نظرة العسكر للعشوائيات لا تقل سوءًا عن نظرة العلمانيين؛ هل تذكرون البرادعي عندما زار العشوائيات أول مرة وقرر ألا يذهب إليها مرة أخرى؟
العسكر يرون سكان العشوائيات “عالة” على البلد، و”عبئًا” مالوش أي لازمة.. باختصار لو ماتوا جميعا لاتوجد أي مشكلة! بالعكس؛ ربما لو ماتوا “حيفوقوا البلد” من وجهة نظرهم!
لله وللتاريخ.. الوحيدون الذين اهتموا بالعشوائيات هم الإخوان.. لم يكتفوا بإلقاء اللوم على الدولة التي فشلت في القيام بواجبها.. ولم يقولوا أنها ليست مشكلتهم الرئيسية، وأنهم لن يقوموا بأدوار مجانية ليس لها مكسب سياسي مباشر!
الإخوان كانوا صمام أمان اجتماعي مهم، وبعزلهم عن المجتمع بعد الانقلاب فقدت مصر رافدا اجتماعيا مهما، كان يمنع من حدوث الانفجار!
التخلص من الإخوان ليس فقط تخلصا من أكبر حركات الإسلام السياسي في المنطقة، لصالح العسكريين والعلمانيين والصهاينة! فلو استطاع السيسي تسيير الأمور اقتصاديا، وانخفض الدولار إلى 4 جنيهات مثلا، لم يكن أحد ليتوقف طويلا أمام ما جرى للإخوان، والإرادة الشعبية التي ظهرت بعد الثورة. لكن للأسف فإن الانقلاب على الإخوان سحب فتيل الأمان من القنبلة الموقوتة التي تحيا عليها مصر، وتحيط بالقاهرة خصوصا!
الانفجارات الاجتماعية القادمة ليست نابعة من الظلم والاستقطاب الاجتماعي فحسب، بل لزيادة الرغبة الاستهلاكية بشكل بشع عند المصريين، نتيجة الإعلام، وكذلك لانعدام الثقة في الأوضاع الحالية، وانعدام الأمل في تحقيق أي شيء وفق المنظومة الطبقية الحالية!
لا أحد يحب العشوائيات، لكن قبل أن تمتد يدك لتهجّرهم قسريا، عليك أن تقدم لهم البديل! عليك أن تسأل نفسك: هل ما يفعله السيسي حقا لصالح سكان الشعوائيات؟؟ أم طمعا في الأرض التي يعيشون فيها والتي تقدر بالمليارات؟؟ لقد رآهم السيسي يحترقون طيلة أسابيع، ومحطة “المطافي” الرئيسية في العتبة على بعد أمتار منهم ولم تتحرك لإنقاذهم!
تصريح وزير الإسكان أن الدولة ستتخلص من العشوائيات في ظرف سنتين “كارثي”.. لا يمكن فعل ذلك إلا بطريقة واحدة، ذكرها الوزير أيضا في تصريحه عندما قال: “بالتعاون مع القوات المسلحة”! عملية تهحير قسري كبيرة بدأت بالفعل بتهجير أهالي تل العقارب في السيدة زينب!
نحن مقبلون على أكبر موجة انفجار مجتمعي في تاريخ مصر، وهذه الموجة ربما ستدرس في كليات العلوم الاجتماعية كنتيجة مباشرة للاحتكام للقوة العسكرية الغاشمة والركون إليها فقط في مواجهة جماهير ليس لديها أي شيء لتخسره!