قال الكاتب الصحفي فهمي هويدي، إن باريس أعلنت في الثالث من شهر يونيو “المبادرة الفرنسية من أجل السلام” التي اعتمدت المبادرة العربية ضمن مرجعياتها، وتم ذلك بعد أيام من إعلان تحالف نتنياهو وليبرمان تمهيدًا للدخول في مفاوضات الحل المنشود.
وأضاف -في مقاله المنشور بجريدة “الشروق”- “شاءت المقادير أن تحل في الخامس من شهر يونيو الذكرى التاسعة والأربعون للهزيمة العسكرية الفاضحة التي نزلت بمصر والعالم العربي في عام 1967، وإذ استهدفت إسرائيل آنذاك قصم ظهر العرب، فإنها هذه المرة تحيك مؤامرة تستهدف طرحهم أرضًا وإعلان نهاية الصراع بمشاركة ومباركة عربية”.
وتابع “هويدي”: “الصحفي الفرنسي إريك رولو الذي ارتبط اسمه بصحيفة “لوموند” طوال أربعين عامًا، في مذكراته التي نشرت بالعربية في القاهرة، تحت عنوان “في كواليس الشرق الأوسط” وقدم عرضًا مستفيضًا لخلفيات الهزيمة التي لا يعرفها كثيرون في العالم العربي ويتناساها الساسة الضالعون في المؤامرة الخطرة التي تحاك الآن.. إريك رولو من أفضل المؤهلين للكشف عن تلك الخلفيات، ليس فقط بسبب موهبته العالية واتصالاته الوثيقة مع مختلف الأطراف التي فتحت أبوابها وأفشت أسرارها له، ولكن أيضًا لأنه كان صحفيًا نزيهًا لم يخف تأييده لحركات التحرر الوطني وحماسه للتجربة الناصرية، وفي الوقت ذاته فإنه لم يخْفِ أيضًا معارضته للمشروع الصهيوني، رغم ديانته اليهودية.
وركز “هويدي” على 3 معلومات من التي أوردها “إريك رولو” في كتابه:
أولًا: “أن الصحفي تلقى دعوة من الرئيس جمال عبدالناصر لزيارة مصر نقلها إليه الأستاذ لطفي الخولي الذي زار باريس آنذاك حاملًا رسالة بذلك المضمون من الأستاذ محمد حسنين هيكل. وحين جاء إلى القاهرة في عام 1963 استقبله الرئيس عبدالناصر (كانت تلك بداية علاقة وثيقة ربطت بينهما) الذي قال له إن إسرائيل يجب أن تعيد الأراضي المحتلة وأن تسمح بعودة اللاجئين الفلسطينيين أو تعويضهم، أضاف عبدالناصر أنه لا يوجد مشروع لتسوية حالة الحرب لأن إسرائيل لا توافق إلا على سلام بناءً على شروطها، وحين سأله إريك: ما هو الحل الذي تقترحه؟ عندئذ رد عبدالناصر عليه قائلًا: إن كان لديك حل تقدمه، فيسعدني أن آخذه في الاعتبار.
التقط الرجل كلمات عبدالناصر واعتبرها بمثابة «بالون اختبار لجس النبض ودعوة للحوار»، على حد تعبيره، وفي أول زيارة له إلى تل أبيب، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول الذي اعتبره رجلًا معتدلًا وميالًا للحلول الوسط ونقل إليه كلمات عبدالناصر، ووصف تلك اللحظة قائلًا: كنت أنتظر أي شيء غير رد فعله الحاد حين باغتني قائلًا: «ولا شبر واحد ولا لاجئ واحد». وكانت تلك الكلمات الوحيدة التي صدرت عنه بجفاء، وبعدها استعاد هدوءه وأجاب عن بقية أسئلته.
الموقف الذي تبناه القيادي الإسرائيلي «المعتدل» في ذلك الوقت المبكر التزمت إسرائيل به طول الوقت في كل مراحل المفاوضات. وقد عبر عنه المسؤولون الإسرائيليون في كل مناسبة.
ثانيًا: “أثار الصحفي فكرة أن إسرائيل ليست مكترثة بالسلام في المنطقة في سياق حديثه عن حوار أجراه مع بن جوريون أحد مؤسسي الدولة في عام 1965 ذكر فيه أن الإحساس القومي لدى الإسرائيلي تغذى -إضافة إلى التوراة- على المدرسة والجيش والاقتتال مع العرب، إلا أنه أضاف أن ذلك الصراع له الدور الأكبر في تعميق ذلك الإحساس. وخلال ذلك الحوار كرر بن جوريون لاءات ثلاث: رفض رد شبر من الأرض ورفض أي لاجئ إضافة إلى رفض أي تسوية مع الرئيس عبدالناصر.
ثالثًا: “خطة تدمير الطيران المصري التي حملت اسم «فوكس» كانت معدة لدى الإسرائيلين منذ عام 1963، بعدما أدركوا أن عدوان عام 1956، الذي شاركت فيه بريطانيا وفرنسا، لم يحقق لهم ما يريدون”.