ويل للعرب من خطر إسرائيل الذي اقترب، ومن قيام دولة “إسرائيل” العظمى التي أخبرنا عنها الله عز وجل في كتابه الكريم، قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين، ولتعلن علوا كبيرا ) صدق الله العظيم، أي أنها حتما ستصبح الدولة العظمى في العالم، وقد اقترب ميعادها، فقد أخطأ من ظن بأن عظم الدور الذي تلعبه دولة “إسرائيل” الآن في تسيير الدول كما تشاء وقتما تشاء؛ وضلوعها السياسي في كل شاردة ووارده في تسييس العالم وفساده؛ والتحكم في الاقتصاد العالمي وخلق المجاعات في بقاع كثيرة من العالم؛ هو العلو الذي ذكره الله عز وجل في القرآن، بل هو ما ستصبح عليه في غضون السنوات القليلة القادمة، والذي ستحكم فيه العالم بأسره “علنا” كأعظم دولة فيه، بعد إزاحة الولايات المتحدة الى الخلف، فالدور الذي تلعبه الولايات المتحدة سياسيا قد أوشك على نهايته، وقد بدأت فعليا بإخلاء طريق رحب فسيح لقيام دولة “اسرائيل”؛ سواء أكان بمحض رغبتها أو رغما عن أنفها.
تظاهر الصهاينة في الوقت الذي كانت لا تزال اسرائيل تحتاج فيه الى حماية دولية وغطاء سياسي بالتماهي والانسجام مع السياسة الأمريكية، تحقيقا لأهدافها ومخططاتها بالسيطرة على العالم وإقامة دولة إسرائيل العظمى من الفرات إلى النيل، لذى انخرطت بكل قواها ومالها لخدمة الدولة الأمريكية، (كما فعلت تماما في السابق مع “بريطانيا العظمى” في الحرب العالمية، حتى سلمتها دولة فلسطين وأعلنت قيام دولة اسرائيل)، إلا أن صانع القرار في واشنطن مهما كانت سلطته، ومهما كان حجم التأثير الصهيوني عليه؛ هو ملزم ومسؤول أمام شعبه والأحزاب عن توازن العلاقة بين المصلحة الأمريكية وبين والنزوات والرغبات والأهواء الصهيونية، وتقديم تفسير مقنع لسياسته الخارجية وإدارة الأزمات، وهذا ما صرح به “ابراهام فوكسمان” رئيس المنظمة اليهودي الأمريكية لمكافحة تشويه اليهود حين قال :” بدأ يظهر ضعف واضح وتراجع في سياسة واشنطن لتبني حروب إضافية في المنطقة بعد فشلها في أفغانستان والعراق وانكفائها في الحرب على سورية، ذلك لانشغالها في أوضاعها الداخلية والخارجية وأزمتها مع أوروبا بعد كشف فضائح التجسس على الزعماء”، أما “شمعون بيريس” رئيس الدولة وتلميذ “بن غوريون” فقد كان أول المتنبئين بخطورة هذه الظروف الدولية على مصالح إسرائيل، حين صرح قائلا :”أن عدم قدرة أمريكا على مسايرة الرغبات الاسرائيلية في المنطقة سيدفع بإسرائيل مجبرة الى تغييره”، فالحلم اليهودي الجامح يصعب عليه تحجيم نفسه بحدود قرارات أمريكية توازن أو تحاول الموازنة بين مصلحة بلادها ورغبات اسرائيل، ولأن إسرائيل لا حليف لها سوى هواها، فقد بدأت فعلا ومنذ زمن بترتيب سياساتها بعيدا عن الولايات المتحدة، كخطوة مبدئية منها للتحليق بعيدا عن السرب الأمريكي، لا سيما وأن امريكا لم تعد تحقق كل رغباتها كما ترغب، وأن الدور الدولي الأمريكي في تراجع ملحوظ.
كما أن التحول الجذري في العلاقات العربية الاسرائيلية، وتهافت الدول العربية على “التطبيع العلني” وبناء جسور حب ومودة مع “اللعينة” المسماة ب “إسرائيل”؛ قرب كثيرا من ميعاد خروج دولة إسرائيل العظمى على العالم، ففي الوقت الذي كان حلم إسرائيل منحصرا في التطبيع مع دول الجوار واعترافهم بها وبكيانها؛ كما قال :”عزرا وايزمن” رئيس وزراء (إسرائيل) السابق في جدل دار حول رفع العلم المصري في تل أبيب إبان عملية السلام مع مصر :”إن على إسرائيل إيقاف النقاش الساذج حول ما إذا كان طول السارية التي سيرتفع العلم المصري عليها فوق مقر السفارة المصرية في إسرائيل يبلغ 30 متراً أو 20 متراً وما إذا كانت السفارة ستضم خمسة أشخاص أم ستة أشخاص، والأساس هو وجود علم مصري في إسرائيل أي أن هناك سلاماً”، أما “حاييم هيرتسوغ” وهو أيضاً رئيس صهيوني سابق قال في أثناء حفل تقديم أوراق اعتماد محمد بسيوني السفير المصري الأول في (إسرائيل) 23/09/1986م “إنني آمل أن تكون هناك لقاءات أخرى واحتفالات كثيرة يقدم فيها سفراء عرب أوراق اعتمادهم” وقال “إسحق نافون” الرئيس السابق للكيان اليهودي “إن العرب المسلمين قبلوا خلال مئات السنين بأن يكونوا أوصياء على اليهود، لكنهم لم يقفوا يوماً أمام المعضلة التي حدثت الآن، مجال مشترك وحقوق متساوية لدولة إسلامية ولدولة يهودية تبدأ بالاعتراف وتنتهي بالصداقة والتحالف”، و “مناحيم بيغن” رئيس وزراء صهيوني سابق صرح قائلا “لن يرفرف بعد الآن أي علم عربي فوق القدس إلا إذا كان هذا العلم فوق سفارة عربية”، كان هذا في وقت كانت فيه الحروب لا تزال مشتعلة بين العرب وبين اسرائيل، والشعب العربي يرفض وبشدة إقامة أي علاقة من أي نوع بين بلادها وبين إسرائيل وتعتبره خيانة عظمى؛ لهذا كان الصالح الإسرائيلي يقتضي وجود دولة قوية تدعم وتحمي وتفرض وجودها في المنطقة بأي ثمن، ولهذا كانت ترغب بالبقاء تحت المظلة الأمريكية التي فرضت الوجود الإسرائيلي في الشرق الأوسط بالحرب والنار تارة وبالفيتو تارة أخرى، وتبنت دورا عظيما في خلق ورعاية علاقات عربية إسرائيلية السرية تضمن فيها استقرار ووجود الأخيرة في المنطقة، واجبار العرب على إقامة هذه العلاقات بعيدا عن شعوبها، حتى أصبح التقارب بين الدول العربية جميعا (وليس دول الجوار) فقط وبين اسرائيل في تزايد أكثر وأكثر من حيث الكم والكيف، أما عن الكم؛ فيعني أن عدد الدول العربية التي تشد وستشد رحالها نحو تل أبيب هي في تزايد سريع، فزمن مقاطعة الدول العربية للدول المطبعة مع “اسرائيل” وفرض عقوبات عليه قد ولى، ليحل محله زمن تهافت وتناحر وتسابق جميع الدول العربية على نيل شرف التطبيع العلني والصريح مع “اسرائيل”، أما عن الكيف؟ فالطامة أعظم وأدهى، لأن لا هدف حقيقي من ورائه سوى ” أن ترضى عنك اسرائيل”، فمن لا ترضى عنه “اسرائيل” لن يرضى عنه العالم، ولأجل هذا مرحبا بكل تطبيع مشين مهين لا هوان بعده، وسحقا للدين والقومية والعروبة والأخلاق، فمن كان يخجله اقامة علاقات سياسية واقتصادية علنية مع “اسرائيل” فيمررها أسفل الطاولة بالأمس القريب؛ سيتباهى بها اليوم معلنا بأنه كان أول السباقين بنيل هذا الشرف العظيم، ومن كان يواري سوءته حتى لا ينكشف أمره بأنه خادم لإسرائيل ولأوامرها من العرب؛ أصبح اليوم مدعاة فخر له لأنه كلب السيد “وكلب السيد سيد”.
إسرائيل عضو في مجلس الأمن
هل ستصبح إسرائيل عضو في مجلس الأمن؟ هو سؤال مطروح على العلن منذ عشر سنوات تقريبا، فقد أعدت وزارة الخارجية الإسرائيلية خطة عمل جدية لخوض هذا المضمار، بعد أن أصبحت أهم لجان في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال ” دوري غولد” مدير عام الخارجية الإسرائيلية ووضع خطة انضمام إسرائيل إلى الأعضاء دائمة العضوية في مجلس الأمن :” بأن خطة العمل تم الموافقة عليها وتأييده مباشرة بكامل بنودها من قبل ناتنياهو”، كما وقد حصل الأخير على تأييد قطعي من سبعة من قادة أفريقيا على مساندته والتصويت ب “نعم” في حال طرح الأمر للتصويت في الأمم المتحدة، بعد أن حصلوا على مساعدات مادية من اسرائيل فوق المجزية ووعود بإصلاحات ودعم لا متناهية ثمنا لتأييدهم هذا، ورغم أن انضمام إسرائيل لمجلس الأمن قرب قوسين أو أدنى كما يتوقع الجميع، إلا أنه لن يخولها بادئ ذي بالتصويت بالفيتو على غرار الخمسة الكبار دائمي العضوية؛ إنما ستكون مشروطة بعضوية لمدة عامين، على غرار اليابان وإسبانيا وأوكرانيا، لكن هذا لا يعني بالطبع أن الحلم الإسرائيلي قد توقف إلى هذا الحد فقط، فحلم “دوري غولد” ورئيسه “ناتنياهو” أعمق من هذا بكثير، وهو الوصول إلى سدة القرار وصناعته وهو الفيتو، وهذا ما سوف يحدث لا جدال، وما هو إلا وقت آخر إضافي تحتاجه إسرائيل لتكون إحدى دول الفيتو، وما هي الا مرحلة تتلوها مرحلة، بخطى مدروسة ومحسوبة، وتخطيط مسبق ودقيق، فإسرائيل التي كانت منبوذة معزولة لزمن قريب، أصبحت دولة معترف بها لدى كثير من دول العالم، ثم عضو في الأمم المتحدة، ثم جارة صديقة وحبيبة لدول الجوار، ثم راعية للسلام ومحاربة للإرهاب، ثم إلى الفيتو بالتأكيد، ليكون هو ” العلو الكبير” الذي ستناله كما أخبرنا الله عز وجل.