شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ثورة الغلابة : هواجس .. حقائق وآمال !! – عزت النمر

ثورة الغلابة : هواجس .. حقائق وآمال !! – عزت النمر
في مثل هذا الجو أعتقد أن الواجب هو الانسحاب من حوارات التنبؤات وهواجس الاتهامات والتخوين طالما يمتلئ واقعنا بمفردات وحقائق مجردة وثابته يمكن أن تُشَكِّل بدرجة أو بأخرى قراءة جادة وسند مهم في أي تحليل منطقي عاقل.

هل يمكن أن يحدث شيء في الواقع المصري بعد أسبوعين من الآن ؟! بالتحديد في 11 نوفمبر القادم ؟!

هل يمكن أن يتغير الواقع ؟! هل للثورات ميعاد سابق ؟! هل يمكن أن ندهش العالم بثورة موقوتة كما أدهشناه بثورة مضادة ؟!

أسئلة كثيرة و”هلهلات” مستحقة, لن يجيب عليها إلا المستقبل, ولن تغني فيها هواجس البعض ولن تجدي فيها نفعاً أمال البعض الحالمة.

من الطبيعي في واقع كئيب كواقعنا أن تتدافع الأفكار وتتشعب التحليلات التي تعُنى بهذا اليوم حتى ترصد كل مفردات مشهدنا السياسي المصري.

طبيعي أيضًا أن تذهب الحوارات والمناقشات كل مذهب من الحقيقة حتى الخيال وهي تحاول تخيل المسارات المتوقعة وتتنبأ بمآلات هذا اليوم الغامض المثير.

البعض من اليائسين أو من يسمون أنفسهم بالواقعيين يرون أن النظام يملك الدبابة والمدفع ويتحصن بالجيش والشرطة والقضاء ويملك إذناً مفتوحاً بالقتل والابادة من المجتمع الدولي ودوله العظمى ومؤسساته العتيده.

لهذه الاعتبارات يتوقع هذا الفريق أن يمر اليوم ببعض الحماسات والتظاهرات هنا وهناك وطبيعي أن تنقلها الفضائيات وينشغل بها الإعلام, وربما ستنقل معها مزيد من مشاهد الاعتقالات والدماء, ويينتظر هؤلاء أن ينتهي اليوم بنهاية حزينة للثورة وأصحابها واستقرار مكين للإنقلاب وأزلامه.

البعض الآخر يمثل فريق الحماسة والأمل وهؤلاء تدفعهم الرغبة في التغيير إلى تمنيات وآمال بأن يأتي اليوم مختلفاً ومغياراً لحراك الإخوان، ويتخيل حشوداً كثيفة تملأ الشوارع وترج الميادين.

هؤلاء يبنون آمالهم على أن الشرطة والجيش لا يستطيعان أن يتعاملا مع الحشود الشعبية الجارفة بمثل تعاملهما مع تظاهرات المحدودة, وربما ذهب هؤلاء أن الإذن الدولي المفتوح للانقلاب مشروط بقتل الاخوان فقط أما التحركات الشعبية فسيكون التعامل معها بشكل مختلف، وربما بما قد يسمح لها بالانتشار والتأثير وربما التغيير.

مسار آخر للحوار الصاخب انخرط فيه هؤلاء وأولئك في قراءة وتخيل تفاصيل الحدث بعيداً عن مآلاته ونتائجه، فاعتبره المشائمون الواقعيون مؤامرة مخابراتية تهدف إلى اخراج البقية الباقية من المصريين الحالمين بالثورة والحرية واستدراجهم للقتل أو الاعتقال، بحيث يكتب في هذا اليوم شهادة وفاة للشعب المصري وقواه الحية الفاعلة.

حينها يشرب الإنقلابيون كأس النصر الاخير نخب الاستقرار النهائي والتمكن الكامل للإنقلاب, ومن ثم القضاء بالضربة القاضية على كل نفس تنبض بالحرية والكرامة في هذا الشعب المسكين.

قطاع غير قليل من المتابعين يتمسك بالأمل ويرفض أن يُستدرج في تفسير الأحداث إلى نظرية المؤامرة، خاصة وقد ظهرت بوضوح الصورة البائسة لأجهزة المخابرات ورموزها الفشلة.

النظر إلى تفاهة وغباء وسطحية السيسي وهطله وهو النموذج الأقرب والأغرب في واقعنا الذي يُدين المخابرات الحربية, ويجعل الحديث عن تخطيط المخابرات وتدابيرها واحاطتها بأي شيئ هو من الهواجس المنكورة بأكثر مما هو من الاحتمالات المنتظرة أو التحليلات المحترمة أو التفكير الجاد الرصين.

في مثل هذا الجو أعتقد أن الواجب هو الانسحاب من حوارات التنبؤات وهواجس الاتهامات والتخوين طالما يمتلئ واقعنا بمفردات وحقائق مجردة وثابته يمكن أن تُشَكِّل بدرجة أو بأخرى قراءة جادة وسند مهم في أي تحليل منطقي عاقل.

أتوقف مع بعض هذه الحقائق الواضحة والراسخة ومنها ..

  • أن مبررات الثورة وأسبابها لم تكن متوفرة في تاريخ الحياة السياسية المصرية بمثل ما هي متوفرة اليوم حتى مقارنة بــ 25 يناير 2011.

  • كم الاحتقان الغضب الذي يجمع فئات الشعب المصري بلغ المدى الذي لم يصل إلى مثل هذا المستوى من قبل في تاريخنا القريب أو البعيد.

  • النظام الحاكم الحالي وصل إلى مرحلة من الهشاشة والضعف ربما لم يصل إليها نظام حكم في مصر في أي عهد مضى، ولا يعتبر عاقل  أن عسكرة الشارع وكثافة الحواجز الأمنية وكثرة المعتقلات والسجون هي علامة قوة أو تمكن.

  • الصورة البائسة والهذيلة لشخص السيسي والتي تزداد بؤساً وتسفلاً كلما حل بطلعته الغبية أو أخرج صوتاً أو أحدث شيئاً وربما تجتمع البلاهة كلها لمجرد ابتسامته الصفراء.

  • الصراعات بين أجنحة النظام والتنافر بين مكوناته وتضاد المصالح وصل إلى مرحلة لم تظهر بهذا الشبق في أي نظام حكم سابق في مصر.

  • من آيات فشل الإنقلاب أنه أطلق النار على أقدامه خلال السنوات الثلاث من عمر الإنقلاب وربما خلال السنوات الخمس من عمر الثورة, فحطم بغبائه كبرياء كل الوجوه الخبيثة والأقنعة الزائفة والمؤسسات الخادعة التي كان يلوذ بها فراعنة مصر طوال تاريخهم الآسن, فكسر تابوه الجيش المصري “العظيم” وأهان القضاء “الشامخ” وشوه الأزهر في وضعه الحالي وفضح سدنة إسلامه “الوسطي الجميل” وكشف عورات الكنيسة “ووطنيتها”, وبات الإعلام والاعلاميون رموزاً للخيانة والكذب وأحذية للفساد في الوعي الجمعي للشعب المصري بطبقاته المختلفة.

وأخيراً وهو الأهم لا يمكن ونحن نرصد تفاعلات الشِأن المصري أن نتجاوز قسوة الظرف الاقتصادي المصري وهشاشته وترديه بما لا يسمح للنظام الحالي بتقديم رشاوى كبيرة تُسْكِن الريح أو تهدأ البركان.

ربما أقصى ما يستطيعه السيسي ونظامه أن يؤجل بعض القرارات التي يفرضها الظرف الاقتصادي وتمليها اشتراطات صندوق النقد الدولي ويستدعيها غباء السسيس أو ربما أهدافه من فناكيشه الساقطة ومشاريعه الفاشلة.

ماذا نتوقع من حزمة قرارات مؤلمة يبشر بها سيسي المعاناة وجنرلاته القساة ورئيس حكومته الصايع الضايع ؟!.

ما الذي يمكن أن يحدث مع ارتفاع قياسي جديد للدولار وانهيار غير مسبوق للجنيه المصري المظلوم؟!

ما هي تداعيات ارتفاع جديد في سعر البنزين والسولار ورفع أسعار فواتير الخدمات ؟!

هل سيمر تسريح حشود من موظفي الحكومة مرور كريم أو غير كريم؟!

هل يمكن التنبؤ بما قد يتحفنا به غباء العسكر في اصدار جديد؟!

هذه القرارات ليست افتئاتاً على الإنقلاب وليست إشاعات تُرَوج لكنها قدر محتوم وشيك سيُفَرض على الشعب المصري بمجرد إطمئنان العسكر لسكون العاصفة وهدوء الريح.

أعتقد أن مرور يوم 11/11 سواء كيوم ثوري حاشد أو حتى ضعيف، فإن ذلك لن يكون خاتمة المطاف ولا فقدان للأمل ولا حتى تأجيله لمدى بعيد.

وأنتظر من سواءات العسكر وغباء بياداتهم الثقيلة وسقطات الاقتصاد مزيداً من النكبات القاسية على شعب فقد القدرة على التحمل وربما فقد الرغبة في الحياة, الأمر يشي بصب الزيت على نار الغضب الشعبي المتصاعد فيحيله ثورة كاملة غداً أو بعد حين.

ربما الآن يمكن القول بمنتهى الاطمئنان أن التغيير أصبح لازماً، وأن السيسي ونظامه أصبح عبئاً على الجميع ولم تأتي لحظة يتفق فيها الجميع على ضرورة طي صفحة السيسي ورموز حكمه من الداخل والخارج من الأصدقاء وربما الأعداء.

فهل هناك من يتربص للحدث وويختطف الحراك ؟! ..

أم أن وعياً ثورياً جاداً تستعيده النخبة وصحوة فاعلة تقوم بها الجماهير يكتبان لمصر مستقبل رشيد؟!!.

 
 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023