أكد تربويون وخبراء علم نفس أن تسريب الامتحانات يؤثر بشكل كبير على نفسية الطلاب، وخاصة المتوفقين، ومع تصاعد الظاهرة سيفقد الطلاب وأولياء الأمور الثقة في المنظومة التعليمية، على حد قولهم، متهمين النظام التعليمي الحالي بأنه وراء عدم إيمان بعض الطلاب بفكرة الامتحانات، الأمر الذي يدفعهم للحصول على المعلومة بالغش بدلاً من الاجتهاد والمذاكرة.

تغيير المناهج

يقول الدكتور خالد عبد المحسن، أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة: إن النظام التعليمي يتحمل جزءًا كبيرًا مما وصل إليه حال الطلاب الآن، فعلى الدولة تغيير المناهج التعليمية، وتطوير التعليم، والاهتمام بنفسية الطلاب، والربط بين ما يدرسه الطلاب في المناهج والحياه العملية.

وأضاف عبد المحسن في تصريح خاص لـ”رصد”: ان انتشار ظاهرة الغش نتيجة عدم  شعور الطلاب بالأمان، وعدم وضوح الرؤية بالنسبة لمستقبل الطلاب، بالإضافة إلي عدم أهمية المعلومات التي يحصل عليها الطلاب من المنظومة التعليمية، وشعور الطالب بعدم أهمية المنظومة التعليمية، والتي تعتمد علي التلقين والحفظ دون الاستفادة بما يتم تدريسه في الحياة العملية.

واشار عبد المحسن، أن الطالب المصري اصبح لا يؤمن بفكرة الامتحانات؛ لذا فإنه لا يستعد لها من خلال المذاكرة الجيدة خلال العام الدراسي، إضافة إلي غياب القيمة العليا للمنظومة التعليمية.

المنظومة التعليمية

وتعلق لمياء على، موجهة الكيمياء بمصر الجديدة، بأن المنظومة التعليمية أصبحت أحد العوامل الرئيسية التي تدفع الطلاب للغش، فالتعليم المصري أصبح يعتمد على التلقين والدروس الخصوصية، كما غاب الدور التربوي والأخلاقي من المدارس.

وأضافت في تصريح خاص لـ”رصد”: ان هناك إحباط شديد لدى الكثير من الطلاب المتفوقين نتيجة انتشار ظاهرة الغش، وأصبح  لديهم عدم ثقة بالنظام التعليمي، وهذا أمر خطير جدا ويؤثر في نفسية الطلاب خلال فترة الامتحانات.

 وتابعت هناك امر شديد الخطورة وهو أن يتحول الكثير من الطلبة من البحث في كيفية دراسة المنهج الي البحث في كيفية الغش بعد أن أصبح سهلا والامتحانات تسرب على النت، فعلى وزارة التربية والتعليم أن تتحرك سريعا، وعلى الدولة بشكل عام أن تساندها وتدعمها في التخلص من هذه الظاهرة، وتطوير العملية التعليمية.

 الغش الإلكتروني

ويرى طارق نور الدين، معاون وزير التربية والتعليم الأسبق، أن نظام الثانوية العامة الحالي هو ما تسبب في ظاهرة الغش الالكتروني، وأن الوزارة هي التي فرضت تفشي الدروس الخصوصية، لأنها كانت الطريق الوحيد أمام الطلاب لكسب مقعد في الجامعات خلال ماراثون الثانوية العامة.
وأضاف في تصريح صحفي: هناك طرق بديلة في الامتحانات غير الاعتماد على الحفظ فقط لا غير، ومنها الاعتماد في امتحانات اللغات على الطريقة الشفهية وتقييم الطالب في النطق بنسبة 50% ووضع الـ50% الأخرى للنظري، ولكن الوزارة لا تقوم بذلك ولا تنتهج السياسة العملية أبداً في الامتحانات وتكتفي النظري.

ويشير الى  أن ظاهرة الغش الالكتروني ستظل مستمرة طالما أن الوزارة تصر على انتهاج ذات الأسلوب في التعامل مع طلابها، مؤكداً أنه على الوزير أن يفكر خارج الصندوق لإخفاء هذه الظاهرة تدريجياً للقضاء عليها.

ووصف ما يحدث الآن بين الوزارة وهذه الصفحات هو بمثابة تحدي يتصاعد مع زيادة قدرة الطلاب على التعامل مع التكنولوجيا واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة، مشيراً إلى أن الدولة اذا استمرت في اتباع أسلوب الضرب بيد من حديد والكر والفر مع الصفحات ستكون هي الخاسر الأكبر وسينتقص ذلك من هيبتها.

وتمنى أن تصل مصر لمستوى الدول المتقدمة التي تستخدم نظام الامتحان “الكتاب المفتوح” والذي يسمح للطالب بالاطلاع على الكتب أثناء الاختبار والبحث وراء المعلومة ، قائلاً” نأمل أن نصل لليوم الذي تكون فيه الثانوية العامة مثل الشهادة الابتدائية والاعدادية لا تحتاج لضغط أعصاب الطلاب لهذه الدرجة”.