أثارت مبادرة عبدالفتاح السيسي عن جمع الفكة في مصر لدعم الاقتصاد العديد من ردود الأفعال من قبل الاقتصاديين، حيث أكد اقتصاديون أن المبالغ المستهدفة من هذه المبادرة ضئيلة جدًا.
وخرج السيسى أول أمس مطالبًا بتحصيل كسور الجنيه فى الحسابات البنكية معتقدًا أنها من الممكن أن توفر الكثير اعتمادًا على حجم متعاملين يتراوح مابين 20 و30 مليون متعامل مع القطاع المصرفى.
الحسابات البنكية أقل من 9 مليون حساب
وأكد اقتصاديون أن عدد الحسابات البنكية فى مصر أقل من ذلك بكثير، وجزء كبير منها لا يوجد فيه كسور وأصغر مبالغ فيها جنيهات صحيحة، ووفقاً لمسئول رفيع المستوى فى البنك المركزى، فإن عدد الحسابات البنكية فى مصر يقل عن 9 ملايين حساب (تتراوح بين 8.7 و8.8 مليون حساب كما قال المسئول).
وعلى افتراض أن كل الحسابات فيها كسور جنيه (فكة) وبافتراض أن هذه الكسور تصل إلى أعلى فئة ممكنة للكسور (99 قرشاً) فإن مجموع ما يمكن تحصيله شهرياً من هذه الفكرة لن يتجاوز 8.9 مليون جنيه، تصل إلى 107 ملايين جنيه سنوياً من القطاع المصرفى، وهو رقم بعيد تماما عن ما يستهدفه السيسى.
لكن مسئولاً فى البنك الأهلى يؤكد أن الأرقام ستكون أقل من ذلك بكثير لأن عدداً كبيراً من الحسابات لا يتضمن فكة أو كسورا، خاصة حسابات مرتبات موظفى القطاع الخاص وعدد كبير من المودعين.
واكد مسؤولى البنوك إنهم لو طبقوا طلب السيسي بجمع الفكة من الحسابات فإن ذلك سيكون اختيارياً ولن يكون باستطاعتهم أن يفرضوا على العملاء التبرع، وهو ما يعنى أن الحصيلة ستكون ضعيفة للغاية مع استبعاد الحسابات الخالية من الكسور والتعامل مع حقيقة أن معظم الفكة فى الحسابات تقل كثيراً عن 99 قرشاً.
البنوك لا تسطيع جمع الفكة والمبالغ المستهدفة أقل من 10 ملايين جنيه
وقال الدكتور مصطفى النشرتي الخبير الاقتصادي، إن البنوك لا تستطيع استقطاع أي مبالغ من حسابات العملاء حتى وان كانت “فكة” الا بعد موافقتهم عليها، باستثناء المصاريف والرسوم البنكية.
وأضاف “النشرتي” في تصريح صحفي أن أي تحويل من راتب الموظف بالقرش يجب أن يكون من خلال توجيه البنك خطابات لعملائه لموافقتهم عليه كتابيا، موضحا أن المبالغ المقدرة من جمع “الفكة” تقدر بنحو 10 ملايين شهريا باعتبار أن هناك 5 ملايين موظف قطاع حكومي ومثلهم في القطاع الخاص، بإجمالي 120 مليونا في العام، ومن الممكن أن يتم التبرع بها لحسابات المستشفيات أو لصندوق تحيا مصر.
الاقتصاديات لا تنمو وتنهض بمثل هذه المبادرات
وقال الدكتور هشام إبراهيم، الخبير الاقتصادى، تعليقًا على دعوة عبد الفتاح السيسي بالتبرع بالفكة لخدمة الاقتصاد الوطني، إن الاقتصاديات لا تنمو وتنهض بمثل هذه المبادرات، وإنما بحاجة إلى حزمة من القوانين والتشريعات الإصلاحية.
وتابع “إبراهيم”، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “90 دقيقة”، المذاع على قناة “المحور”، والذي يقدمه معتز عبد الفتاح، أن مبادرة السيسي لا يجب أخذها بسوء نية، لكنه يجب إدراك أن مصر بحاجة إلى نظم اقتصادية أكثر إنصافا وعدالة تقف بجانب محدودى الدخل ولا تزيد من معاناتهم وأوجاعهم، مردفا: “للأسف الشديد الوضع الاقتصادى في مصر أصبح ضاغطا على الفقراء”.
وأضاف “إبراهيم” أن القضاء على أزمة العشوائيات يتطلب طرح العديد من المشروعات التنموية وليس طرح مبادرات فردية، متسائلا: أين كبار رجال الأعمال الذين تربحوا المليارات من الفقراء؟، لافتا إلى أن إسهامات رجال الأعمال في المسئولية الاجتماعية ضعيف جدا.
وأشار “إبراهيم”: إلى أن جميع البنوك لعبت دورًا ضد الاقتصاد وتسببت في رفع معدلات التضخم، لافتا إلى أن البنوك كان هدفها تحقيق المزيد من الربحية على حساب المجتمع.
مديرة تحيا مصر: المبادرة توفر 18 مليار جنيه للدولة
وتتوقع عزة قورة – مديرة برنامج التنمية في صندوق “تحيا مصر” – أن مبادرة “الفكة” التي أطلقها عبد الفتاح السيسي، يُمكن أن توفر 18 مليار جنيه للدولة، إذا تم تطبيقها بشكل صحيح.
وأضافت قورة – في مداخلة على قناة “الحياة” المصرية – أن الفكرة ليست بجديدة، وكثيرون فكروا بها، وهناك أحد الأشخاص قام بتسجيلها في السجل (الشهر) العقاري، وتحمل اسم “العلامة العشرية” وتستهدف “كسر الجنيه” في كل الفواتير (كهرباء، غاز، هواتف، وغيرها).
وأكدت قورة، أن تنفيذها بهذا الشكل على كل الفواتير سيوفر للدولة 18 مليار جنيه، لاستخدامها في تطوير العشوائيات، مضيفة أنها لن تؤثر على المواطن المصري، وهي طواعية، ولو عرف المواطن أهمية تركه للفكة من أجل مشروع قومي سيعود بالنفع عليه وعلى أولاده، لن يتأخر.
وكان السيسي قد صرح خلال افتتاحه لمشروع “بشاير الخير1” في الإسكندرية، الذي يهدف لتطوير العشوائيات، بأنه يريد أن يستغل “فكة” المعاملات البنكية التي يتم حسابها بالقروش في مشاريع تخدم البلاد، وضرب الرئيس مثال على ذلك، “يعني لو واحد بيصرف شيك بـ 1255 وشوية فكة…نأخذ الفكة دي ونحطها في حساب لصالح البلد”