طالبت منظمة العفو الدولية، مصر، بعدم التصديق على قانون تقول إنه “الأكثر قمعا” بحق الجماعات الأهلية والحقوقية بالبلاد.
واعتبرت المنظمة، في بيان اطلعت الأناضول على نسخة منه اليوم السبت، أن توقيع مشروع القانون الجديد للجمعيات الأهلية سيكون بمثابة “تفويض لموت الجماعات الحقوقية المصرية”.
وحثت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي – بحسب وصف الوكالة- على عدم التوقيع على هذا القانون، مؤكدة أنه “يخالف الدستور المصري وينتهك الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان”.
واعتبرت أن “مشروع القانون هو الأكثر قمعا للمشاريع المتعددة التي اطلعت عليها منظمة العفو الدولية منذ عام 2011”.
وانتقدت تمريره من البرلمان دون نقاش عام “على الرغم من أن صدوره سيكون له تأثير واسع النطاق ومدمر على المجتمع المدني”، وفق البيان ذاته.
والأسبوع الماضي، ناقشت لجنة التضامن بمجلس النواب مشروع قانون تقدم به النائب عبد الهادي القصبي، ثم وافقت الجلسة العامة للبرلمان عليه مبدئيا قبل نهاية الأسبوع الماضي، وأرسلته لمراجعة قانونية من قبل مجلس الدولة (هيئة قضائية تنظر في مطابقة القوانين للدستور والقانون).
وبعد ذلك سوف يعود لمجلس النواب لموافقة نهائية في موعد لم يحدد بعد، ثم رفعه للرئيس المصري للتصديق عليه، وعادة ما يصدق السيسي على قوانين البرلمان، ولم يذكر أنه رفض أحدها.
ووفق لائحة البرلمان المصري، يحق للنواب والحكومة تقديم مشاريع قوانين لينظر البرلمان في قبولها من عدمه بتصويت أغلبية الأعضاء بالمجلس.
وينص مشروع القانون الذي يضم 89 مادة على “معاقبة إجراء البحوث الميدانية والمسوحات دون تصريح من الحكومة بنحو خمس سنوات في السجن، وإعطاء السلطات صلاحيات واسعة في حل المنظمات غير الحكومية وإخضاع موظفيها للمحاكمة الجنائية بناء على التعبيرات الغامضة والفضفاضة بما في ذلك الإضرار بالوحدة الوطنية وتكدير النظام العام”، وفق بيان المنظمة.
وأكدت “العفو” أن “مشروع القانون يؤثر وفقا لأرقام الحكومة على أكثر من 47 ألفا من المنظمات غير الحكومية والتي توفر الخدمات الاجتماعية الأساسية في وقت تعيش البلاد فيه أزمة اقتصادية كبيرة، فضلا عن عدد قليل من المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان التي هي من بين عدد قليل ممن تبقى من الأصوات المنتقدة في الحياة العامة المصرية”.
وتابعت “يأتي مشروع القانون في وقت تعرضت منظمات حقوق الإنسان إلى تجميد الأصول وحظر السفر والاستجوابات كجزء من التحقيق الجنائي الذي يمكن أن يؤدي إلى عقوبة السجن لقادة المنظمات غير الحكومية والموظفين”.
والثلاثاء الماضي، أعلنت 6 أحزاب مصرية بينها “التيار الشعبي (يساري)”، و22 منظمة بينها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، (غير حكومية مقرها القاهرة)، رفض مشروع قانون الجمعيات الجديد الذي مرره البرلمان مؤخرا بشكل مبدئي.
وأوضحت في بيان مشترك وقتها أن “القانون يقضي فعلياً على المجتمع المدني ويحيل أمر إدارته للحكومة والأجهزة الأمنية”، معربين عن إدانتهم “تعامل البرلمان مع المجتمع المدني باعتباره عدو تحاك الخطط والقوانين السرية للقضاء عليه”.
ولم تتقدم حتى الآن الحكومة بمشروع قانونها حول الجمعيات الأهلية، رغم أنه في 20 أكتوبر الماضي، وافق مجلس الوزراء المصري، على مشروع القانون، الذي أعدته وزارة التضامن.
غير أن المستشار مجدى العجاتي، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، قال في تصريحات صحفية سابقة ، إنه سيتم التقدم بتعديلات الحكومة على مشروع قانون الجمعيات الأهلية، اليوم السبت، إلى على عبد العال رئيس البرلمان، دون تفاصيل.
وينظر القضاء المصري قضية بارزة للجمعيات الأهلية متعلقة بتمويل أجنبي.
في 18 سبتمبر، قضت محكمة مصرية، التحفظ على أموال خمسة حقوقيين مصريين، بينهم الناشطان جمال عيد، وحسام بهجت، بجانب 3 مؤسسات حقوقية غير حكومية بينها “هشام مبارك تعمل في البلاد ، لاتهامهم فيما يعرف إعلاميًا بـ”قضية التمويل الأجنبي”، ولم يصدر حكم نهائيا فيها بعد.
ويُحاكم الحقوقيون على خلفية تحقيقات بتهمة “تلقيهم تمويلًا أجنبيًا من جهات خارجية بالمخالفة لأحكام القانون، بمبلغ يزيد عن مليون ونصف مليون دولار أمريكي”، وفق أوراق القضية التي اطلعت عليها الأناضول.
وتتعرض مصر لانتقادات من جهات محلية ودولية بسبب الوضع الحقوقي بها، وهو ما اعتادت أن تنفيه السلطات المصرية، مؤكدة أنها “تدعم حرية التعبير عن الرأي، والمؤسسات الحقوقية واستقلال القضاء”.