قالت صحيفة “الأهرام” – القريبة من النظام الحاكم والمعبرة عن توجهاته – إن وفدًا مصريًا رفيع المستوى سيبدأ اليوم الاثنين جولة أوروبية لاستطلاع رأي الخطوط الملاحية في فكرة تحصيل رسوم العبور من قناة السويس من السفن التابعة لهذه الخطوط لمدة ثلاث سنوات مقدمًا.
وبحسب ما نشر في عدد الصحيفة الصادر اليوم الاثنين، فإن الوفد يتألف من مسؤولين بهيئة قناة السويس والبنك المركزي، وتتضمن الجولة كل من فرنسا وسويسرا والدنمارك.
وقالت الصحيفة إن الهدف من هذه الخطوة هو “تعزيز الاحتياطي النقدي للبنك المركزي من العملات الصعبة”.
انخفاض الاحتياطي
انخفض احتياطي النقد الأجنبي لدى مصر من 36 مليار دولار قبل ثورة 2011 إلى نحو 16.56 مليار دولار في نهاية أغسطس الماضي. إلا أن البنك المركزي أعلن مطلع الشهر الجاري ارتفاع الاحتياطي إلى 19.59 مليار دولار.
ويواجه البنك المركزي ضغوطا شديدة لخفض قيمة الجنيه ويشن حملات رقابية مشددة على الصرافات للسيطرة على سعر الدولار في السوق السوداء، الذي قفز خلال الأيام الماضية فوق مستوى 13 جنيها، مقابل 8.88 جنيه في البنوك.
وبحسب إحصائيات سابقة لقناة السويس، بلغت إيرادات القناة خلال السبعة أشهر الأولى من العام الماضي 2.977 مليار دولار، وهو ما يعني انخفاض إيرداتها بنحو 1.9%.
ونقلت الصحيفة عن مصدر بهيئة قناة السويس لم تسمه قوله إن الهيئة بدأت قبل عدة أيام مفاوضات مع الخطوط الملاحية الكبرى لتحصيل رسوم العبور مقدما لمدة 3 سنوات.
وأضاف المصدر أن هناك موافقة مبدئية وترحيبًا كبيرًا من هذه الخطوط للفكرة، والتي تشمل تقديم العديد من المزايا لهم في صورة تخفيض لرسوم العبور يحددها البنك المركزي.
وأشار إلى أن “المفاوضات تشمل نحو 6 من الخطوط الملاحية الكبرى وهي الدنماركي “ميرسك”، والايطالي/ السعودي “MSC”، والفرنسي “CMACGM”، والصينى “COSCO”، والألماني “الهابك لويدز”، والتيواني “أيفر جرين””.
الحكومة في مأزق والاقتصاد يدفع الثمن
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي مصطفى شاهين، أن الحكومة في مأزق وليس لديها أي فكر لتوفير النقد الأجنبي سوى تحصيل إيرادات قناة السويس مقدمًا، وهو ما سينعكس على إيرادات القناة في المستقبل، في ظل اعتماد الاقتصاد المصري عليها بشكل كبير في العثور على العملة الأجنبية.
وقال شاهين في تصريح خاص لـ”رصد”: إن مسؤولي الدولة ذهبوا إلى أكبر دول تمر سفنها بقناة السويس، ليحصلون على الأموال مقدما، ويدفع ثمنها الاقتصاد بعد ذلك، وهذا تفكير نمطي، فهم لايفكرون في تزويد الصادرات ولا يفكرون في الاستثمار وإنشاء مصانع لجذب العملات الأجنبية، وفي واقع الحال الوضع مأساوي لا يحلون المشكلة من جذورها، والجيش أصبح منافسًا للمستثمرين وأصبح طاردًا للاستثمار.
الإيرادات المستقبلية
الدكتورة عالية المهدى، العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قالت إن المبادرة ستدعم إيرادات قناة السويس في العام الأول ولكنها ستؤثر سلبا على الإيرادات المستقبلية، خاصة وإن تطبيق هذه المبادرة يتطلب منح الشركات خصم على رسوم عبور سفنها طوال مدة الإتفاقية.
وبحسب إحصائيات البنك المركزي، بلغت إيرادات القناة خلال العام المالي الماضي 5.1 مليار دولار، مقابل 5.3 مليار دولار خلال العام المالي 2014-2015.
وتعاني مصر من أزمة نقص الدولار في سوق العملات، وتتصاعد الضغوط بقوة على البنك المركزي من أجل تخفيض قيمة العملة في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة جاهدة لإنعاش الاقتصاد الذي تضرر من اضطرابات سياسية وأمنية أدت إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب وهما مصدران مهمان للعملة الصعبة.