض الشركات المحلية في افتعال الأزمة”، موضحاً أن “الشركات العالمية لم تقدم شكوى واحدة على الإطلاق”.
وقدر محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء (أهلي) أن شركات الأدوية التي تستورد 95% من المادة الخام تتحمل خسارة بنسبة 42% بعد تعويم الجنيه.
وأضاف للأناضول، أن الشركات أحجمت عن شراء أو استيراد مواد الخام، “وزادت قائمة النواقص لتشمل نحو 1500 صنف، كن يوجد لها بدائل، بينما هناك 120 صنفاً ليس لها بديل”.
ويقترح محيي حافظ، وكيل المجلس التصديري للصناعات الطبية، قيام الدولة بتحريك أسعار الأدوية بشكل انتقائي للأدوية الضرورية للأمراض الخطيرة والمستعصية، والقائمة على المكون الأجنبي.
وقال حافظ الذي يشغل أيضاً منصب عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء في مصر، إن مقترحاً آخر يتمثل في توفير الحكومة للدولار لصالح شركات الأدوية مقابل 8.88 جنيهات وليس قرابة 16 جنيهاً، لفترة انتقالية مدتها 6 أشهر، أو لحين استقرار سعر صرف الدولار عند نحو 12 جنيهاً كما هو متوقع.