تمارس السلطات المصرية أبشع الانتهاكات، في حق المعارضين، منذ أحداث الثالث من يوليو 2013، ليس فقط ضد من يرفع صوته معلنًا رفضه لنظام جاء خارج الأطر الديموقراطية، بل طالت الانتهاكات من قُيدت حريتهم داخل أسوار المعتقلات.
وخلال اليومين السابقين تصاعدت وتيرة الانتهاكات داخل سجن برج العرب الواقع في مدينة الإسكندرية، إذ قامت الداخلية بإطلاق الغاز المسيل للدموع على المعتقلين داخل زنازينهم، وتغريب عدد كبير إلى سجون في محافظات أخرى، بالإضافة إلى اعتداءات على الأهالي خلال محاولتهم زيارة ذويهم للاطمئنان عليهم.
ماذا حدث في برج العرب
بدأت الاعتداءات من الداخلية، بسبب احتجاج بعض المعتقلين، على سوء أوضاعهم، وحبسهم في زنازين انفرادية، ومنعهم من التريض، لترد إدارة السجن بالإعتداء على المحتجين، مما أوقع عددًا من الإصابات نقلوا على إثرها للمستشفى، وبانتقال الامر لباقي المعتقلين، تعالت الهتافات، لانقاذ معتقلى عنبر الاعدامات من الانتهاكات ، فتم استدعاء فرقة من القوات الخاصه، وإطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع على العنبر لاجبار المعتقلين على فتح الزنازين، مما أدى الى حالات اختتاق بين المعتقلين واغماءات، بحسب ما روته صفحة “رابطة أسر المعتقلين بسجون الإسكندرية”.
توافد أهالى المعتقلين أمام السجن للأطمئنان على ذويهم، إلا أن إدارة السجن من الزيارة، فقرر الأهالي الاعتصام أمام السجن، ليروا بأعينهم تحركات عربات الترحيلات في إشارة لترحيل عدد من المساجين إلى سجون أخرى.
وحاول الأهالي منع عربة الترحيلات من نقل ذويهم وتغريبهم، فقامت بمحاولة دهسهم، حيث ذكرت الرابطة، تغريب 250 معتقلًا إلى سجني جمصة والمنيا.
وأعلنت صفحة الرابطة اليوم، اعتداء قوات الأمن بسجن برج العرب على أهالي المعتقلين بالهراوات و العصي ووقوع إصابات بين الاهالي.
انتهاكات سجن العقرب
ذكرت منظمة هيومين رايتس في تقرير لها في سبتمبر الماضي، أن الانتهاكات في سجن العقرب قد تتسبب في موت عدد من النزلاء.
ووثق تقرير المنظمة الذي جاء بعنوان “‘حياة القبور‘: انتهاكات سجن العقرب في مصر”، المعاملة القاسية واللاإنسانية على أيدي أعوان وزارة الداخلية المصرية، التي قد ترقى إلى مصاف التعذيب في بعض الحالات
وعلى أثر الاعتداءات المستمرة قرر المعتقلين في فبراير الماضي دخولهم في إضراب مفتوح، اعتراضا على منع الزيارات وعدم دخول الأدوية لهم، فقامت إدارة السجن بتجريد الزنازين تمامًا بما تبقي فيها من مستلزمات واعتدت على عدد من المعتقلين وصل لدهس المعتقلين علي وجوههم مما أدى لكسور، ونقل ما يقرب من 25 معتق إلى المستشفى
ودعت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، إلى تدشين هاشتاج #أغلقوا_العقرب #close_alaqrab، موضحة في بيان لها أن “ما يحدث داخل العقرب، جريمة في حق الإنسانية، وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان”.
سجن شبين الكوم على خطى “برج العرب”
دخل المعتقلون بسجن شبين الكوم في إضراب مفتوح عن الطعام، بعد الاعتداء عليهم وعمل حفلات تعذيب وحبسهم في غرف يسموها العمبوكة ويتم الاعتداء على المعتقلين داخلها.
وذكرت إحدى أهالي المعتقلين في تصريحات صحفية، أنه تم منع دخول أي نوع من أنواع الطعام أثناء الزيارة وتعرض أهالي المعتقلين للسب أثناء زيارة ذويهم.
وفي نوفمبر الماضي، تعرض المعتقلون بسجن شبين الكوم العمومي للضرب والحبس الإنفرادي مما أدي إلي وقوع إصابات عديدة بينهم، وذلك عقب فشل الإدارة في منع المعتقلين عن الإضراب ، فلجأت للتعذيب لإجبارهم على فك الإضراب.
وفي 2014، أصيب عدد كبير من المعتقلين، بعد اعتداء قوات الأمن على نزلاء سجن شبين الكوم ، عقابا على هتافاتهم من داخله، وقامت قوات الامن بترحيل خمسة وأربعين معتقلا بالإجبار إلى سجني جمصة ووادى النطرون وفرضت إجراءات عقابية على السجن تمثلت بقطع المياه والكهرباء عن الزنازين.
لقيادات الإخوان نصيب الأسد
قالت أسرة البلتاجي في بيان لها، إن القيادي محمد البلتاجي تعرض لانتهاكات ومضايقات، من قبل إدارة السجن في محبسه بسجن العقرب، موضحة أنه “حُبس في زنزانة انفرادية عبارة عن دورة مياه لمدة شهرين، إلى جانب حبسه في عنبر التأديب في سجن ليمان طره (جنوبي القاهرة)”
وأكدت الأسرة وفقا لرسالتها أن “الاعتداءات عليه (البلتاجي) لم تتوقف، ففي 6 أغسطس (الماضي)، قام مسؤولان أمنيان بإجباره على خلع ملابسه وتعذيبه وتصويره عاريا”.
وفي مارس، من العام الحالي، أصدرت أسرة الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان المسمين، بياناً ترصد فيه الانتهاكات التي يتعرض لها داخل سجن العقرب، قائلة “منذ أن تم القبض على الدكتور بديع، وهو يتعرض لانتهاكات عديدة دون أي مراعاة لسنه ولا قيمته ومكانته العلمية والمجتمعية، بدءًا بالاعتداء عليه بالسب والضرب من القوة التي قامت بإلقاء القبض عليه، وهو ما تم تسجيله في محاضر التحقيقات أمام النيابة ولم يتم التحقيق فيه حتى الآن”.
وفي تعليق لإحدى منظامت حقوق الإنسان، صرحت سلمى أشرف مسؤولة الملف الحقوقي بهيومان رايتس مونيتر، أن الانتهاكات ضد قيادات جماعة الإخوان المسلمين لا تتوقف منذ اللحظات الأولى من الاعتقال، مضيفة في تصريحاه لـ “نون بوست” “أصبح قتلهم وتهديدهم بالموت داخل السجن أمرًا يتحدثون عنه بكل أريحية ويقومون بالفعل بتنفيذه ففي العقرب فقط قتل 6 أشخاص بالإهمال الطبي”.
القتل البطيء
تكشف الانتهاكات المستمرة لقوات الداخلية، عن نية الداخلية للتخلص من القيادات بالقتل البطئ، وخاصة بعد مقتل عدد منهم داخل السجون، تحت وطأة التعنت والإهمال، مثل الدكتور فريد إسماعيل، بعد رفض علاجه ودخول الأدوية له، ومحمد الفلاحجي، داخل سجن جمصة ، وعصام دربالة ، وطارق الغندور، بالإضافة للشاب مهند الذي تدهورت حالته داخل السجن، لتوافيه المنية بعد فشل علاجه بالخارج.
وأصبحت السجون المصرية، مقبرةً لنزلائها، وعنوانًا للتعذيب وانتهاكًا للمعايير الإنسانية، والقتل خارج إطار القانون، لتجبر ذويهم العيش في همٍّ جديد فوق هم ظلم ذويهم وفراقهم.