قال إفرايم هليفي الرئيس الأسبق لجهاز الموساد الإسرائيلي، تعليقًا على القرار الروسي بنشر قاذفات استراتيجية روسية في قاعدة همدان الجوية غرب إيران، لاستهداف من وصفوا بـ”المتشددين المسلحين” في سوريا: “إن سماح إيران بتمركز القاذفات الروسية في قاعدة “همدان” يخدم المصالح الأمنية لـ”إسرائيل”.
وفي مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرنوت”، أمس الجمعة، أوضح هليفي أنه في ظل علاقات الشراكة الاستراتيجية بين “إسرائيل” وروسيا فإن اضطرار إيران للسماح للقاذفات الروسية بالتمركز في قواعدها يخدم المصالح “الإسرائيلية”.
ووصف هليفي بوتين بأنه: “فنان نادر في استخدام كل رافعات القتال إلى جانب الدهاء، والخداع الاستراتيجي، ناهيك عن استخدام التضليل الاستخباري والاستخدام المتوازي العلني والخفي للموارد العسكرية من أجل تحقيق أهدافه”.
كما ألمح هليفي إلى أن بوتين يعكف على اتخاذ الخطوات الاستخبارية والعسكرية العلنية والسرية من أجل الحفاظ على المصالح الإسرائيلية، وشدد هليفي على أن سماح إيران للقاذفات الروسية بالتمركز في قواعدها “يمثل إقرارًا فجًا بالفشل في سوريا”.
وفي مقال سابق له، أوضح إفرايم هليفي، أسباب قبول إيران نشر طائرات روسية، فقال: “إن نشر قاذفات روسية في المطار الإيراني همدان وتنفيذ طلعات يومية من هناك نحو أهداف في سوريا، هو حدث تأسيسي في التاريخ الإيراني، فلم يسبق أن سمحت إيران أبدًا بمرابطة قوات أجنبية في أراضيها”.
ورأى الخبير الإسرائيلي أن “هذه الخطوة تعكس عمق فشل نظام آيات الله في إلحاق الهزيمة بمعارضي الأسد في سوريا دون مساعدة روسية وقيود القدرة الروسية لحسم الحرب حتى الآن، ونحن نجلس على حدود مناطق القتال ونحتك بها”.
وأضاف أن “فهم الخطوات الروسية يستدعي عودة إلى اتفاق مولوتوف-ريبنتروف في أغسطس 1939، قبل أسبوع من اندلاع الحرب العالمية الثانية، وكان للاتفاق قسمان: الأول- اتفاق عدم اعتداء بين القوتين العظميين، وكان علنيا؛ والثاني- السري، يتضمن تسوية لتقسيم وسط أوروبا إلى مناطق نفوذ بين الاتحاد السوفييتي وألمانيا”.
وأشار هليفي إلى أنه “في الخطوة الأولى غزا الجيش الأحمر والفرمخت الألماني بولندا، أضاعوها بسرعة، أجروا مسيرة انتصار مشتركة وألغوا استقلالها، وبعد عشرة أشهر من ذلك ألغي وجود ثلاث دول، هي أستونيا وليتوانيا وليتا، وقانون سوفييتي قضى بأنها لم تكن موجودة على الإطلاق”.
وأردف بأن “الوقود الذي وفره الاتحاد السوفييتي للجيش الألماني سمح له باستكمال احتلال غرب أوروبا، رئيس وزراء بريطانيا، تشرتشل، قدر في حينه في خطاب في البرلمان بأن سقوط بريطانيا في أيدي النازيين هو إمكانية واقعية، ولو لم يخطئ هتلر ويفتح الحرب ضد الاتحاد السوفييتي في 1941 لكان ممكنا أن يكون انتصر في الحرب العالمية”.
وبعد عشرات السنين من انتهاء الحرب كان محظورًا في روسيا ذكر الاتفاق، وفقط في العام 1989م، اتخذ مؤتمر خاص عقد هناك قرارا بشجب الاتفاق، ولكن هذا بقي سرا ولم ينشر إلا في 1992، ثمة أهمية خاصة لموقف الرئيس الروسي من الاتفاق: في 2008 شجبه بوتين في لقاء أجراه مع ثلاثة رؤساء بلدان البلطيق، قال فيه إن الاتفاق لم يعكس موقف الشعب الروسي وكان “ليس أكثر من موضوع خاص بين ستالين وهتلر”، وفقًا لهليفي.
غير الرئيس الروسي رأيه قبل سنتين، حين برر تصفية استقلال بولندا بدعوى أنها كانت جديرة بالعقاب على أفعالها، والعقاب الذي تم اختياره هو الموت السياسي، وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده مع المستشارة الألمانية ميركل قبل نحو سنة، استكمل بوتين مسيرة إعادة الاعتبار لاتفاق مولوتوف-ريبنتروف، بقوله إن الجهد الروسي لإقامة جبهة موحدة ضد ألمانيا فشلت في الثلاثينيات، ولهذا فقد كان الاتفاق منطقيا “لضمان أمن الاتحاد السوفييتي”.
ولفت هليفي إلى أن مبادئ اتفاق مولوتوف-ريبنتروف حية ترزق اليوم أيضا، وكذا طرق العمل الروسية إياها، فالخطوات الروسية الأخيرة في الشرق الأوسط تتضمن رفعا مستمرا للحاجة إلى ضمان “مناطق نفوذ”، وتأكيد السيطرة في مجالات جغرافية وسلطوية، عمليا.
وبحسب قوله، فإن روسيا تريد تجديد الوضع الذي كان قائما حتى 1973، حيث كان لها نفوذ كبير في العراق، وفي سوريا، وفي ليبيا، وفي حركات تحرر مختلفة، بما فيها الفلسطينيون، وهو يريد أن يصبح ثانية مورد سلاح كبيرًا لدول أساسية في المنطقة، وخلق وضع يكون فيه صوت سياسي يجب مراعاته في كل موضوع أو نزاع في الشرق الأوسط.