حالة من الركود النسبي تشهدها العديد من المناطق والمدن الجديدة فى مصر، تزامناً مع ارتفاع في أسعار الأراضى خلال الفترىة الحالية، ويقدر خبراء العقارات والمتعاملون فى السوق نسبة الارتفاع ما بين 10-15%، فيما تزيد النسبة في المناطق المتميزة، ومن أبرز المناطق التي تشهد ارتفاعًا في الأسعار، التجمع الخامس ومدينة الشروق ومدينة 15 مايو والقاهرة الجديدة.
الدولة تحتكر السوق العقاري
وأكد المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين في تصريح لـ”رصد”، أن وزارة الإسكان تجري عمليات المتاجرة في الأراضي التي تقوم بها منذ عقود، لكنها تضاعفت هذه الأيام، مشيرًا إلى أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار العقار في مصر هو ارتفاع أسعار الأراضي بشكل مستمر بدون أي مبررات.
وأوضح أن قيام الدولة بطرح أراضي وشقق بأسعار عالية تحت مبرر تحصيل عائد الصرف منه للإسكان الاجتماعي، ساهم في زيادة الأسعار ببعض المدن الجديدة، رغم أن الأراضي ملك وتكلفة البناء لا تؤدي لهذا السعر، وهو يطرح على فترات ليعطش السوق ويرفع السعر.
وأكد أن الحل الوحيد لإعادة التوازن للسوق العقاري هو تعدد البدائل لطرح الأراضي دون انفراد وزارة الإسكان بها، مشيرًا إلى أنه لا بد أن تحول الدولة دورها من المقاول إلى العمل كرقيب على السوق والعاملين به.
وأضاف أن الدولة ما زالت تحتاج إلى التواصل مع المستثمرين في المشروعات التي تطرحها كالعاصمة الإدارية الجديدة، مضيفًا أن الأنباء متواترة للغاية، ولا يعلم المطورون ما العناصر التي تقوم عليها وما إذا كانت إدارية فقط أم سكنية لمحدودي الدخل أم أنها لمتوسطي الدخل؟
وطالب بضرورة إعلان الوزارة تفاصيل المشروع والقيام بحوار اقتصادي وشعبي للاتفاق على عناصر العاصمة الجديدة، والوصول إلى أهم وأبرز المكونات التي سيجرى تنفيذها في المشروع.
توقعات بارتفاع الأسعار
و توقع خبراء وعاملون بالسوق العقارية ارتفاع أسعار العقارات خلال الأسابيع القليلة المقبلة، تزامنًا مع ارتفاعات متوقعة لجميع السلع والخدمات في السوق العقارية، كنتيجة مباشرة لارتفاعات الدولار المتتالية في السوق السوداء، وأجمعوا على أن الارتفاع “إيجابي” لأعمال المستثمرين العقاريين، نظرًا لأنه يقلل من تكلفة الاستثمار على المستثمرين الأجانب، ويزيد من جاذبية تملُّك العقارات في مصر، كوعاء ادخاري أكثر ربحية من الاستثمار فى البورصة أو شهادات الاستثمار.
فرصة للعاملين بالخارج
وقال المهندس مصطفى عدلي خبير السوق العقارية، وسمسمار وتاجر عقارات، إن انخفاض قيمة العملة المحلية أمام الدولار أدى مباشرة لارتفاع أسعار العقارات مع موجة الارتفاعات السعرية المتوقعة لجميع السلع والخدمات خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن تخفيض سعر العملة المحلية أدى لزيادة الإقبال الخارجى من قبل الأفراد الأجانب على شراء العقارات والوحدات السكنية والسياحية، مشيرًا إلى أن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه شىء إيجابى للسوق العقارية المصرية، ويقلل من تكاليف شراء العقارات بالنسبة للمصريين العاملين بالخارج، خاصة بالدول التي ترتبط عملاتها بالدولار كدول الخليج التى تعتمد عليه في تحديد سعر البترول الداعم الرئيسى لاقتصاداتها وزيادة سعر الدولار أمام الجنيه عنصر جاذب لهم.
أهم المناطق ارتفاعا
قال المهندس مدحت الفاروق استشاري بشركة “إعمار”، إن أهم المناطق ارتفاعًا في الأسعار بمصر هي القاهرة الجديدة التي اجتذبت الصفوة في المجتمع من البداية، ووجود أكثر من مدخل وطريق لها، وعدم وجود منطقة صناعية بها، إضافة إلى قربها من المثلث الراقي “المعادى – مصر الجديدة – مدينة نصر”، مما جعلها تجتذب سكان صفوة المناطق التي ازدحمت، وأصبحت القاهرة الجديدة تسجل أعلى الأسعار، ووصل فيها سعر المتر بفيلات بعض الكمباوند لـ16 و17 ألف جنيه، ويجد من يشتريه وفى بعض المناطق قبل شارع التسعين تجد المتر يصل لـ7 و9 آلاف جنيه، بينما يسجل المتر فى “مدينتى” و”الرحاب” ما بين 7 و11 ألف جنيه للمتر فى الفيلات والشقق السكنية.
أما المناطق السكنية القديمة مثل مثلث “الدقى – المهندسين – العجوزة”، فتنمو الأسعار ببطء، ويسجل سعر المتر على الشوارع الرئيسية من 8 لـ9 آلاف جنيه للمتر التمليك.
وتبقى منطقة الطريق الدائري التي تبدأ من كارفور وحتى القاهرة الجديدة يمينًا ويسارًا والأسعار فيها تبدأ من 4 آلاف حتى 8 آلاف جنيه للمتر تمليك، بينما فيصل فمتوسط سعر متر الشقة بها 3000 آلاف جنيه.
وأسعار الوحدات السكنية والأراضى ليصل سعر المتر بـ6 أكتوبر 3٫5 ألف إلى 4٫5 ألف جنيه للمناطق المميزة وفي منطقة الشروق ارتفع سعر المتر من 2200 إلى 3200 جنيه بحسب المساحة والمزايا النسبية للمنطقة من حيث الخدمة وتمييز واجهة المطلة على الشارع.
وبحسب ما رواه أحد سماسرة العقارات بمنطقة التجمع الخامس، فإن أقل وحدة سكنية داخل زمام المنطقة تفوق الـ300 ألف جنيه وهى تخص المساكن الشعبية بمساحة 90م، لافتًا إلى أن بعض التجار يشترط وجود عملة أجنبية لإنهاء عملية الشراء.
المواطنون يلجأون للاستثمار الآمن
ووقال ممدوح الولي الخبير الاقتصادي، إن أسباب اتجاه أصحاب الأموال للاستثمار العقاري هو عدم وجود نشاط اقتصادي آمن يمكن لصاحب رأس المال أن يستمر فيه وهو مطمئن، ويعتبر بورصة العقارات مجازفة ولا توجد مشروعات صغيرة يمكن تأهيل الشباب وتعليمهم وتدريبهم على إدارتها.
وأشار إلى أن زيادة أسعار الوحدات السكنية أمر طبيعي بعد انهيار العملة المصرية، وتآكل القيمة الشرائية له.
وأضاف في تصريحات لـ “رصد”: الارتفاع الواضح لأسعار الشقق السكنية غير متوقع والتهاوي المتكرر للجنيه يعني زيادة أسعار البيع والشراء للوحدة السكنية.
ارتفاع أسعار مواد البناء
وارتفعت أسعار الحديد أعقاب القرار الأخير لوزير الصناعة والتجارة بتقييد الاستيراد وقرارات زيادة الجمارك 150 جنيهًا، ليبلغ سعر طن الحديد تسليم أرض المصنع 4500 جنيه و4775 جنيها للمستهلك فى القاهرة، ويزيد السعر بقيمة تتراوح بين 20 و35 جنيها حسب بعد المسافة سواء فى الوجه البحرى أو القبلى.
وقام المصنعون برفع الأسعار في استغلال واضح من قبل المصنعين المحليين للقرارات التي أصدرها وزير الصناعة، حيث بلغ سعر البليت عالميًا 320 دولارًا للطن والحديد المستورد 330 دولارًا للطن، أما الحديد الصينى فبلغ 300 دولار للطن، أى ما يوازي 2700 جنيه بسعر الدولار بالسوق السوداء، أى أن هناك فارقا أكثر 1500 جنيه بين الحديد المستورد والحديد المحلى رغم أن المواصفات القياسية للاثنين متساوية، ما يحرم المواطن والمستهلك المصرى من الانخفاض الذى تشهده السوق العالمية.