اشتعلت أزمة الدولار في مصر خلال عهد عبد الفتاح السيسي، إذ فقد الجنيه المصري أكثر من 40% من قيمته خلال عامين فقط، وتخطى سعره في السوق السوداء حاجز الاثنى عشر جنيها، ومع الفجوة الكبيرة بين سعر صرف الدولار في البنوك الرسمية والسوق السوداء، أصبح الدولار شبه مختف في البنوك المصرية، ولا يستطيع أحد صرف أي أموال بالدولار من تلك البنوك، ولذا أصبحت السوق السوداء هي الملجأ لمن يحتاج إلى العملة الصعبة.
وكان السيسي قد تسلم السلطة بشكل رسمي في يونيو 2014، وسعر صرف الدولار وقتها في البنك المركزي يساوي 6.18 جنيهات، ومع الاضطرابات التي شهدتها البلاد خلال حكمه ارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه لأكثر من مرة في السوق الرسمية، ليصل 12.25 في السوق السوداء.
وأعقبت القفزة الكبيرة في سعر الدولار أمام الجنيه تصريحا لمحافظ البنك المركزي طارق عامر أمام مجلس النواب أول أمس الأربعاء ألمح فيه إلى خفض العملة، قائلا إنه “لا يمكن الحديث عن تعويم الجنيه حاليا، أما الخفض فهو يرجع لما يراه البنك في الوقت المناسب” بعد أن سبق له أن أكد “خطأ الحفاظ على سعر غير حقيقي للجنيه”.
وخلال التقرير التالي تسلط شبكة “رصد” الضوء على محطات ارتفاع أسعار الدولار في البنك المركزي خلال حكم السيسي، وقفزاته العجيبة في السوق السوداء، وهو ما بات يهدد بشكل كبير الاقتصاد المصري.
أول شهرين 6.80 قروش
تولى عبدالفتاح السيسي حكم مصر في يونيو 2014، وكان سعر الدولار حينها 6.18 جنيهات؛ إذ كانت مصادر العملة الصعبة لا تزال موجودة ابرزها السياحة، كما أن الودائع الأجنبية كان لها تأثير في وفرة الدولار في السوق.
بداية الأزمة
ومع تعيين هاني قدري وزيرا للمالية في بداية أغسطس حتى نهاية العام وتعيين هاني قدري دميان وزيرا للمالية بدأت ملامح ارتفاع الدولار حيث زاد سعر الدولار ليصبح 7.42 جنيهات للشراء، و7.45 جنيهات للبيع.
أول 3 أشهر في 2015
وازداد سعر الدولار في الشهور الثلاثة الأولى من عام 2015، 35 قرشا؛ حيث وصل سعر الدولار إلى 7.77 للشراء و7.80 جنيهات للبيع.
أزمة شهر نوفمبر
و مع دخول شهر أغسطس 2015 وشعور النظام بفقدان سيطرته على تصاعد الدولار، عين السيسي رئيس البنك الأهلي السابق طارق عامر في منصب محافظ البنك المركزي، اعتبارا من 27 نوفمبر خلفا لـ”هشام رامز” واعلان أن الأخير قدم استقالته بمحض ارادته.
وكان رامز قد واجه انتقادات كبيرة في الأشهر الأخيرة مع تعرض العملة المحلية لضغوط وهبوط الجنيه لمستويات قياسية في السوق السوداء، وسط نقص في المعروض من الدولار؛ إذ توقع مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية في وقت سابق أن تطيح أزمة الدولار بمحافظ البنك
بداية الاقتراب من 8 جنيهات
شهد شهر سبتمبر من نفس العام اقترب سعر الدولار لحاجز الثمانية جنيهات؛ إذ وصل سعر صرف الدولار 7.95 جنيهات للشراء، و8 جنيهات للبيع. كما تخطى حاجز 8 جنيهات ونصف الجنيه مع بداية أكتوبر حتى ديسمبر 2015، وفي الوقت نفسه تخطى الدولار حاجز الثماني جنيهات؛ إذ وصل سعر صرف الدولار إلى 8.60 جنيهات للشراء، و8.80 جنيهات للبيع.
الوصول إلى 9 جنيهات
مع أواخر شهر فبراير 2016، تخطى سعر الدولار حاجز التسعة جنيهات؛ حيث وصل في آخر فبراير إلى 8.80 جنيهات للشراء و9 جنيهات للبيع.
وفي هذه الفترة بدأت حوزة الدولارات وكأنها تهمة في مصر؛ إذ ألقت قوات الأمن القبض على العديد من الأشخاص وبحوزتهم حزمة من الدولارات، رغم أن القانون لا يجرم حيازة هذه العملة، لكنه يمنع الخروج بأكثر من 10 آلاف منها أثناء السفر خارج البلاد.
يتخطى العشر جنيهات
في السوق السوداء تخطى سعر الدولار في مارس الجاري لأول مرة في التاريخ حاجز العشرة جنيهات؛ حيث زاد سعر صرف الدولار في الأسبوع الأول كالتالي: 3 مارس 9.40 جنيهات للشراء، و9.60 جنيهات للبيع 7 مارس 9.95 جنيهات للشراء، و10.5 جنيهات للبيع 15 جنيها خلال نهاية حكم السيسي.
ارتفاعه إلى 11 جنيه
وفي يونيو الماضي وصل سعر الدولار لأول مرة إلى 11 جنيه وسط عجز حكومي في مواجهة هذة القفزات.
التخطي حاجز الـ 12 جنيه
سجلت أسعار الدولار فى السوق الموازية، ارتفاعات جديدة، ليصبح سعر الشراء من حائزى العملة يتراوح ما بين 11.85 و11.90 جنيه، بحسب الكمية المعروضة للبيع، وأصبح سعر البيع يتراوح ما بين 12.05 جنيه و12.10 جنيه.
وتوقع عدد من الخبراء الاقتصاديين -في تصريحات لـ”رصد”- ارتفاع سعر الدولار في 2018 ليصل سعره إلى 15 جنيها.
وقال أحمد آدم، الخبير المصرفي، إن أسعار الدولار تقف على العرض والطلب فمصر تعاني من زيادة الطلب ونقص العرض، في الوقت نفسه يزداد عطش السوق لهذه العملة فما الذي يمنع من صعوده؟!.
وأوضح آدم في تصريح لـ”رصد” أنه كلما زاد الاستيراد وتلقصت الصادرات كما هو الحال، شح الدولار والعكس صحيح، لافتًا إلى أن محاولات الحكومة ضخ ملايين الدولارات لن تستطيع أن توازن العملية التجارية، ولذلك فإن سعر الدولار سيظل في زيادة حتى يصل إلى 10 جنيهات بنهاية العام الجاري.
وأكدت الدكتورة هبة نصار، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة في تصريح لـ”رصد”، أن الأزمة خرجت من يد الدولة، وهي أزمة متراكمة منذ عامين وليست وليدة شهر أو شهرين لكنها تفجرت مرة واحدة.
وأشارت هبة إلى أن هناك فجوة كبيرة بين الأسعار المعلنة من البنك المركزي الخاصة بتسعير الدولار، وبين التعامل السوقي، سواء في البنوك أو شركات الصرافة، ومن بينها البنوك الحكومية التي تخضع لرقابة وإدارة البنك المركزي نفسه؛ ما يعني أن الدولة تناقض نفسها.
تصريحات محافظ البنك المركزي السبب
ومن جانبه، أكد الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، أن تصريحات محافظ البنك المركزى هى السبب الرئيسى فى رفع أسعار الدولار بهذا الشكل لأنه قال خلال لقائه مع اللجنة الاقتصادية فى البرلمان “نحن لا نفكر فى الوقت الراهن أن نعوم الجنيه” فهو فتح باب أمام التعويم وكذلك التكهنات لأنه حدد وقال لا نفكر فى الوقت الراهن، ولو توقفت تصريحات محافظ البنك المركزى لما وصلنا إلى هذه الأزمة.
وأضاف عبده، في تصريحات صحفية أن تصريحات محافظ البنك المركزة التى ذكرها منذ فترة قريبة أشار إلى أن تخفيض الجنيه ضرورة وهو ما يجعل الناس تشترى الدولار بشكل أكبر وجعل المضاربة على الدولار تشتعل، لافتا إلى أن قرار خفض الجنيه الذى اتخذه البنك المركزى سبب فتح الباب على مصراعيه لحدوث ارتفاعات للدولار.