كشف الصحفي العراقي سلام مسافر، الذي أجرى آخر مقابلة مع الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي كواليس آخر مقابلة صحفية أجراها معه قبل أيام من التدخل العسكري للناتو في ليبيا، في مارس 2011م، والتي ساهمت في مقتل القذافي أخيرًا.
وفي مقال للصحفي العراقي سلام مسافر، على موقع “روسيا اليوم”؛ قال إن “اللقاء جرى في الخيمة التي رأيت فيها، وفي أثاثها المغبر نموذجًا صارخًا لنظام الحكم البدوي القائم على فكرة أن الشعب قطيع، والسلطة هبة من السماء لمن اختاره الرب راعيا لقطيع، إذا تمرد بعض خرافه فإن عملية تأديبية صغيرة تكفي لإعادتهم إلى الطريق المستقيم”، بحسب قوله.
وقال: “ظهرت حفاوته البالغة باستقبال القذافي له ولطاقم (روسيا اليوم) أثناء المقابلة، واصفًا إياه بـ(القائد النادر)”، معبرًا عن “سروره باستقبال الطاقم وخصه بهذه المقابلة”، مضيفًا: “وصلنا وفريق التصوير إلى طرابلس برًا من تونس التي تكدس على حدودها مع ليبيا في مركز (ابو جدير) عشرات الألوف من الأجانب النازحين، الهاربين من مدن العقيد، بعد اندلاع ما بات يعرف في الأدبيات السياسية الدولية بالثورة”.
وشرح الصحفي العراقي تفاصيل اللقاء قائلًا: “قدمنا طلبا للقاء العقيد، وكتبت صفحة كاملة عن سيرتي الذاتية، وفيها مسقط الرأس والتحصيل الدراسي من جامعة بغداد وجامعة موسكو، واسم العائلة واللقب وهو أمر لم اعتده في حياتي، لكن ذلك تم بناء على طلب مسؤولي الإعلام الخارجي الليبي الذين كانوا كل ثلاثة أيام يؤكدون لنا أن اللقاء قريب، وفي اليوم الرابع يطلبون معتذرين كتابة طلب جديد مع السيرة الذاتية قائلين (معلش الوضع مش باهي في البلد والأوراق ضاعت)”.
وأضاف: “وهكذا بلغ عدد الطلبات رقمًا لا أتذكره، لكن صبرنا نفد، فاتصلت بالناطق الرسمي المتحدث بإنكليزية نادرة وسط متعلمي ليبيا، بعد سنوات من انقطاع عن تعلم اللغات الأجنبية، السيد موسى إبراهيم، الشاب الدمث، أكد لنا أن اللقاء سيتحقق، وحين سألته هل يحتاج العقيد الى الأسئلة مسبقا، رد ليس بالضرورة مضيفا (لكن المحاور على الأقل)”، مضيفا: “وبعد أقل من ساعة على اتصالي بإدارة القناة في موسكو لتدبير أمر عودتنا لأننا لم نعد نطيق الانتظار والبقاء أكثر من شهر في طرابلس، جاء ممثل الإعلام الخارجي مهرولا وقال تحضروا… بعد قليل سنتوجه إلى باب العزيزية”، وتابع: “سيارة الجيب التي أقلتنا إلى (عرين القائد) دخلت منطقة خربة فيها آثار هدم قديم وقصف لم تبق من ضرباته غير جدران متهاوية وحجارة متناثرة، وأكوام من القمامة الحديثة تراكمت مع بقايا القصف الأمريكي عام 1989 على باب العزيزية مقر القذافي الذي أمر بعدم رفع الأنقاض والإبقاء على (الصورة حية) تشهد على وحشية اليانكي”.
وتابع: “لم يمض وقت طويل حتى أبلغونا بالانتقال الى الخيمة. وبدى الارتباك واضحا على أحد مصوري الفريق. سألته بالروسية (لماذا أنت مرتبك ؟. قال محرجا) حتما سنخضع للتفتيش وجيوبي مليئة بقطع حلوى وتمر لأني تركت التدخين وأحتاج الى ما يعوض عنه، وبدأ بإخراج قطع الحلوى للتخلص منها قبل ان نصل الى الخيمة، لم نخضع إلا لتفتيش بسيط. تأكدوا من الكاميرات فقط. واحتفظنا بالهواتف النقالة. أمر أثار دهشتي وأدخل البهجة في نفس المصور ديمتري كريفكو الذي لم يفلح في التخلص إلا من ربع (الاحتياطي الاستراتيجي) من حلواه!”.