بإلغاء محكمة النقض المصرية، أول أمس، حكم الإعدام الوحيد بحق محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا، وإعادة محاكمته في هذه القضية، لم يتبق أمامه إلا تنفيذ حكم نهائي بالسجن 20 عامًا والمراقبة الشرطية 5 سنوات إضافية، وحكمين قيد الطعن، وقضية قيد النظر، فضلاً عن عودته لارتداء الزي الأزرق (زي السجن)، بدلا عن الأحمر (زي الإعدام)، وفق رصد معلوماتي ومصادر قانونية.
وفي 3 يوليو 2013، أطاح قادة بالجيش المصري بمرسي بعد عام واحد من فترة حكمه (4 سنوات طبقًا للدستور)، في خطوة يعتبرها أنصاره “انقلابًا عسكريًا” ويراها معارضوه “ثورة شعبية”، استجاب إليها وزير الدفاع آنذك، الرئيس الآن، عبد الفتاح السيسي، بحسب توصيف “الأناضول”.
واختفى مرسي من بعد هذه الإطاحة عن الأنظار، حتى ظهوره في نوفمبر 2013، في أول جلسة محاكمة ضده، المعروفة إعلاميًا بـ “أحداث قصر الاتحادية”، والتي كشف خلال جلساتها إنه كان محتجزًا في مقر عسكري شمالي البلاد.
وتشكك شخصيات معارضة ومنظمات حقوقية في عدالة هذه المحاكمات وهو ما تنفيه السلطات المصرية.
ووفق رصد مراسل الأناضول ومصادر قانونية، كان حصاد مرسي القضائي كالتالي:
أولا – حكم وحيد بالإعدام تم إلغاؤه
أمس الثلاثاء، قضت محكمة النقض المصرية (أعلى محكمة للطعون في مصر)، بإلغاء حكم الإعدام بحق مرسي وآخرين، وذلك في القضية المعروفة إعلامياً بـ”اقتحام السجون” (وادي النطرون)، وإعادة محاكمتهم أمام دائرة جنايات أخرى (لم تحدد بعد)، وهو ما يترتب عليه خلع الزي الأحمر الذي يرتديه الحاصلون على الإعدام، ويرتدي الزي الأزرق لكونه سجينا حاصلا على حكم نهائي.
وتصادف الحكم بعد أيام من حديث للمشير حسين طنطاوي، رئيس المرحلة الانتقالية في ثورة يناير ثان 2011، ووزير الدفاع الأسبق، في ميدان التحرير وسط القاهرة، أثناء مروره وقتها حول عدم رغبته في إعدام الإخوان، ردا على أحد سؤال المارة وقتها يوم الجمعة الماضي.
وكانت محكمة جنايات القاهرة أصدرت في 16 يونيو 2015 أحكاما بين الإعدام والسجن المؤبد في قضية “اقتحام السجون” المصرية على خلفية تهم، بينها الاعتداء على المنشآت الأمنية والشرطية وقتل ضباط شرطة إبان ثورة يناير 2011، وهو ما نفاه المتهمون، وقتها.
وفي 15 أغسطس 2015، قدمت هيئة الدفاع عن مرسي والإخوان طعناً لمحكمة النقض، على حكم محكمة جنايات القاهرة الصادر، وأوصت نيابة النقض في 18 أكتوبر أول الماضي للمحكمة في رأيها الاستشاري، بقبول الطعن بأحكام الإعدام وإعادة المحاكمة من جديد أمام محكمة جنايات أخرى وهو ما أقرته المحكمة أمس.
وتعود أحداث القضية إلى 21 ديسمبر 2013 حيث أحالت النيابة العامة، “مرسى” و 130 متهمًا آخرين إلى محكمة الجنايات بتهمة الهروب من سجن وادى النطرون إبّان ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، ووجهت لهم تهم “اقتحام 11 سجنًا، وقتل ما يزيد على 50 من أفراد الشرطة والسجناء، وتهريب ما يزيد على 20 ألف سجين، والتعدي على أقسام شرطة”.
ثانيا – حكم نهائي بالسجن 20 عامًا والمراقبة 5 سنوات إضافية
في 22 أكتوبر الماضي، أيّدت محكمة النقض، حكمًا بالسجن 20 عامًا والخضوع لمراقبة الشرطة 5 سنوات إضافية، بحق محمد مرسي، في القضية المعروفة إعلامياً “أحداث الاتحادية”، في أول حكم نهائي بحق الأخير بعد رفض طعنه.
ويعد هذا الحكم هو الأول بشكل نهائي بحق “مرسي” في عهده، ولا يمكن إلغاؤه إلا بعفو رئاسي، أو تقديم التماس لمحكمة النقض للنظر مجددًا في حكمها وهذا يخضع لشروط مستحيلة متعلقة بظهور أسباب قانونية جديدة لم تظهر أثناء سير القضية.
وأحداث الاتحادية بدأت في الأول من سبتمبر 2013، حيث أحال النائب العام المصري الراحل هشام بركات، القضية المتهم فيها مرسي و14 آخرين لمحاكمة جنائية.
• بدأت المحاكمة 4 نوفمبر 2013، وصدر حكم ضد “مرسي” في 21 أبريل 2015 بالسجن 20 عامًا والخضوع لمراقبة الشرطة 5 سنوات إضافية (بعد قضاء العقوبة).
• الاتهامات التي نفاها دفاع مرسي، تتعلق بالتحريض على العنف، حيث تعود وقائع القضية إلى اشتباكات دامية وقعت في 5 ديسمبر/ كانون ثان 2012، أمام قصر الاتحادية الرئاسي، بين أنصار لجماعة الإخوان ومعارضين لمرسي يرفضون إعلانًا دستوريًا أصدره في نوفمبر/ تشرين الثاني من ذلك العام إبان حكمه.
ثالثا – حكمان قيد الطعن
1 – حكم “التخابر الكبرى” ( السجن 25 عامًا)
حددت محكمة النقض في 25 أكتوبر الماضي، جلسة الأربعاء المقبل، للنطق بالحكم في الأحكام الأولية التي صدرت في القضية المعروفة إعلاميا بـ”التخابر مع حماس”، والمتهم فيها “محمد مرسي”، وفق مصدر قضائي.
وقال عبد المنعم عبد المقصود، رئيس هيئة الدفاع عن المتهمين، في حديث للأناضول حينها، إن “المحكمة أجلت جلسة الطعن للحكم ليوم 22 نوفمبر المقبل بعد استماعها لتوصية النيابة بقبول طعننا المقدم ضد الأحكام الصادرة”.
• في 18 كانون أول/ديسمبر 2013، أمر النائب العام المصري الراحل هشام بركات بإحالة “مرسي” و35 متهمًا آخرين لمحاكمة جنائية عاجلة في قضية أطلق عليها الإعلام “التخابر الكبرى”.
• بدأت محكمة مصرية نظر القضية في 16 فبراير 2014، وصدر الحكم فيها في 16 يونيو 2015 بالسجن المؤبد لمرسي (25 عامًا).
• الاتهامات تتعلق بتهم هي: “ارتكاب جرائم التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد، وهي حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، بغية الإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية”، وهو ما نفاه المتهمون.
• في 15 أغسطس 2015 طعنت هيئة الدفاع على الحكم أمام محكمة النقض.
2 – حكم “التخابر مع قطر”( السجن 40 عاما)
في 13 نوفمبر الجاري، حددت محكمة النقض جلسة 27 نوفمبر الجاري، لنظر الطعن المقدم من مرسي (المسجون 40 عاما)، و10 آخرين، في قضية “التخابر مع قطر “
– في سبتمبر 2014، أحال النائب المصري العام الراحل هشام بركات، مرسي و10 آخرين إلى المحاكمة الجنائية.
– نظرت محكمة مصرية القضية في 15 فبراير 2015، وصدر حكم فيها الحكم اليوم 18 يونيو 2016 والذي تضمن السجن المؤبد (25 عامًا) بتهمة قيادة جماعة الإخوان، والسجن 15 عامًا بتهمة إرسال وثائق لقطر، فيما برئته المحكمة من تهمة التخابر مع قطر.
رابعا – قضية قيد النظر (إهانة القضاء)
• في 19 يناير 2014، أحال النائب العام السابق هشام بركات كلا من “مرسي” و24 آخرين، بينهم نشطاء وسياسيون معارضون للإخوان إلى المحاكمة الجنائية بتهمة “إهانة القضاء”.
• محكمة مصرية بدأت نظر القضية في 23 مايو 2015، ولا تزال متداولة أمام هيئة المحكمة، وأجلتها محكمة جنايات القاهرة لجلسة 10 ديسمبر المقبل لمرافعه الدفاع.
الاتهامات تتعلق بـ”الإعراب عن رأيهم الشخصي في مواقف متفرقة على نحو يحمل إهانة للسلطة القضائية ورجالها وتطاولاً عليها، ومحاولات بعضهم التدخل في سير العدالة وشؤونها”.
ويتمسك مرسي الذي يحبس بسجن طره (جنوبي القاهرة) وفي سجن برج العرب (شمال) بأنه “مازال رئيسًا للجمهورية، وأن المحاكم العادية طبقًا للدستور غير مخولة ولائيًا للتحقيق معه”.
وتنص المادة 152 في دستور 2012، والمكررة في دستور 2014 على أنه “يحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى (المنوط به رسميًا إدارة شؤون القضاة)، وعضوية أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا (أعلى هيئة قضائية في مصر والمختصة بمطابقة دستورية القوانين لمواد الدستور) ومجلس الدولة (هيئة قضائية تختص بالفصل في المنازعات الإدارية بين الأفراد والجهات الحاكمة في الدولة)، وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء أمامها النائب العام، وإذا قام بأحدهم مانع حل محله من يليه فى الأقدمية”.