شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أسرار المصالح المصرية الاسرائيلية منذ “كامب ديفيد” حتى اليوم

أسرار المصالح المصرية الاسرائيلية منذ “كامب ديفيد” حتى اليوم
يرجع التاريخ السياسي بين مصر وإسرائيل إلى ما بعد (حرب أكتوبر) حيث قام السادات بأول اتفاقية سياسية شاملة مع إسرائيل (كامب ديفيد) والتي تنص على استعادة مصر لسيناء كاملة مقابل سلام كامل وعلاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية طبيعية

يرجع التاريخ السياسي بين مصر وإسرائيل إلى ما بعد (حرب أكتوبر) حيث قام السادات بأول اتفاقية سياسية شاملة مع إسرائيل (كامب ديفيد) والتي تنص على استعادة مصر لسيناء كاملة مقابل سلام كامل وعلاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية طبيعية مع إسرائيل، وطوال تلك المدة حاولت الحكومتين باستماته التطبيع الشعبي بين البلدين بالرغم من انكار الحكومتين للتطبيع، إلا أنه يجرى على قدم وساق في كل المجالات حتى الترفيهية .

الحرب : 
بعد انتصار المصريين في حرب أكتوبر وتحقيق نجاحات عسكرية، توقفت الحملة بهدنة – عسكرية – وبعد مفاوضات غير مباشرة مع الجانب الأمريكي بدأ أول اتفاق سياسي بين مصر وإسرائيل عام 1975م، بإنهاء حالة الحرب بين البلدين وفتح قناة السويس للسفن الإسرائيلة عدا العسكرية منها، وصولًا إلى كامب ديفيد وبلير هاوس. ومنذ ذلك الوقت وانتهت حاله الحرب مع إسرائيل ولم تقوم مصر بأى عمل عدائي ضد إسرائيل، عكس إسرائيل التي قامت بعدة اعتداءات؛ أبرزها في أغسطس 2011 حين مقتل 5 مجندين في نقطة حرس حدود بقصف جوي إسرائيلي، بعد سلسلة عمليات داخل الحدود الإسرائيلية تبنتها جماعة أنصار بيت المقدس (تنظيم ولاية سيناء الآن) 

بداية السلام :
اتفق الطرفان على أن العلاقات الطبيعية التي ستقام بينهما ستضمن الاعتراف الكامل والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وإنهاء المقاطعة الاقتصادية والحواجز ذات الطابع المتميز المفروضة ضد حرية انتقال الأفراد والسلع، وهنا كان أول اعتراف عربي بدولة إسرائيل والتزمت مصر وإسرائيل بجميع الاتفاقيات الموضوعة في كامب ديفيد ولم تخرق الاتفاقية إلا بالاتفاق الكامل مع إسرائيل وبطلب منها في بعض الأحيان كالملف الأمني.


شهداء التطبيع :
اشتعلت مظاهرات شعبية كبيرة ضد التطبيع مع إسرائيل في كافة محافظات مصر، ولكن واجهتها قوات الأمن بشدة، وكان مخطط السادات للتطبيع يمضي دون الالتفات لأحد من معارضيه، وكان أول شهداء التطبيع؛ ابن محافظة القليوبية سعد حلاوة في يوم وصول السفير الإسرائيلي الأول لمصر عام 1980، حيث حاصر سعد حلاوة مقر الوحدة المحلية في (باجهور) وطالب بطرد السفير الإسرائيلي مقابل ترك الوحدة، إلا أن الأمن تعامل معه وقتله قناص في الداخلية، وخرج بعدها تقرير مستشفى القصر العيني على أنه “متخلف عقليا”، ولكن يبدو أنه كان يُقصد في التقرير بكلمة متخلف أنه متخلف عن مصر الجديدة الموالية للكيان الصهيوني.

دبلوماسيا: 
في عام 1980م أعلنت مصر وإسرائيل إقامة علاقات دبلوماسية بينهما وإنهاء المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية وبدء مرحله جديدة من العلاقات الاستراتيجية، وتكلل مجهود كامب ديفيد وما بعدها بتبادل السفارات بين البلدين، وتم رفع العلم الإسرائيلي في القاهرة، كما اختارت إسرائيل فيلا بحي الدقي بالجيزة، إلا أن سرعان ما طلب منهم الأمن المصري تغيير المقر بسبب عدم القدرة على تأمينه جيدًا بسبب حالة الرفض الشعبي والتهديدات ضد السفارة وقتها، فصدمت إسرائيل الجميع باختيار مكان السفارة في عمارة سكنية بمواجهه تمثال نهضة مصر وجامعة القاهرة، ليظل العلم الإسرائيلي يرفرف لعشرات السنوات أمام طلاب الجامعة، وقد أخلت إسرائيل هذا المقر بعد مهاجمة المتظاهرين له في 2011 وحرق العلم الإسرائيلي، واختارت مكان جديد بعد اعادة فتح السفارة في عام 2015، حيث دعمت مصر إسرائيل في المحافل الدبلوماسية كأى دولة “صديقة”.


اقتصاديا: 
تعتبر علاقة مصر بإسرائيل من العلاقات المزدهرة اقتصاديًا، وتتوجها اتفاق (الكويز)، وهو اتفاق يسمح لمصر بتصدير منتجات إلى أمريكا “بدون جمارك” بشرط أن تكون نسبة إسرائيل في المكون للمنتج تكون 11.5%، وتقوم أمريكا بذلك مع مصر منذ 2004 لتعزيز العلاقات بين مصر وإسرائيل، كما قامت باتفاق مماثل مع الأردن عام 1996، وتجبر هذه الاتفاقية مصر على إدخال إسرائيل في صناعتها، وأغلب تلك المنتجات المصدرة هي المنسوجات، ويوجد أيضًا تجارة اقتصادية كبيرة بين تجار مصريين وإسرائيليين، إضافة إلى أن هناك مئات المصانع والشركات المطبعة فعليًا مع إسرائيل، وأبرزهم؛ محمد فرج عامر (فرج الله)، شركة بترول غرب الإسكندرية تصدر (الإلكيل بنزين)، شركة مطاحن مصر،  وليد بدر صاحب توكيل شركة (زيم) الملاحي الإسرائيلي – وكان يحتكر التوكيل قبله أحمد خيرى أمين عام الحزب الوطني السابق بالإسكندرية حيث تم استبعاده ونجله لصالح وليد بدر بعد ثورة يناير.


زراعيًا:
تقدم إسرائيل خدمات نوعية للحكومة المصرية في مجال الزراعة حيث أنها طورت منتجات زراعية وأساليب جديدة جعلت من مصر تستطيع زراعة معظم المحاصيل في أغلب أوقات العام، وكان يوسف والي الذي خدم وزيرًا لمدة 22 عامًا رأس حربة تلك الاتفاقيات، وبالرغم من أنها  طورت الزراعة في مصر سريعًا، إلا أنها جعلت المواد المسرطنة جزء لا يتجزأ من غذاء المصريين اليومي، كما جلعت مصر تحت رحمة المصدر الإسرائيلي في البذور، وقد اختفت منتجات كانت تنتجها مصر بكميات كبيرة لصالح المنتج الإسرائيلي، كالفراولة والتفاح الأخضر والبرقوق، وتم استبدال شتلات الخوخ المصري ليتم استبداله بشتلات إسرائيلة في النوبارية والصالحية وسيناء، حيث فقد المصريون أصل الفواكه والخضروات المصرية منذ اعوام كثيرة دون أن ينتبهوا إلى حجم الكارثه الزراعية.


سياحيا: 
يعتبر المجال السياحي الإسرائيلي في جنوب سيناء تحديدا كبير جدًا، حيث ينتشر السياح الإسرائيلين في سيناء بشكل كبير،  بل أن هناك عدد كبير من الفنادق والقرى السياحية مصرية ولكنها في الباطن ملك رجال أعمال إسرائيليين، فتستثمر إسرائيل الكثير في مجال السياحة في جنوب سيناء، وقد أنكر النظام المصري تلك المقولات، إلا أن تفجيرات طابا ودهب والتي كان أغلب قتلاها إسرائيلين، جعلت من النفي والإنكار المصري محل سخرية، فيما تراجعت السياحة الإسرائيلة وغيرها في الفترة الأخيرة بسبب الأوضاع الأمنية الغير مستقرة. 


اقليميًا: 
لم تتبنى مصر موقفًا معاديًا لإسرائيل في المنطقة، وكذلك إسرائيل، في أغلب الملفات الإقليمية خصوصا الثورة السورية والتهديدات في سيناء، والأزمة المصرية التركية، إضافة إلى حصار غزة والتضيق على حماس، فمصر وإسرائيل يعتبرون حماس عدوًا مشترك بينهم، وكذلك كانت إسرائيل تخشى (الربيع العربى )، فالنظام المصري بعد 3 يوليو تبنى نفس وجهة النظر، فكان يقف ضد الثورات العربية كافة، عدا أنه ذهب ليدعم ثورة اليمن ضد صالح عسكريًا( بناء على طلب من السعودية) 


أمنيًا:
التنسيق الأمني بين مصر وإسرئيل لم يسبق له مثيل على الإطلاق خاصة عقب ثورة 25 يناير، حيث وافقت إسرائيل على دخول آلاف من أفراد القوات المسلحة بكامل عدتهم وعتادهم إلى سيناء لضبط الأمن ودخول دبابات ومدرعات، بل وطائرات حربية في المنطقة (ج)، وهي محظورة بحكم الاتفاقية، كما أنه هناك تنسيق أمني لمنع المهاجرين الأفارقة من دخول حدود إسرئيل، إلا أن اتهامات وُجهت لبعض الجهات المصرية بقتل المهاجرين وبيع أعضائهم وإخفاء الجثث قد ظهرت خلال الفترة الماضية ولكنها قيد التحقيق حتى الآن.


سيناء: 
تعتبر سيناء حجر الزاوية في العلاقات المصرية الإسرائيلة،  فما يحدث في سيناء من نشاط معادي ضد القوات المصرية من قبل تنظيم ولاية سيناء كان كفيل بدفع علاقات مصر مع أمريكا وإسرائيل إلى التحسن بقوة، حيث بدأت بإفراج أمريكا عن الطائرات الأباتشي لمصر، إضافة إلى دعم مادي وعسكري، وإعلان مصر أنها تخوض حرب ضروس.

وتعاون إسرائيل القوات المصرية في سيناء، حيث ترصد التحركات عن طريق الأقمار الصناعية وبالونات في سماء إسرائيل بالقرب من الحدود حيث يتم تصوير كل شئ متحرك لمسافة تبلغ حوالي 50 كيلو متر في العمق المصري، كما قامت بشن غارات لطائرات بدون طيار (بطلب من الحكومة المصرية)، أشهرها عملية استهدفت 4 مسلحين أثناء نصبهم قاعدة صواريخ لقصف إسرائيل.

وتمتلك مصر الآن عدد غير قليل من تلك الطائرات، كما قامت ببناء أبراج لمراقبة الحدود المصرية الإسرائيلية لتأمين أي عملية تسلل ضد إسرائيل، كعملية (أم الرشراش الكبرى) والتي تسببت في قطع خط الغاز المصري عن إسرائيل أكثر من 25 مرة بغرض توقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل. 


إعلاميًا:
يعتمد نظام 3 يوليو على التخويف من الإسلاميين عمومًا وجماعة الإخوان خصوصًا، حيث وصل الأمر لاتهام حماس وقطر وغيرهم بموالاة إسرائيل لإعلام الجميع أن إسرائيل هي العدو الأول لمصر، وصل تجلي الأمر إلى أن بعض الإعلاميين طالبوا إسرائيل بإباده حماس وقتلها وحصارها، بينما يقومون في نفس ذات الوقت بالدعاء للشعب الفلسطيني، وذلك لغرس روح جديدة للمصريين، هى أن إسرائيل دولة ذات سيادة وأن العدو الحقيقي هو الإسلاميين، وذلك لاعتبارات سياسية أهمها ترسيخ حكم عبد الفتاح السيسى وإبعاد الإسلاميين عن المشهد.

سد النهضة : 
بالفعل إسرائيل لها الدور الأكبر والأبرز في بناء سد النهضة وهو الشوكة في خاصرة مصر، ولكنها تعتمد في هذا الملف تحديدًا على إمساك ورقة في يدها تناور بها (نظام مصري معادي لها) أو على أقل تقدير (غير موالي) كنظام مرسي على سبيل المثال، فهي لا تريد تعطيش دولة السيسي لأن لها مصالح كبيرة وعميقة معها، لكنها فقط تنظر للأمام، ماذا لو رحل السيسي؟ فلا
بد من وجود أوراق للتلاعب بالنظام الجديد وإركاعه، وهي تملك تلك الادوات وأهمها ملف سد النهضة.


مرسي: 

بعد أن داعب السيسي إسرائيل في كل المحافل الدولية وإعلانه أنه يقاتل في سيناء لحماية أمن إسرائيل، ونظامه بالكامل يطبع بشكل لم يسبق له مثيل لدرجة أن الصحف الإسرائيلة وصفته بـ”هدية الله لإسرائيل”، فمرسي رغم أنه لم يتخذ موقفًا معاديًا ضد إسرئيل إلا أنه كان يحاول التعامل بندية، وقد أرسل رئيس وزرائه إلى غزة حين قصف إسرائيل لها، وهي سابقة لم تحدث من قبل.


طبيعة الصراع : 
الشعب المصري يعتبر إسرائيل عدو على مر العصور، ولكن الآن أغلبه فقط يعتبر ذلك، أما السلطة المصرية لا تعتبر ذلك إطلاقا فهي تعلم جيدًا أن فكرة الاحتلال العسكري لأراضي مصرية أصبح مجرد ذكريات، فإسرائيل لم يعد يعنيها احتلال عسكري فهي تريد أن تحصل على اعتراف دولي وتعاون مع جيرانها لتتقدم إلى الامام، وهي بالفعل حصلت على كل ذلك وأصبحت أكبر دولة في الشرق الأوسط عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا، حيث سيطرت مصر على سيناء ولكن كامب ديفيد واعترافها بإسرائيل جعلها دولة محتلة اقتصاديًا وتراجعت في جميع المجالات، وصولًا للقرار السيادي المصري.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023