جاء الحشد الكنسي لدعم السيسي خلال زيارته للأمم المتحدة ليكشف عن إصرار الكنيسة المصرية على خلط الدين بالسياسة، وهو ما أثار غضب الكثير من الأقباط.
رسالة تواضروس
واعتبر بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني، أن “كرامة مصر ممثلة في كرامة استقبال رئيس مصر”، (يقصد السيسي).
وقال البابا في رسالته إن كثيرين “ضحايا للإعلام المغلوط بكل ما ينشره كذبا وافتراء في حق حياة المصريين، أقباطا ومسلمين، وإننا نعرف تماما مجتمعنا، ولا نرضى أبدا بأن يكون هناك ما يشوه ملامحه بمقالات وعبارات وتعليقات لا تحتوي صدقا ولا حقيقة ولا أملا ولا رجاء”.
واختتم البابا رسالته قائلا: “لنرحب بمصر في شخص رئيسها المحبوب على أرض المهجر، وأمام كل الأمم، تقديرا واعتزازا وكرامة”.
نفين ملك: الكنيسة جعلتنا طرف سياسي
وهاجمت نيفين ملك، الناشطة القبطية في مجال حقوق الإنسان، موقف الكنيسة من الحشد لتأييد السيسي، وتصريحات قيادات الكنيسة التي كشفت موقفهم.
وقالت ملك في تصريح حاص لـ”رصد”: أن الاستعانة بشخصيات كنسية في التوجيه هذا يضر، لأنه يجعلها طرفًا سياسيًا وبالتالى طرفًا في الاستقطاب المجتمعى، وهذا يضر بملف الوحدة الوطنية والنسيج المجتمعي، وبالطبع يضر بالمسيحيين فى ملف التعايش وخاصة في الداخل المصرى.
وأوضحت ملك أن حشد المظاهرات لتأييد السيسي في أميركا دلالة على الضعف وانعدام الثقه فى انجازات النظام ، مشيرة إلى أن استخدام بعض الشخصيات والقيادات الدينية لإعطاء التأييد نوعًا من الزخم والقبول”المغلوط”، يعني عدم تحقيق أي نجاح يذكر في أي ملف سواء اقتصادي أو سياسي.
وأضافت ملك: أن هذا تفكير نمطى ويعبر عن إخفاق مؤسسى في التعامل مع الواقع؛ لأن هذا الزمن مختلف ولا تصلح معه الأدوات القديمة، وخاصة ما يتعلق برسم صور مغلوطة أو تزييف الوعي العام في زمن السموات المفتوحة.
رامي جان: تواضروس استطاع أن يبتز السيسي
وعلق الناشط القبطي، رامي جان، على دعوة تواضروس للصلاة للسيسي بالقول: “إن تواضروس استطاع أن يبتز السيسي، ويمسكه من يده اللي بتوجعه”.
وأضاف، في مداخلة هاتفية مع قناة “وطن” الفضائية، اول امس السبت: “إن فكرة الاجتذاب السياسي التي لعب بها تواضروس مع شخصية مثل السيسي جاءت بنتيجة، والدليل المظاهرة التي نظمت لمدة ساعة من الأقباط أمام البيت الأبيض منذ 20 يوما أو شهر”.
وتابع: “السيسي رضخ لتواضروس وقرر خروج قانون بناء الكنائس وقطعة أرض كبيرة لبناء كاتدرائية عليها”.
“فرحات” يطرح تساؤلات للبابا تواضروس
ومن جانبه انتقد الفقيه الدستوري نور فرحات، تصريح “البابا تواضرس”، لأقباط المهجر، بأن كرامة مصر تتمثل في حسن استقبال السيسي بنيويورك.
وكتب “فرحات”، في تدوينة علي حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، اليوم الإثنين:“قداسة البابا خالص التوقير لقداستكم وما تمثلونه من قيادة روحية لإخواننا فى الوطن الأقباط الأرثوذكس ولكن أسمح لى كمواطن مصرى أن أطرح بعض الأسئلة، نحن بالطبع مع حسن استقبال الرئيس وحسن استقبال أى مصرى فى أى مكان ولا نقر الإساءة لأحد، ولكن حسن الاستقبال شئ ونقد المواقف السياسية شئ آخر”.
وأضاف:”ما رأى قداستكم فى كرامة المصرى واستقباله فى أقسام الشرطة المصرية ؟، ما رأى قداستكم فى كرامة المصرى وهو تحت وطأة التعذيب ؟، ما رأى قداستكم فى كرامة شبابنا المحبوسين خلف جدران السجون منذ شهور بتهم ملفقة ؟، ما رأى قداستكم فى كرامة شعبنا وهو يذهب للمستشفيات والمدارس والوحدات المحلية وكل مؤسسات الدولة ؟، ما رأى قداستكم فى الكثير والكثير ؟”.
وتابع: أتضرع لكل رجال الدين فى الكنيسة والأزهر أن يدعو ما لقيصر لقيصر وما لله لله، لنا ما لقيصر ولكم ما لله، وفى مبارك وموقفنا منه عبرة، مع خالص التوقير لقداستكم”.
وانتقد الكاتب والروائي، الدكتور علاء الأسواني، تصريحات البابا تواضروس، وقال الأسواني في تغريدة عبر صفحته على موقع التدوينات القصيرة “تويتر”: “البابا تواضروس قال لأقباط المهجر أن كرامة مصر تتمثل في حسن استقبال السيسي في نيويورك الحقيقة أن كرامة مصر تتمثل فقط في كرامة المواطن المصري”.
رسالة غضب من الأقباط
أصدر عدد كبير من النشطاء الأقباط بيان مشترك ووقع عليه حتى الان المئات من الاقباط على مواقع التواصل الإجتماعي، ينتقد موقف الكنيسة، وقال البيان :”ثارت دعوات الكنائس المصرية، خاصة الكنيستين «القبطية الأرثوذكسية» و«الإنجيلية»، لحشد المصريين المسيحيين بأميركا لدعم السيسي أثناء حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، جدلا بين مؤيدين لدعوات الكنائس من منطلق الحرص على مساندة الرئيس باعتبارها مصلحة وطنية، ومعارضين لها من منطلق اختلاف مع سياسات وأداء النظام الحالي، وآخرين رافضين لتدخل المؤسسات الدينية في السياسية”.
وأضاف البيان:”كان لابد لنا نحن الموقعون أدناه أن نطرح رؤيتنا حول تلك الأزمة وتداعياتها المستقبلية في إطار إيماننا بواجبنا تجاه المجتمع المصري بصفة عامة والمواطنين المصريين المسيحيين بصفة خاصة.. أننا نرى أنه منذ خطاب 3 يوليو 2013 أن النظام الجديد أستحسن الزج بالكنائس المصرية في المعادلة السياسية كممثلين -وحيدين- عن عموم المواطنين المسيحيين، وتجلى ذلك في تشكيل لجنة الخمسين لتعديل دستور 2012؛ حيث ظهرت الكنائس الثلاثة كممثلين عن عموم مسيحيي مصر، ونتج دستورا يضم موادً تعزز من سطوة المؤسسات الدينية على المواطنين خاصة المسيحيين، من خلال المادة الثالثة، وفي أحد أهم الملفات الشائكة وهو «الأحوال الشخصية» والذي أثار جدلا واسعا في العقدين الأخيرين على الأقل.
وتابع البيان :” لا يصح أن نقبل ان تقوم الكنيسة سواء بناء على عمل طوعي منها أو بطلب من النظام أن تتعامل مع المواطنين المصريين المسيحيين بمنطق الشحن والتعبئة..إننا نؤكد على إيماننا بحرية الرأي والتعبير للجميع في إطار سياسي مدني غير موجه من قبل مؤسسات دينية؛ ونشدد على رفضنا أن تتصدر الكنائس المصرية مشهد الحشد والتعبئة لمظاهرات سواء داعمة أو مناهضة للرئيس؛ وهو أمر يمثل خروجًا عن القواعد الديمقراطية وإقحام للدين في السياسة” .
وأكد البيان رغم العلاقة الدافئة بين النظام القائم والكنائس المصرية، فهناك البسطاء من المواطنين المسيحيين، وخاصة في القرى والنجوع ومحافظات الجنوب، يعانون من العنف الطائفي والتمييز.
وأردف: “لم تختلف سياسات النظام الحالي في التعاطي مع أحداث العنف الطائفي المختلفة التي تمس مواطنين مسيحيين، عن سابقيه، ولم تختلف نتائجها ومردودها عليهم، فظلت منازل ومتاجر المواطنين المسيحيين عرضة لهجمات المتطرفين، وظلت أزمات بناء الكنائس حاضرة وبقوة، كما استمرت سياسات إفلات مرتكبي تلك الجرائم من العقاب واللجوء إلى جلسات الصلح العرفية بدلا من إعمال القانون”.
واستطرد: “انعكست العلاقة بين النظام الحالي والكنائس على مشروع قانون بناء وترميم الكنائس فتم قصر جولات مناقشة مشروع القانون على ممثلي الكنائس والحكومة ولم يتم طرح القانون لحوار مجتمعي؛ بل سعى النظام لتمرير القانون عبر «البرلمان» دون الإكتراث لكثير من التحفظات من قبل الرأي العام؛ الأمر الذي نتج عنه تقنينا للسياسات البائدة التي عانى منها المواطنين المسيحيين في مصر”.
وحذر البيان من خطورة استمرار الزج بالمؤسسات الدينية بشكل عام، والكنائس بشكل خاص، في المعادلة السياسية وسط مجتمع يعاني من أزمة طائفية بالأساس.