بعد رصد منظمات حقوق الإنسان بناء نظام عبدالفتاح السيسي 16 سجنًا بتكلفة تقدر بمليارات الجنيهات، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية لمصر، فإن شعار “السجن للجميع” أصبح ينطبق على حال مصر، التي تحولت إلى دولة بوليسية منذ أحداث 30 يونيو، وبات أبرز مشاريع النظام المكتملة هي بناء السجون.
ومن أهم السجون التي افتتحت أو التي تم إنشاؤها حاليًا سجن الصالحية العمومي، الذي خصص له محافظ الشرقية سعيد عبدالعزيز، مساحة 10 أفدنة بمدينة الصالحية في 27 نوفمبر 2014م، بناء على طلب الأجهزة الأمنية، ليكون بديلاً عن سجن الزقازيق العمومي.
وافتتحت وزارة الداخلية سجن 15 مايو المركزي التابع لقطاع أمن القاهرة بمدينة 15 مايو على طريق الأوتوستراد، في 4 يونيو 2015م، على مساحة 105 آلاف متر مربع، ويتسع لـ4 آلاف سجين، بمعدل 40 نزيلاً داخل كل عنبر، وفي منتصف عام 2013م، أصدر وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم، قرارًا بإنشاء سجن بني سويف المركزي بقسم شرطة بني سويف في محيط مديرية الأمن.
وأقيم في أغسطس 2013م، بمحافظة الدقهلية، سجن ليمان شديد الحراسة، ويقع السجن بجوار مدخل مدينة جمصة وأنشئ على مساحة 42 ألف متر، وقد بلغت تكلفة إنشائه نحو 750 مليون جنيه بحسب المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ثم خصص إبراهيم قطعة أرض بمنطقة شطا، بمركز دمياط، لمديرية أمن دمياط، بغرض إنشاء سجن دمياط المركزي عليها، والذي لم يفتتح حتى الآن.
كما أصدر وزير الداخلية قرارًا آخر بإنشاء وتشغيل سجن مركزي بنها بقسم ثاني شرطة بنها، وفي خطوة أخرى لتوسيع السجون القائمة، قرّر إنشاء طرة 2، شديد الحراسة بمجمع سجون طرة.
وفي 12 أبريل 2014م، تم تدشين سجنين جديدين هما ليمان المنيا، ويتبع دائرة مديرية أمن المنيا، حيث يتم إيداع الرجال المحكوم عليهم بعقوبتي المؤبد والسجن المشدد، أما السجن الثاني هو سجن شديد الحراسة بالمنيا، وعبارة عن سجن عمومي يتبع أيضًا دائرة مديرية أمن المنيا.
ثم افتتح سجن الجيزة المركزي بمحافظة الجيزة 30 ديسمبر 2014م، ويقع على طريق مصر إسكندرية الصحراوي بمدينة 6 أكتوبر، وفي 13 يناير الماضي، خصص السيسي 103 أفدنة حوالي 434 ألف متر مربع) بصحراء الجيزة، على طريق مصر/أسيوط الغربي، لإنشاء سجن ضخم وملحقاته ومعسكر لإدارة قوات أمن الجيزة ومركز تدريب، وتبة ضرب نار، وقسم لإدارة مرور الجيزة، وسيحمل اسم سجن الجيزة المركزي”.
كما يجري حاليًا بناء سجن النهضة بمنطقة السلام في القاهرة، ويتكون من طابقين على مساحة 12 ألف متر، بعد إصدار قرار من مجلس الوزراء، نهاية العام الماضي، ببنائه، إضافة إلى سجن مركزي بمبنى قسم شرطة الخصوص بمديرية أمن القليوبية.
قوانين مفصلة
أصدر عبدالفتاح السيسي عددًا من القرارات والقوانين كانت بمثابة قيد للمعارضين لحكمه، وأبرزها قانون “الكيانات الإرهابية”، وشمل القانون تعريفًا فضفاضًا للكيان الإرهابي يشمل “الجمعيات والمنظمات والجماعات وغيرها من التجمعات”.
إلا أن هذا القانون لم يكن كافيًا، فأقر قانون مكافحة الإرهاب الذي يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد منظمي “الجماعات الإرهابية”، ويغرم من يبث بيانات تخالف البيانات الرسمية عن عمليات إرهابية بما بين 200ألف جنيه، و500 ألف جنيه، مع منح الرئيس حق فرض حالة الطوارئ.
كما عمد السيسي، إلى تعديل المادة 78 من قانون العقوبات، ليعاقب “من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ ولو بالواسطة من دولة أجنبية أو ممن يعملون لمصلحتها أو من شخص اعتباري أو من منظمة محلية أو أجنبية أو جهة أخرى، أموالاً أو عتادًا أو آلات أو أسلحة أو ما في حكمها أو أشياء أخرى، أو وعد بشيء بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية أو ما في حكمها أو أشياء أخرى”.
ولم ينتهي السيسي بهذا الحد بل عدل قانون الجامعات ليصبح تولي المناصب الجامعية بالتعيين من قبل رئيس الجمهورية بعدما كان بالانتخاب، وقانون تنظيم العمل بجامعة الأزهر، ليسمح بفصل المتورط في أعمال تضر بالعملية التعليمية وما سمي النيل من هيبة الجامعة، وجراء ذلك فٌصل 44 أستاذًا وأوقف 137 آخرين عن العمل وفصل مئات الطلاب.
وصدر قانون يمنح الرئيس الحق في إعفاء رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، وبموجبه عُزل مؤخرًا المستشار هشام جنينة من منصب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، بسبب تصريحه بأن الفساد بمؤسسات الدولة بلغت قيمته 600 مليار جنيه.
وفي المقابل تعامل السيسي بسلاسة مع المدانين الأجانب، فأصدر قانونًا يسمح بتسليم المتهمين والمحكوم عليهم غير المصريين خلال أي مرحلة من مراحل التقاضي إلى بلادهم بقرار من رئيس الجمهورية.
انتهاكات ضد المعتقلات
وتعاني الفتيات من سوء المعاملة وسوء أوضاع الاحتجاز داخل مقار احتجازهن، ومن تلك المعاناة، على سبيل المثال، احتجاز القاصرات داخل مركز شرطة كفر سعد مع متهمات على خلفية قضايا جنائية في حجز ضيق مليء بدخان السجائر والمخدرات، وينطبق الوضع على المحتجزات داخل سجن بور سعيد العمومي بصورة أكثر قسوة.
وقالت عائلة المعتقلة المصرية إيمان محمد عياد، من تعرض ابنتها للإهمال الطبي بعد إصابتها بأزمة قلبية في مقر احتجازها في سجن بور سعيد، وقالت العائلة إن إدارة السجن امتنعت عن نقلها إلى مستشفى متخصص.
ونقل بيان للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، عن أسرة فاطمة قولها، إنه تم اعتقالها رفقة أخريات “بعد مشاركتهن في مسيرة سلمية بمدينة دمياط، واقتيدت إلى قسم ثاني بدمياط ومنه إلى معسكر فرق الأمن بدمياط الجديدة، وتعرضت للاختفاء القسري لمدة ثلاثة أيام وبعدها تم ترحيلها إلى سجن بور سعيد العمومي؛ حيث تعرضت للتعذيب والاعتداء بالضرب من قبل رجال الأمن في كل تلك المقرات”.
وقدمت الأسرة ما يفيد إصابة فاطمة بأمراض القلب، “وتحتاج إلى رعاية صحية مستمرة وانتظام في تناول أدويتها التي مُنعت عنها منذ أولى لحظات اعتقالها، كما تقدمت الأسرة بالتماس للإفراج عنها كونها أم لطفل رضيع”، إلا أن النيابة العامة لم تبد أي رد حول هذه الطلبات.
وذكر أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المعتقلات أنه تم عرضهن على النيابة العامة بعد ثلاثة أيام من الاختفاء القسري والتعذيب، وأكد تعرض “المعتقلات للضرب فور احتجازهن، وتم التحقيق معهن دون حضور أي محامين، ولم يتم السماح للمحامين بالاطلاع على المحضر أو معرفة التهم الموجهة للفتيات إلا بعد عدة أيام من عرضهن على النيابة”.
ويضيف محامي فتيات دمياط، ” كما تعرضن للضرب داخل قسم ثاني بدمياط، كما تكرر السلوك ذاته داخل معسكر فرق الأمن بدمياط الجديدة، وتم حرمانهن من النوم لمدة يومين كاملين، وإجبارهن على الوقوف لأكثر من عشرة ساعات، بالإضافة إلى تعريضهن للتجويع طيلة الثلاثة أيام قبل تمكيننا من التواصل معهن”.
وشمل الاعتقال الفتيات القاصرات، وقالت والدة إحدى الفتيات، عقب عرض القاصرات على النيابة العامة أمرت بإيداعهن مركز شرطة كفر البطيخ ومكثن فيه شهرًا، وبعدها تم ترحيلهن إلى مركز شرطة كفر سعد، وهو مكان ملوث وتملؤه القاذورات والحشرات والروائح الكريهة، كما يتم التضييق علينا في الزيارات، وتستمر النيابة في احتجازهن دون أي مبرر حتى الآن”.
جمهورية السجون
وأفادت بيانات لمنظمات حقوقية مصرية، وجود ما يزيد على أربعين سجنًا، و382 مقر احتجاز داخل أقسام الشرطة، بخلاف السجون السرية في معسكرات الأمن المركزي، وداخل المقرات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع.
وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إن الداخلية المصرية قد عمدت خلال أقل من ثلاث سنوات، إلى إنشاء عشرة سجون في أنحاء البلاد، هي “ليمان (مجمع سجون) جمصة، وليمان المنيا، وشديد الحراسة المنيا، والصالحية بالشرقية، والجيزة المركزي (غربي القاهرة)، والنهضة بالقاهرة، وسجن 15 مايو (جنوبي القاهرة)، وسجن أسيوط، وسجن مركزي جديد في محافظة البحيرة، وسجن مركزي بمديرية أمن القليوبية
وأضافت المنظمة، أن تكلفة إنشاء هذه السجون باهظة جدًا، مقارنة بحالة مصر المتردية اقتصاديًا، “فقد بلغت تكلفة إنشاء سجن جمصة وحده 750 مليون جنيه مصري، أي ما يعادل تقريبا 100 مليون دولار أمريكي”، مضيفة أن وزارة الداخلية تكتمت على تكلفة إنشاء بقية السجون، وسط توقعات بأنها كلفت مليارات الجنيهات، “فميزانية وزارة الداخلية تساوي خمس أضعاف ميزانيتي وزارتي الصحة والتعليم معا” كما جاء في البيان.
وقالت المنظمة العربية إن أزمة السجون ومقرات الاحتجاز المصري ليست في قلة عددها، وإنما في الزج بعشرات الآلاف داخلها دون مبرر، ما سبب خللاً في الطاقة الاستيعابية للسجون؛ أدت إلى وفاة عدد من المعتقلين، منوهة إلى أن السلطات المصرية “توسعت في عمليات الاعتقال التعسفي بسبب الرأي السياسي المعارض؛ ليتجاوز عدد المعتقلين 41 ألف معتقل”.
وأوضحت أن السلطات في مصر تحتجز “آلاف الشباب من أصحاب المستقبل الواعد، وآلاف الخبرات في كافة التخصصات”، مؤكدة أن السجون المصرية تحوي “نساءً وأطفالاً ومرضى”.
ومنذ 30 يونيو 2013م، يوجد أكثر من 60 ألف معتقل، في إحصائية للعام الماضي 2015م، وتوجد سجون مكتظة وضيقة، إضافة إلى أعداد السجناء الجنائيين في 42 سجنًا موزعة على 25 منطقة، أشهرها منطقة سجون طره التي يوجد بها سجن العقرب المشدد، ومنطقة سجون أبو زعبل بالقليوبية جنوب القاهرة.