أثار السياسي المصري محمد البرادعي، نائب الرئيس الأسبق، الجدل في مصر عقب نشر بيان وصفه بـ”التوضيح الموجز” كشف فيه عن جزء من الوقائع في الفترة التي تلت أحداث الإطاحة بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب، في 3 يوليو 2013.
بيان البرادعي، الذي أعلن فيه تبرئه من الإطاحة بمرسي، ودعوته لمستقبل يقر العدالة الانتقالية، زاد من الجدل حوله توقيت نشره قبل أيام من دعوات للتظاهر ضد النظام في مصر في 11 نوفمبر الجاري.
ردود فعل الإدانة جاءت من مؤيدي النظام الحالي، والترحيب والتحفظ، من المعارضين والمستقلين، مع غياب التعليق من النظام المصري وجماعة الإخوان المسلمين في منابرها الرسمية، حتى الساعة 8:55 ت.غ .
“التوقيت غير مريح”، هكذا عبر أسامة هيكل، وزير الإعلام الأسبق، ورئيس لجنة الإعلام بمجلس النواب على بيان البرادعي، في إشارة للتظاهرات المرتقبة.
وأوضح هيكل، في تصريحات صحفية، أن فكرة التعامل مع الإخوان مرفوضة من المصريين، وإذا كان البرادعي يقدمها بالنيابة عن الإخوان، فهو أمر غير جيد.
بينما وصف محمد عبدالعزيز، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) وأحد شباب حركة تمرد التي تزعمت المظاهرات ضد مرسي، بيان البرادعي بـ “الكاذب”، مشيرا إلى أن “البرادعي كان مصرا على العزل المباشر وليس استفتاءً على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة (كان مطلب تظاهرات خرجت قبل الإطاحة بمرسي).
وربط عبد العزيز الذي كان أحد المشاركين في إلقاء بيان 3 يوليو تموز2013 (وقت الإطاحة بمرسي) في بيانه بين ما أثاره البرادعي وتظاهرات 11 نوفمبر المقبلة، متسائلا : “إذا كان البرادعي لديه كل هذه “الحقائق من وجهة نظره لماذا لم يكتبها في نص استقالته (وقعت عقب فض رابعة في 14 أغسطس 2013) ولماذا تذكرها فجأة في الأول من نوفمبر 2016 !! .. خاصة قبل دعوات 11-11 مثلا .. هل يمكن اعتبار هذا الأمر طبيعي اذا فكرنا بالعقل وبأي درجة بسيطة من المنطق”؟
وتنتشر دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وقطاعات من المصريين خلال الفترة الأخيرة، تطالب بالتظاهر يوم 11 نوفمبرالجاري، تحت عنوان “ثورة الغلابة (الفقراء)”، ضد الغلاء، غير أنه لم تتبن أية جهة معارضة بارزة هذه الدعوة بعد.
وسائل الإعلام المحلية المحسوبة على النظام المصري، شنت هجوما واسعا ضد البرادعي، عقب بيانه الأخير، وخرجت صحيفة اليوم السابع ا(خاصة) بعنوان “مفاجأة .. البرادعى يصدر بيان طلب السماح والغفران من جماعة الإخوان”.
وقال مدحت نجيب رئيس حزب الأحرار(ليبرالي/ مؤيد) ، إن “بيان البرادعي وتبرؤه من 30 يونيو، رغم كونه شريكا أساسيا فيها يؤكد على خيانته للدولة المصرية، وكذلك تنفيذه لأجندة خارجية من أجل إسقاط مصر وتشويهها أمام الرأي العام العالمي”.
وأكد نجيب في بيان له، على أن “إصدار البرادعي بيان ضد الدولة مطالبا فيه غفران الإخوان الإرهابية في هذا التوقيت يثير حالة من الريبة داخل النفوس، ويؤكد بأن هناك اتفاقاً في وجهات النظر بين البرادعي والتنظيم الدولي للإخوان في الخارج ، لمحاولة إثارة الفتنة ضد السلطة من أجل إسقاط الدولة وتفتيتها”.
وطالب رئيس الحزب، بضرورة وضع البرادعي على قوائم الترقب والوصول، وتقديمه لمحاكمة عاجلة بتهمة “الخيانة العظمى” للبلاد، بسبب “تآمره” على الشعب المصري.
فيما قال رفعت السعيد، رئيس المجلس الاستشارى لحزب التجمع (يساري/مؤيد للسيسي)، في تصريحات أدلى بها مساء أمس في فضائية مصرية خاصة، إن “البرادعي يتصور أن مظاهرات 11/11 ستكون الثورة الجديدة، وعنده هذا الوهم الذى لن يتحقق، وأتحداه لو خرج فى الشارع 100 واحد”.
وتساءل اليساري جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (غير حكومية) في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر قائلا: “لماذا تأخر نشر هذا البيان 3 سنوات، ولماذا لم تنشره فور رحيلك؟ وماذا فعلت غير التغريدات لمقاومة الدكتاتورية؟ نحترمك لكنك أخطأت”.
أيمن نور، زعيم حزب “غد الثورة” المعارض من الخارج، رحب ببيان البرادعي، قائلا عبر حسابه ب “تويتر”: “يثمن غد الثورة ما ورد من حقائق هامة في بيان الدكتور محمد البرادعي، آملين تفهم الجميع لأهمية الاصطفاف الوطني ولم شمل شركاء يناير”.
وأضاف: “شهاده د.البرادعي حول الخداع وتعمد العنف واختطاف الثورة تؤكد “أن تأتي متأخرا خيرا من ألا تأتي”مصر بحاجة للجميع”.
وقال الكاتب المصري جمال سلطان “تبرئة البرادعي لموقفه مما جرى بعد 3 يوليو، فعله السيسي نفسه أكثر من مرة ، ثمة إدراك لدى الجميع بأن “الخراب” الذي تعيشه مصر بدأ من تلك اللحظة”.
ورحب حازم عبد العظيم المستشار السابق بحملة ترشح السيسي للرئاسة، والمعارض حاليا له ببيان البرادعي عبر حسابه بتويتر قائلا: “قليل من الرجال يستطيع أن ينشر شهادته وهو حي، ورغم تأخرها شكرا لـ د.البرادعي وأرجو ان تتقبل اعتذاري عن فترة ضبابية اختلط فيها الحق بالباطل”.
ومدافعا عن البرادعي ضد اتهامات وجهت له بالكذب، تساءل عبد العظيم: “لمن يقول أن البرادعي كاذب: ما الذي يجعله يكذب ؟ هل لتلميع نفسه ؟ هل طمعا في منصب؟ وما الذي جناه بسبب موقفه ؟ هل استفاد شخصيا؟” .
وقال رجل الأعمال المصري، حسن هيكل نجل الكاتب الراحل محمد حسنين هكيل عبر حسابه بتويتر، ” البرادعي، مع احترامي للإنسان : المشهد تعدى كل اللي فات وعدى، نحن فى مرحلة مخاض جديدة”.
وأمس الثلاثاء، كشف البرادعي، نائب الرئيس المصري الأسبق، في بيان له، أن انسحابه من المشهد السياسي باستقالته من منصبه جاء بسبب فض بالفوة اعتصام “رابعة العدوية” المؤيد لمحمد مرسي.
قال البرادعي إن اجتماع القوات المسلحة مع ممثلي القوى السياسية يوم 3 يوليو 2013، كان ” لبحث الوضع المتفجر على الأرض نتيجة مطالب الجموع الغفيرة المحتشدة فى كل أنحاء مصر منذ 30 يونيو (من العام نفسه) لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة”.
وأضاف في بيانه الذي تضمن 13 نقطة أنه “فوجئ في بداية الاجتماع بأن رئيس الجمهورية كان قد تم احتجازه من قبل القوات المسلحة دون أي علم مسبق”.
وتابع: “رئيس محتجز وملايين محتشدة في الميادين- أصبحت الأولوية بالنسبة لى هي العمل على تجنب الاقتتال الأهلي، والحفاظ على السلمية والتماسك المجتمعي من خلال خارطة طريق تمت صياغتها في عجالة”.
خارطة طريق بُنيت كما قال على “افتراضات مختلفة بالكامل عن تطورات الأحداث بعد ذلك. رئيس وزراء وحكومة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الانتقالية”.
كما نصت الخارطة على “انتخابات برلمانية ثم رئاسية مبكرة، ولجنة للمصالحة الوطنية”.
وأشار البرادعي إلى أنه وافق- في ضوء ما تقدم- على المشاركة في المرحلة الانتقالية كممثل للقوى المدنية “بهدف المساعدة للخروج بالبلاد من منعطف خطير بأسلوب سلمي بقدر الإمكان”.
ولفت إلى أن الهدف من وجوده في المنظومة الرسمية (قبل استقالته) هو “التوصل إلى صيغة تضمن مشاركة كافة أبناء الوطن وتياراته في الحياة السياسية”.
الرجل نوه في بيانه إلى مساهمته في الوساطة مع مؤيدي مرسي، وأنه على الرغم من “تحقيق تقدم ملموس لفض الاحتقان بالحوار، أخذت الأمور منحى آخر بعد استخدام القوة لفض الاعتصامات وهو الأمر الذى كنت قد اعترضت عليه قطعياً داخل مجلس الدفاع الوطنى”.
وأوضح أن اعتراضه على استخدام القوة في فض الاعتصامين “ليس فقط لأسباب أخلاقية وإنما كذلك لوجود حلول سياسية شبه متفق عليها كان يمكن أن تنقذ البلاد من الانجراف فى دائرة مفرغة من العنف والانقسام”.
وشدد في ختام بيانه أن “مستقبل مصر يبقى مرهوناً بالتوصل إلى صيغة للعدالة الانتقالية والسلم المجتمعي وأسلوب حكم يقوم على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعلم والعقل”.
وكان البرادعي، الحائز على جائزة نوبل للسلام، تقدم باستقالته من منصبه في 14 أغسطس / آب 2013 عقب بدء فض اعتصام “رابعة العدوية”.
وفي 14 أغسطس 2013 فضت قوات من الجيش والشرطة بالقوة اعتصامين لأنصار مرسي في ميداني “رابعة العدوية” و”نهضة مصر” بالقاهرة الكبرى؛ ما أسفر عن سقوط 632 قتيلا منهم 8 شرطيين بحسب “المجلس القومي لحقوق الإنسان” في مصر(حكومي)، في الوقت الذي قالت فيه منظمات حقوقية محلية ودولية(غير رسمية) أن أعداد القتلى تجاوزت ألف قتيل.