ترى صحيفة “نيويورك تايمز ” الأميركية أن النفوذ الإقليمي للقاهرة مستمر في التدهور على حساب قوى إقليمية أخرى مثل السعودية وإيران، مشيرة إلى تشبيه السيسي لمصر بأنها”شبه الدولة “
وقالت الصحيفة: “إنه أثناء خطابه التلفزيوني حذر الرئيس عبدالفتاح السيسي المصريين بأنهم يعيشون في دولة منكسرة محاطة بالأعداء الذين لن يتركوهم وشأنهم” وقال السيسي: ” انظروا إلى بلدكم جيدًا، إنها شبه دولة وليست دولة حقيقية”.
وبعد خمسة أعوام من الإضطرابات السياسية والإقتصادية ،يخيم على البلاد الشعور بالكآبة، وانسحبت الدولة “مصر”- التي تزعمت بشكل تقليدي الثقافة والسياسة في العالم العربي، ويمثل سكانها ربع سكان المنطقة- إلى الداخل وأصبحت مهمشة سياسيًا بطريقة لم يشهدها أجيال عدة.
ويشير نبيل فهمي السفير السابق لدى الولايات المتحدة إلى النفوذ القوي السابق لمصر بالقول: ” في الماضي كان عبدالناصر يقررالحرب أو السلام، وكذلك كان يفعل السادات، وكان العرب يسيرون خلفنا عندما نقرر شيء ما “.
ويستطرد “فهمي” الذي عمل وزيرًا للخارجية في أعقاب الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي: “لكن ذلك لم يعد الآن، وأصبحت مصر منشغلة بشكل كامل في الوضع الداخلي”.
وأضافت الصحيفة أنه مع الأزمات المتفاقمة للمنطقة في العراق وسوريا واليمن والحرب ضد تنظيم الدولة، فإنه ينظر إلى الدور المصري بأنه غير ذي جدوى، واندفعت إيران والسعودية في تنافس طائفي إقليمي، وفي منافسة خطيرة من أجل الهيمنة الإقليمية.
وأوضحت الصحيفة: “أنه لا توجد آمال لإنهاء هذا التراجع الكبير، واستعادة الوضع السابق، ومنذ إبرامها لإتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979م، خدمت مصر كنقطة إرتكاز للنفوذ الأميركي في المنطقة، وتعاون الجيشان المصري والأميركي عن كثب على مدار عقود، وذهبت مصر إلى الحرب ضد صدام حسين جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة عام 1991م، ولعبت القاهرة دور الوسيط الهام بين إسرائيل والفلسطينيين والفصائل الفلسطينية، ومع ذلك فإنها بدأت في التخلي عن هذا الدور عن طريق دعم إسرائيل في مواجهة حماس في 2014م، ومع ضعف الدور المصري تراجعت قيمة القاهرة لدى واشنطن، وهي القيمة التي منحتها 76 مليار دولار منذ عام 1948م”.
ويقول “إساندر أمراني” مدير مشروع شمال أفريقيا في مجموعة الأزمة الدولية: “باتت مصربشكل أساسي تمثل مشكلة وليس مصدر للحلول بالنسبة لواشنطن، وبدون الحاجة إلى العلاقات العسكرية وتفضيل البنتاجون المرور السريع عبر قناة السويس، فإنه سيكون هناك دوافع قوية لإدارة أوباما لعدم الاهتمام بنظام السيسي وقمعه الداخلي وانتهاكات حقوق الإنسان”.
ويسبتعد عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق، والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، القيام بأي مغامرات خارجية في الوقت الحالي نظرًا للمشاكل الكبرى التي تواجهها البلاد، ويؤكد “موسى” على الدور الخارجي لمصر لإحداث توازن في مواجهة إيران وتركيا، إلا أنه يرى أن الطريقة الوحيدة لذلك هو إصلاح مصر نفسها من الداخل، وإعادة بناء القوة الناعمة للبلاد.
وأشارت الصحيفة إلى الوضع الاقتصادي المتدهور للبلاد، إذ انخفضت السياحة بمقدار 59.9 منذ يونيو الماضي، وأغلق أكثر من نصف فنادق شرم الشيخ، ومنعت الدول الخليجية اقتصاد البلاد من الانهيار التام عن طريق تقديم دعم بقيمة 25 مليار دولار، إلا أن انخفاض أسعار البترول يهدد استمرار هذا الدعم، كما توترت العلاقة بين القاهرة والولايات المتحدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.