كلنا نعلم قصة عصا موسى التي قيل عنها أن أدم نزل بها من الجنة وكيف جعل الله من تلك العصا أيات فتارة هي حية تسعى فتلتهم كل إفك سحرة فرعون وتكشف للناس كذبهم، وتارة أخرى ينشق بها البحر لينجي الله رسوله وعباده المؤمنين من فرعون
ولكن تمر القرون يموت فرعون ويموت أنبياء ورسل ولكن يظل حقد الشيطان على عباد الله المؤمنين ورسالات رب العالمين تتجسد في ملايين من الفراعين ضد الرسل و الرسالات ومن يؤمن بها، حتى ضعف أهل الأيمان وصار للفراعين ألف عصاة يسومون بها العذاب لمن أمن وأتقى الله.
وتأتي العلماجامية كعصا في يد فراعين زماننا تتحول لحية تلتهم كل من يصدح بكلمة حق تنادي بصحيح الدين وتطبيق شرع الله، تلتهم وتفتك بكل أمام يقول ربي الله ويستقيم، عصا يشق بها صف جماعة المسلمين ويفتتهم حتى لا يكون هناك أمل بوحدة إسلامية تقود الأمه وتنهضها من كبوتها.
فإن كانت عصا موسى أصلها الجنة فتعالوا نتعرف على تلك العصا التي نبتت من قعر الجحيم.
العلماجامية اصطلاح يجمع ما بين الجامية والعلمانية وهما مذهبان يبدوان كأنهما على النقيض من بعضهما البعض، فالعلمانية تمثل أقصى اليسار بينما الجامية تمثل أقصى اليمين، لكن لو دققنا في الهدف الرئيسي الذي قاما عليه هذان الفكران لوجدناه واحد وهو إخراج الدين من الحياة السياسية
فكما ذكر لنا د. مصطفى محمود في كتابه الإسلام السياسي والمعركة القادمة:
(عندما ﺩﺍﺭﺕ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﻭﺳﻘﻄﺖ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﻭﺍﺧﺘﻔﺖ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻓﺘﻀﺤﺖ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ .. ﻭﺗﻌﺮّﺕ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺰﺍﺋﻔﺔ ﻓﺎﺳﺘﺪﺍﺭﻭﺍ ﻟﻴﻜﺮﻭﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﻮﺟﻮﻩ، ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ أﺳﻤﻬﺎ ﺍﻟﻠﻴﺒﺮﺍﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ .)
أما اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ فهي :نبتة خبيثة ظهرت في الغرب بعد الثورة على الطغيان الكنسي، فأتى بها من لا ناقة له ولا جمل في دين الإسلام متوهماً أنه جاء بإكسير السعادة، جهلاً منه أن الدين الإسلامي الذي يحكم العباد والبلاد، ولا يرضى أن يكون مجرد طقوس وعبادات فردية، يختلف تماماً عن النصرانية المحرفة التي حكمت أورُبا في القرون الوسطى، والتي نصبت العداء للعلم والعلماء، فثار الناس على ملوكهم وقساوستهم وقالوا: “اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس” حيث تقوم العلمانية على “دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله”.
فلله ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ تصلي ﻓﻴﻪ ﻭﺗﺘﻌﺒﺪ ﻭﺗﺴﺠﺪ ﻭﺗﺮﻛﻊ ﻛﻴﻒ ﺷﺌﺖ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻟﻨﺎ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻟﻨﺎ ﻭﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻨﺎ ﻭﻻ ﺷﺄﻥ ﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﻭﻻ ﺃﻣﺮ ﻭﻻ نهي ﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ
ﻓﺈذا ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺳﻮﻑ ﻳﻌﻘﺒﻪ ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺛﻢ ﻫﺰﻳﻤﺘﻪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ، ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﻣﻨﻬﺞ ﺣﻴﺎﺓ ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻧﺼﻒ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﻭ ﺃﻥ ﻳﺴﺠﻦ في ﺻﻮﻣﻌﺔ ويتحول إلى بعض طقوس وحسب.
وكما قال محمد قطب في كتاب شبهات حول الإسلام : (ولكي يثبت الغرب العلماني تواجده في قلب المجتمع المسلم كان لابد من سياسة يأمنون بها الروح الإسلامية أن تشتد فتعصف بهم في يوم قريب.
وهنا ندع مستر جلادستون رئيس الوزارة البريطانية في عهد الملكة فكتوريا يتحدث في صراحة ووضوح عن هذه السياسة، فيمسك بيده المصحف ويقول لأعضاء مجلس العموم: ” إنه ما دام هذا الكتاب بين أيدي المصريين، فلن يقر لنا قرار في تلك البلاد “.
وإذن فقد كانت السياسة المطلوبة هي توهين عُرَى الدين، ونزع قداسته من نفوس أهله، وتشويه صورته في أفكارهم وضمائرهم، لينسلخوا منه وينفروا من التمسك بأحكامه وآدابه، حتى يستطيع المستعمرون أن يستقروا في هذه البلاد)
ولأن الغرب العلماني يعلم جيدا طبيعة الشعوب العربية خاصة والإسلامية عامة وأن الناس في تلك البلدان هم على دين ملوكهم عملوا على محورين :
الأول: تجهيل الشعب وتغريبه عن دينه والا يعرف عنه إلا القشور التي يسمحون هم بها وهذا يأتي عبر المحور الثاني.
المحور الثاني: أن تكون النخبة الحاكمة والنخب السياسية تدين بالولاء الكامل للغرب العلماني و أن تكون العلمانية دينهم ومذهبهم.
فتقوم هذه النخب ببث سموم العلمانية داخل المجتمع المسلم ومن أهم مبادئها الخاصة ببلاد المسلمين:
الطعن في حقيقة الإسلام، والقرآن، والنبوة
الزعم بأن الإسلام استنفد أغراضه، وهو عبارة عن طقوس وشعائر روحية.
الوهم بأن الإسلام لا يتلاءم مع الحضارة، ويدعو إلى التخلف.
الدعوة إلى تحرير المرأة وفق الأسلوب الغربي
تشويه الحضارة الإسلامية، وتضخيم حجم الحركات الهدامة في التاريخ الإسلامي، والزعم بأنها حركات إصلاح وتشويه حركات الإصلاح ووصفها بالتخلف والإرهاب والرجعية وإحياء الحضارة القديمة.
وتكملة لهدف إخراج الإسلام من المشهد السياسي والاجتماعي والحياتي ككل تظهر الجامية بوجهها القبيح تتجمل بلحى وثياب بيض مظهر إسلامي ولكنه يضمر الحقد للإسلام ويهد ثوابته ويعتقله داخل جدران المساجد ويكسر شوكته في مواجهة ظلم الحاكم، ويجعله منبطحا أمام أقدام الطغاة، يعطل فريضة الجهاد بحجة أن المسلمون اليوم ضعفاء بالنسبة للعدو من جهة العدة والعتاد، ونسو أو تناسوا قول الله عز وجل (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) لم يأمرنا الله أن نعد عدة متساوية وإنما ما نستطيعه.
ظهر هذا الفكر في أعقاب حرب الخليج، وتمثلت البدايات الأولى للتيار كفكر مضاد للمشايخ الذين استنكروا دخول القوات الأجنبية إلى الكويت لتحريرها. والاستعانة بالكافر على قتال المسلم ، و وجد أل سعود في هذا المذهب ضالتهم التي ينشدون، مما دفع الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد حينها إلى إعلان أن الدولة السعودية سلفية في إشارة إلى السلفية “الجامية”، وذلك خلال مؤتمر علمي أقيم في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حول السلفية.
ومن أبرز ملامح التيار الجامي:
الولاء المطلق والسمع والطاعة لولي الأمر وأن جلد ظهرك وعدم الخروج عليه وتحريم الثورات والمظاهرات والعمل السياسي العام ضد النظام الحاكم.
متناسين تماما ومنكرين لأفعال وأقوال السلف من الصحابة الكرام الذين يدعون أنهم يسيرون على نهجهم ، ومن أهم هذه الأقوال خطبه الخليفة أبو بكر الصديق :
(يا أيُّها الناس، قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حقٍّ فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسدِّدوني. أطيعوني ما أطعتُ الله فيكم، فإذا عصيتُه فلا طاعة لي عليكم.)
اعتبار النصيحة للنظام الحاكم خروجا على ولي الأمر.
متجاهلين أن الصحابة الكرام ومنهم عمر بن الخطاب ومن هو عمر كان يرده بعض المسلمين في أمو في الدين ولن نقول بأمور الحياة ومن أشهر هذه الوقائع:-
ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : ألا لا تغالوا صدقة النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها نبي الله صلى الله عليه وسلم، ما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من ثنتي عشرة أوقية.
ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت : يا أمير المؤمنين نهيتَ النَّاس أن يزيدوا في مهر النساء على أربع مائة درهم ؟ قال : نعم ، فقالت : أما سمعت ما أنزل الله في القرآن ؟ قال : وأي ذلك ؟ فقالت : أما سمعت الله يقول { وآتيتُم إحداهنَّ قنطاراً } ؟ فقال : اللهمَّ غفراً ، كل النَّاس أفقه من عمر أصابت امرأة وأخطأ عمر.
اعتبار من يعارض الحاكم أو يناقشه من الخوارج و الإفتاء بوجب قتله حفاظا على النظام العام.
متجاهلين هنا ليس فعل أو خلق صحابي بل فعل وخلق رسولنا وقدوتنا ،قال الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: أتى رجل بالجعرانة النبي صلى الله عليه وسلم منصرفة من حنين، وفي ثوب بلال فضة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها ويعطي الناس، فقال: يا محمد اعدل.
قال: «ويلك ومن يعدل إذا لم أكن أعدل؟ لقد خبت وخسرت إذا لم أكن أعدل».
فقال عمر بن الخطاب: دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق؟
فقال: «معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يتجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية».
السعي بالوشاية على الدعاة ورفع التقارير فيهم للحكام متجاهلين قوله تعالى (والفتنة أشد من القتل)
الموالاة والمعاداة على مسائل اجتهادية، متغافلين عن الحديث (اختلاف أمتي رحمة) والاختلاف هنا يقصد به الخلاف في الأمور الاجتهادية وليس في الأمور التي وضح فيها النص صحة ودلالة.
عدم الدعوة إلى الجهاد، وأن الجهاد لابد أن يكون بأذن ولي الأمر، وهذه من أهم النقاط التي تجعل أصحاب هذا الفكر من المقربين لرعاة الفكر الليبرالي والعلماني حيث أراحوهم من الصداع القاتل لهم.
ومن هنا وضع المجتمع المسلم بين شقي الرحى العلمانية التي تزعم أمرها في بلاد المسلمين ونشروا فكرها منذ زمن هم أصحاب العمائم أمثال ( رفاعة الطهطاوي– جمال الدين الأفغاني – محمد عبده)
ومشايخ الجامية أمثال( محمد سعيد رسلان – أسامة القوصي – وسلفين أمن الدولة الذين ينتهجون نفس أفكارهم وأن لم يعلنوا أنتسابهم للجامية أمثال( محمد حسان- محمود المصري- برهامي- سالم عبد الجليل- مظهر شاهين- كريمه -علي جمعه-الطيب –وحزب النور) وغيرهم كثير من أحلوا قتل المدنين العزل ، وسكتوا عن أغتصاب الفتيات، وأعطوا الأنظمة الحاكمة الصلاحيات المطلقة في الاختصاص، في الداخل والخارج حتى عم الفساد والخراب على البلاد والعباد.
ومن هنا يتضح أن الجامية علمانية بثوب إسلامي الهدف منها محاربة الإسلام من داخلة وهي عصا فرعون التي يشق بها وحدة المسلمين وحيته التي تنفث سمومها لقتل الموحدين