علق الكاتب الصحفي وائل قنديل على مقالة الإعلامي أحمد منصور والتي تحدث فيها عن خديعة السيسي لمرسي ، مؤكدًا أنه يؤيد ما قاله منصور عن أن الانقلاب الحقيقي بدأ في ديسمبر حينما دعا عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع في وقتها القوى السياسية إلى حوار، لافتا إلى ان التحضير للانقلاب من وجهة نظره بدأ في أغسطس 2012، وتحديدا في الرابع والعشرين منه، بتلك المليونية البائسة التي رعاها المجلس العسكري لأتباع أحمد شفيق عند النصب التذكاري.
قال قنديل : لم تتوقف محاولات الانقلاب أبدا، وقد سجلت تفاصيل محاولة أخرى، وارد الخارج، في مقال نشرته بصحيفة” الشروق” المصرية بتاريخ 13 نوفمبر 2012 تحت عنوان” من هو رئيس مصر 2013″ وجاءت أحداث الاتحادية بعدها، لتكشف خيوطا من هذا المخطط الممول إقليمياً، وفاجأني أحد مستشاري الرئيس بأن كل ما ورد في المقال صحيح، وأن الرئاسة على علم بالموضوع.
يضيف قنديل :”أتوقف هنا عند مسرح الرواية التي يسردها أحمد منصور، عن دعوة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي القوى السياسية، منسوبة للوزير محمد محسوب الذي يقول إنه فوجئ بالخبر على الشاشة وهو يجلس بالقصر الجمهوري”.
مرسي كان يعلم بدعوة السيسي
يواصل قنديل تعليقه: الحاصل أنه في ذلك اليوم كتن هناك اجتماع للقوى الحزبية والشخصيات العامة، بنائب الرئيس المستشار محمود مكي، وذلك بإحدى قاعات فندق “تريومف” التابع للقوات المسلحة، بشارع الخليفة المأمون، حيث تم نقل هذه الجلسة من الحوار، إلى الفندق، بدلا من قصر الاتحادية، نظراً لازدحام جدول الرئيس في ذلك اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2012 بحضور قيادات حزب الوسط، أبو العلا ماضي وعصام سلطان ومحمد محسوب.. كانت أنباء دعوة الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع للقاء وطنى فى القرية الأوليمبية قد وصلت إلى القاعة، الأمر الذى جعل كثيرين يحولون دفة الحوار إلى سؤال قلق حول دلالة هذه الخطوة”.
ويتابع: للوهلة الأولى اعتبرها البعض عودة إلى “عسكرة السياسة” من خلال دخول المؤسسة العسكرية إلى المشهد السياسى مرة أخرى، غير أن نائب الرئيس المستشار مكى أوضح بهدوء أن هذا أمر يجرى بالتنسيق والترتيب مع مؤسسة الرئاسة، وهو ما أكده مدير مكتب الرئيس بقوله إن اللقاء الذى رحبت الرئاسة بفكرته يهدف إلى تخفيف حدة الاحتقان بين أطراف الصراع السياسى بتركيزه على الجوانب الإنسانية والاجتماعية بين مكونات المعادلة السياسية فى مصر”.
واوضح ان رواية عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط لتلك الواقعة، جاءت على النحو التالي كما نشرها، حينذاك، على صفحته بموقع “فيسبوك”: “أثناء وجودنا فى أحد فنادق القاهرة لعقد جلسة الحوار بين الأحزاب والقوى السياسية، بوجود نائب رئيس الجمهورية وعدد من الرموز السياسية، أوضح لنا الدكتور أحمد عبد العاطى مدير مكتب رئيس الجمهورية، أن لقاءً تم صباح اليوم جمع بين وزير الدفاع ووزير الداخلية ورئيس الجمهورية وآخرين للترتيب وإنهاء الإجراءات الخاصة باستفتاء يوم السبت”.
وأضاف: “أثناء هذا اللقاء عرض الفريق السيسى فكرة ترطيب الأجواء التى كانت محتقنة بلقاءٍ ودى على الغداء يجمع بين الرموز السياسية والإعلامية والشخصيات العامة حتى تسود حالة من الارتياح بين الجميع، فوافق الرئيس على ذلك على الفور، هذا ما ذكره لنا الآن الدكتور أحمد عبد العاطى فى حضور نائب رئيس الجمهورية المستشار محمود مكى الذى أقرَّ ذلك”.
واختتم عصام سلطان بالقول إنه أراد توضيح الأمور فقط من خلال كشف كواليس دعوة الفريق السيسي للحوار بين القوى السياسية، حتى يقطع الأمر على المتربصين.
لم يطلب أحد إقالة السيسي
وقال قنديل انه ممن رأوا في هذه القفزة الخطيرة التي قام بها السيسي، متضامناً مع وزير الداخلية في ذلك الوقت، أحمد جمال الدين، عبثاً خطيراً في مرحلة لا تحتمل العبث، وأن في ذلك إهانة ونسفا لفكرة الحوار الوطني الذي انخرطنا فيه، استجابة لدعوة من مؤسسة الرئاسة، وأنجزنا من خلاله إلغاء الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس وأشعل الأزمة. وقد عادت الرئاسة وأعلنت فيما بعد، على ضوء حصيلة نقاش المجتمعين إلغاء اللقاء.
وأشار قنديل الى انه بعد الوجوم الذي خيم على الوجوه، لم يسمع أن أحداً من الحاضرين طلب من الرئيس أو مستشاريه إقالة وزير الدفاع أو اعتقاله، بل كانت هناك وجهة نظر ترى في دعوة وزيري الدفاع والداخلية فرصة لمواجهة مع رموز جبهة الإنقاذ، وأن انعقاد اللقاء بحد ذاته قد يذيب بعض الجليد ويفتح آفاقاً للحوار.
اكد قنديل انه لن يجادل في أن وزير الدفاع نجح في خداع رئيسه، ثم انقضّ على الحكم، متسائلا هل الرئيس مرسي هو وحده الذي خُدِعَ؟
واشار قنديل الى أن بعض الذين يجلدون الرئيس على أنه تعرض لخديعة، كانوا هم أنفسهم، من حيث لا يدرون، جزءاً من عملية الخداع، سمّها الغفلة، أو قل الثقة في غير موضعها، أو ما تشاء من توصيفات.
وكشف قنديل انه عقب بيان الجيش الغامض في الأسبوع الأخير قبل تنفيذ الانقلاب، دار حوار عبر الهاتف بينه وبين عدد من السياسيين المحترمين يقبعون في السجون الآن، وحاول أحدهم، طمأنة قنديل، قائلاً إنه كان مثلي قلقا مما هو آت، حتى حضر لقاء على مستوى ضيق، تم بين سياسيين من قيادات حزبه مؤيدي استمرار المسار الديمقراطي، من جانب، وعسكريين كباراً من جانب آخر، وقد شهد اللقاء شرحاً من وزير الدفاع حينئذ، لسيناريو واحتمالات يوم الخروج، وكلها بنيت على أن الكتلة الأكبر من الحشود التي ستحاصر قصر الاتحادية هي من جمهور دولة حسني مبارك وأحمد شفيق، يقودها ويتولى شحنها رموز وقيادات الحزب الوطني المنحل، وأن هذه الكتلة من المرجح أن تستخدم العنف بكثافة سلاحاً في اليوم الموعود، غير أن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية مستعدة للتعاون والحسم النهائي.
وقال قنديل :”بتعبير صديقي المحترم فإن العسكريين لم يستبعدوا إراقة دماء وسقوط ضحايا، قد يصل عددهم لعدد شهداء ثورة يناير، من المدافعين عن حق السلطة المنتخبة في استكمال مدتها، غير أن هذه ستكون الدماء التي تغسل مسيرة ثورة المصريين، وثمنا لإنهاء القلاقل، ثم الانطلاق بالدولة على طريق البناء”.
خديعة السيسي لمرسي
قال أحمد منصور، احد اعلاميي قناة الجزيرة في مقال نشره بصحيفة الوطن القطرية بعنوان “هاكان فيدان أنقذ تركيا أردوغان “1”: “ما سأرويه في هذه المقالة المختصرة هو روايتي كشاهد عيان وليس كناقل للأحداث، والشهادة حق وواجب للأمة ومن يكتمها “فإنه آثم قلبه”، وليغضب من يغضب وليرض من يرضى أما الذين يكتمون الشهادة منذ عقود بحجة أن الوقت غير مناسب وقد ماتت كثير من الحقائق معهم في قبورهم فأمرهم موكول إلى الله”.
وتابع: “باختصار شديد كان “الانقلاب” الحقيقي الذي قاده السيسي على الثورة المصرية في شهر ديسمبر من عام 2012 حينما دعا السيسي القوى السياسية للاجتماع في وزارة الدفاع للبحث عن مخرج للأزمة السياسية دون علم مرسي أو استئذانه أو مشورته”.
وأضاف: “وقد فوجئ أحد الوزراء وهو الدكتور محمد محسوب بالخبر على شاشة الجزيرة، وكان يجلس وقتها في القصر الجمهوري ينتظر لقاء الرئيس الذي كان في اجتماع مغلق، هرع محسوب إلى أحد مستشاري مرسي المقربين منه وأبلغه بالخبر الذي صدم به مرسي، وهناك تفصيلات كثيرة لا مجال هنا لسردها، اجتمع كثير من المخلصين من أبناء مصر من اتجاهات مختلفة وألحوا على مرسي أن يعزل السيسي وكبار قادة الجيش لأن هذا بمثابة “انقلاب”، وكان هناك شبه إجماع في الأمر كنت شاهدًا عليه”.
وواصل: “لكن مرسي الذي لم يوفق في اتخاذ أي قرار صائب في هذه المرحلة وتراجع عن كثير من القرارات التي أصدرها بعشوائية ودون دراسة رفض رفضًا قاطعًا، مصرًا على أن السيسي أحد رجاله، بل فوجئ الجميع ببيان من الرئاسة أن مرسي سوف يحضر الاجتماع المقرر في وزارة الدفاع ثم أعلن بعد ذلك أن الرئيس لن يحضر ثم ألغي الاجتماع بعد لقاء جمع مرسي مع السيسي، حيث ألح كثيرون على مرسي أن يعتقل السيسي أو يقيله، لكن مرسي خرج من الاجتماع متأبطًا ذراع السيسي وهو يضحك بشكل أذهل الجميع”.
وروى: “أدركت مع كل من تدخل في الأمر في ذلك الوقت أن مسألة سقوط مرسي مجرد وقت، وبدأ كثير من المخلصين ينفضون من حول مرسي، وعلى رأسهم وزراء حزب الوسط، التقيت بعدها أكثر من خمسة من مستشاري مرسي، كل على حدة، ومعظمهم كان قوله لي “نحن متفقون معك فيما تقول لكن الرئيس لا يسمع لأحد”.
وأوضح: “كانت مصر هي أمل كثير من العرب المخلصين، وهنا رواية أنشرها لأول مرة أن أحد الزعماء العرب المحبين لمصر وشعبها أوفد أحد كبار مسؤوليه إلى مصر للقاء مرسي في بداية شهر مارس عام 2013، وجلس هذا المسؤول الكبير مع مرسي جلسة مطولة، حمل له أخبارًا فيها تفاصيل مذهلة عن انقلاب يدبر ضد النظام يقوده السيسي ويدعمه الأميركان والأوروبيون، وقدم له خطة استباقية لإفشال الانقلاب، لكن هذا المسؤول الذي كان ضالعًا في السياسة الدولية وكان يحتل مكانة عربية ودولية بارزة وليس فقط محلية فوجئ بمرسي يضحك منه ملء شدقيه ويسخر من كلامه حينما تحدث له عن الجيش والسيسي، وقال له بالحرف الواحد وهو يشير إلى بطنه وجيبه، “أنا في بطني بطيخة صيفي من الجيش، أما السيسي فهو في جيبي الصغير هذا”.