تأزمت العلاقة بين نظام السيسي ومنظمات المجتمع المدنى وشابها حالة من التوتر، وتصاعدت مؤخرا عقب إصدار محكمة شمال القاهرة قرار بالتحفظ على مركز أندلس لدراسات التسامح والعنف والتحفظ على أموال مؤسسة أحمد سميح ، وذلك على خلفية التحقيق في اتهام المركز بتلقي تمويل أجنبي بناء على الطلب المقدم من قاضي التحقيق في قضية “التمويل الأجنبي” بالتحفظ على أموال المركز.
مركز أندلس لدراسات التسامح والعنف أصدر بيانًا مفصلًا بعد قرار محكمة شمال القاهرة بالتحفظ على المركز وأموال مؤسسه أحمد سميح ،إلى جانب نشر صور للبطاقة الضريبية التابعة له، مطالبًا قاضي التحقيق بإعلان مفصل للأموال والممتلكات التى سيتم المنع من التصرف فيها وإتاحتها للإعلام حتى يتم دحض الإدعاءات الكاذبة التي تروجها بعض وسائل الإعلام عن المركز ومصادر تمويل وعمله ومؤسسه، مؤكدا اتخاذه كافة الإجراءات القانونية للتعامل مع هذا القرار .
وأوضح المركز في بيانه الصادر اليوم الجمعة، إنه في يوم الأثنين الموافق 13 من يونيو 2016 نُشر خبر في جريدة الأخبار القومية بالتحفظ علي أموال مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف وذكر الخبر انه تحدد جلسة يوم الاربعاء الموافق 15 يونيو 2016 – دون إخطارنا- للبت في طلب المنع التصرف في أموال وممتلكات أحمد سميح وأموال وممتلكات مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف والمقدم من قاضي التحقيق في القضية رقم 173 لعام 2011 المعروفة إعلاميا بقضية منظمات المجتمع المدني .
واستنكر البيان أن أجهزة الدولة تصر على التعامل مع المنظمات الحقوقية ككيانات “غير شرعية ” ووصمها بالعديد من الاتهامات التي تستخدم عبارات مطاطة مثل: الإضرار بالأمن القومي المصري، وهدم مؤسسات الدولة، إذاعته لأخبار كاذبة عن مصر في الخارج، في مقابل ما تحاول المنظمات كشفه من تجاوزات بالغة في حق المواطنين في انتهاك واضح لمواد الدستورالمصري لعام 2014 الخاصة بحرية التنظيم والألتزام بالمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر في هذا السياق.
الناشط الحقوقي نجاد البرعي، أدان التحفظ على الأموال وأكد أنه يزيد من تشويه سمعة مصر كدولة تحارب الحقوقيين، مشيرًا إلى أن القضية لا تزال في أيدي القضاء و هناك استئناف ثم نقض، ولا تعليق عليه لكن لوضع العام يؤكد أن الحقوقيون مهددون في مصر ومفروض عليهم تنفيذ أوامر وعدم الخروج عن النص المكتوب.
وطالب البرعي في تصريح لـ”رصد” بالتوقف عن سلسلة إغلاق المراكز الحقوقية والتحفظ على أموالها، لأن ذلك لن يضر إلا المجتمع كله خاصة وأن الحقوقيين هم حصن للدفاع عن المظلومين وملاحقتهم يعني ترسيخ الظلم والقمع على حد قوله.
ويقول الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل أن التحفظ على أموال مركز أندلس يكرس لحملة القمع الكبرى التي تبناها نظام السيسي ضد المنظمات الحقوقية، فما زال الوضع الحقوقي في مصر يسير من سيء إلى أسوأ، وخاصة فيما يتعلق بملف الحق في التنظيم، حيث تفرض القوانين عوائق كثيرة أمام حرية تشكيل المنظمات والجمعيات الحقوقية.
وأضاف أبوخليل في تصريح لـ”رصد” منذ 30 يونيو ومصر يحكمها العسكر وتواجدهم مرهون ببقاء الظلم والقمع فأي حقوقي أو سياسي أو مواطن عادي يقول للظلم لا فإنه يهدد مقاعدهم في حكم البلاد، فالنظام بدأ حكمه بممارسة التضييق بشكل ممنهج ضد منظمات المجتمع المدني، والذي بدأت ملامحه واضحة في الكثير من الأمور أبرزها تمرير القوانين التي تقوض حرية منظمات المجتمع المدني، وتُمثل مساسًا بجوهر الحق في حرية التنظيم، وتكوين الجمعيات،.
وقال المحامي ناصر أمين عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أن قرار التحفظ على مركز أندلس لدراسات التسامح والعنف وأموال مؤسسه أحمد سميح صادم بكل المعايير ومخالف لقانون الاجراءات الجنائية وكذلك مخالف للدستور لاسيما أن القرار مصاب بعنف شديد.
وأضاف أمين في تصريحات صحفية، أن هناك شئ مزهل يحدث في مصر ومتمثل في كذب التحريات الأمن الوطني وهو أمر مدمر للعدالة مشيرًا إلى أن هذا الأمر انتشر بقوة خاصة في قضية أحمد سميح ونجاد البرعي حيث ظهرت التحريات كاذبة بشكل فج ومضحكة ومكتبية ومضللة.
وتابع أمين “أن خطر كذب التحريات على منظومة العدالة في مصر مخيف فهى ترقى إلى مستوى تضليل العدالة موضحا أن أجهزة الدولة المعنية عندما تتدعي بأنها أرسلت اخطار وهى لم تفعل ويعلم المواطنون أنهم صادر في حقهم قضية ومحالون للمحكمة عن طريق الجرائد فهذة كارثة قضائيى تحدث في مصر، مؤكد أن الانهيار الذي يحدث في المنظمة بسبب بطلان التحريات”.
وعن سرعة إصدار القرار بالتحفظ، أوضح أمين أنه أيضًا مخالف لضمانات الدفاع وإخلال بضمانات العدالة قائلًا :” دور القضاء ليس مغافلة القانون ولكنه قائم على شفافية الإجراءات وعلانيتها وسلامتها وفقا للقانون ، فلا يجب أن يتعامل القضاء من المنطلق التى تتعامل به الاجهزة الأمنية وهو الحرص على سلامة الأمن العام ، أما القضاء فهو لضمان عدم انحراف الامن عن هذه القواعد “.