قرر مجلس الوزراء في بيان له، اليوم الأربعاء، العمل بالمواصفات المصرية المعمول بها في عام 2010م، على جميع شحنات القمح المتعاقد عليها.
وبحسب البيان قال مجلس الوزراء، فإنه “لم ولن يُسمح بدخول أية رسائل أقماح خام تتعدى فيها نسبة الآرجوت ماهو منصوص عليه بالمواصفات المصرية المعتمدة والمعمول بها منذ عام 2010م، والتي تتفق مع المعايير العالمية التي حددتها جهات عالمية متخصصة منها دستور الغذاء العالمي CODEX ومنظمة الفاو”.
وتسمح المعايير العالمية بوجود نسبة 0.05%، من فطر الإرجوت في شحنات القمح المستوردة، وقال بيان مجلس الوزراء: “إن الحكومة قررت تطبيق ذلك على كافة الشحنات المتعاقد عليها والجديدة”.
ويعد قرار الحكومة تراجعًا واضحًا عن قرارها الصادر في نهاية أغسطس، عندما قرر وزير الزراعة واستصلاح الأراضي عصام فايد، منع دخول القمح المستورد المصاب بأية نسبة من فطر الإرجوت، بعدما كان قد وافق، في يوليو الماضي، بالسماح بالأخذ بالنسبة العالمية المقررة في استيراد القمح وهي 0.05%.
وسبب قرار حظر الإرجوت مشاكل كبيرة واضطرابات في سوق القمح العالمي، و اضطرت مصر- أكبر مستورد للقمح في العالم- إلى إلغاء ثلاث مناقصات لاستيراد القمح بعد عزوف الشركات عن التقدم لها.
وأشار البيان إلى أن قرار خلو القمح من الإرجوت في الشحنات المستوردة وبأثر رجعي، قد أدى إلى توقف شحن 540 ألف طن قمح من الموانئ العالمية لمصر.
كما قرر مجلس الوزراء اليوم، أن تقوم هيئة السلع التموينية بالتعاقد مع شركة عالمية متخصصة لفحص واستلام شحنات القمح المستوردة طبقًا للمواصفة المصرية والمعايير العالمية المعمول بها في 187 دولة، وذلك بديلاً للجنة الثلاثية المعمول بها حاليًا.
وتستورد مصر 11 مليون طن سنويًا من القمح، منها 5 ملايين طن تستوردها الحكومة بواسطة أجهزتها والقطاع الخاص 6 ملايين طن، بحسب بيانات مجلس الوزراء.
وأشار البيان، إلى أن الوضع الراهن “قد يؤثر سلبًا على مخزون القمح الاستراتيجي للبلاد، وعدم القدرة على الوفاء باحتياجات السوق المحلي على المدى المتوسط”.
وعلى مدى الشهور الستة الماضية شهدت مناقصات استيراد القمح المصرية اضطرابًا بفعل تضارب القواعد التنظيمية المتعلقة بنسبة الإرجوت في القمح المستورد، وهو فطر شائع قد يؤدي إلى هلوسات لكنه غير ضار عند المستويات المنخفضة.
ضغوط رجال الأعمال
من جانبه، كشفت مصادر مطلعة داخل وزارة الزراعة، الإثنين الماضي، في تصريحات صحفية، عن ممارسة مجلس الوزراء ضغوطًا على وزير الزراعة الدكتور عصام فايد، لتراجعه عن قراره المنوط بمنع دخول شحنات قمح مصابة بفطر الإرجوت، بعد حظر روسيا الصادرات المصرية.
وأكدت أنه تم استدعاء “فايد”، لمجلس الوزراء بحضور وزراء “التموين والصناعة والصحة”، لمناقشة تداعيات وقف روسيا للعديد من الصادرات المصرية مثل الموالح والخضر والفواكهة، بعض رفض شحنات مصابة بفطر الإرجوت.
وأضافت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها، أنه تم استدعاء وزير الزراعة والدكتور أحمد أبو اليزيد رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة، يوم السبت الماضي، إلى وزارة الاستثمار بحضور رئيس الوزراء لمناقشة تداعيات وقف روسيا للصادرات المصرية.
وأشارت إلى أن وزير الزراعة، رفض التراجع عن قراراه بمنع دخول أي شحنات تحتوي على أي نسبة من فطر الإرجوت، لافتة إلى أن الحكومة تواجه ضغوطًا كبيرة من قبل رجال الأعمال ومافيا استيراد القمح، لدخول وتمرير شحنات مصابة بالفطر القاتل.
ورجحت المصادر أن وزير الزراعة سيتراجع عن قراراه ويسمح بدخول شحنات مصابة بفطر الإرجوت بعد الضغوط الممنهجة التي يمارسها رجال الأعمال.
خداع للشعب
وطالب الدكتور نادر نور الدينالمستشار الأسبق لهيئة السلع التموينية، وزير الزراعة الدكتور عصام فايد، بالاستقالة فورًا بعدما ألغى مجلس الوزراء قراره الذي كان بمقتضاه سيتم منع دخول القمح الملوث بفطر الإرجوت إلى مصر.
ولفت في تصريحات صحفية، إلى أن قرار مجلس الوزراء يحتوي الكثير من الأكاذيب والخداع للشعب المصري؛ لأنه يروج إلى أنه يمكن معالجة السموم الفطرية بالقمح، بينما في الحقيقة أن السموم الناتجة عن “الإرجوت” لا تتأثر بالحرارة أو أي طريقة للمعالجة، وتظل في القمح، وهي شديدة الثبات والسمية، ولها آثار صحية خطيرة وثابتة على صحة الإنسان منها إصابة الإنسان بالهلوسة والغرغرينا والإجهاض لدى السيدات.
وأضاف أن القمح الملوث بـ”الإرجوت” يقل سعره عن نظيره النظيف بنحو 50 دولارًا للطن، وستصل أرباح المستوردين الإجمالية بسبب هذا الفارق إلى 875 مليون دولار، بما يوازي 10 مليارات جنيه مصري، وهي أرباح سنوية جعلت المستوردين يضغطون على الحكومة لإلغاء قرار وزير الزراعة، الذي كان يشترط أن يكون القمح المستورد نظيفًا تمامًا، وخالي من “الإرجوت”؛ وذلك لتحقيق أرباح على حساب صحة الشعب المصري.