أعلن ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي لأكراد سوريا في كردستان العراق، غريب حسو، أن مدينة الرقة بعد تحريرها من “تنظيم الدولة” ستنضم للنظام الفدرالي الذي أسس له الأكراد في سوريا، واعتبر أن الأسد عاجز عن “تقديم أي شيء في مقابل ذلك”، لأن جيش النظام لم يفعل شيئا ضد التنظيم في الرقة.
وقال حسو في تصريحات صحفية، اليوم الخميس، إن “قوات سوريا الديمقراطية تقود العملية لتحرير الرقة، وذلك من المنطقي أن تنضم المدينة بعد تحريرها تلقائيًا إلى النظام الفدرالي الديمقراطي الذي يعمل الأكراد على إنشائه في شمال سوريا، وكشف حسو عن بعض تفاصيل الخطة لاقتحام الرقة.
وأضاف حسو: “العملية العسكرية ستنطلق بشكل متزامن من 3 محاور وتحديدًا من عين عيسى وتل أبيض ومقاطعة الجزيرة، وتابع أن العمليات العسكرية الأساسية تجري حاليًا في ريف الرقة الشمالي، حيث تحاول القوات الكردية وحلفاؤها قطع الرقة عن الحدود مع تركيا التي تمتد عبرها قوات تزويد الإرهابيين بالتعزيزات والذخيرة”.
افتتاح قنصلية للأكراد في فرنسا
افتتح الأكراد السوريون الإثنين الماضي، “مكتبا تمثيليا” في باريس التي لا تعترف بهم رسميا بعد، وخلال الافتتاح، رحب ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في فرنسا خالد عيسى بـ”الخطوة الرمزية الكبيرة”، وحضر الافتتاح الذي تخللته احتفالات، شخصيات عدة من “قدامى” العاملين على القضية الكردية كوزير الخارجية الفرنسي السابق برنار كوشنير، والمفكر برنار هنري ليفي الذي أطلق فيلما عن البشمركة.
ويستفيد الأكراد ميدانيًا من دعم الولايات المتحدة، بالإضافة إلى روسيا التي تريد ضمهم إلى أي محادثات حول مستقبل سوريا التي دمرتها خمس سنوات من نزاع أودى بحياة أكثر من 270 ألف شخص، وسبق لأكراد سوريا أن افتتحوا “مكتبًا تمثيليًا” في موسكو في فبراير الماضي، رغم أن السلطات الروسية لم تمنحه صفة دبلوماسية، كما افتتحوا ممثليات أيضًا في ستوكهولم وبرلين.
وسيتم خلال مراسم افتتاح ممثلية كردستان تكريم ذكرى الشهداء الذين سقطوا في معارك كوباني، وسيحضر حفل الافتتاح قيادات الحكم الذاتي كافة تقريبا، ومن المتوقع أن تكون الخطوة المقبلة التي تعتزم باريس اتخاذها تجاه الأكراد السوريين، فتح مركز ثقافي فرنسي في مدينة القامشلي، العاصمة غير الرسمية لمنطقة “الحكم الذاتي”.
تعزيز موقف الأكراد في الغرب
وفي افتتاحيتها أول أمس الثلاثاء، تطرقت صحيفة “كوميرسانت” إلى افتتاح مكتب رسمي لكردستان سوريا في باريس، مشيرة إلى تعزز موقف الأكراد في الغرب، وجاء في مقال الصحيفة: ” افتتح في 24 مايو الجاري مكتب الممثلية الرسمية لكردستان سوريا في باريس المنطقة ذاتية الحكم في شمال سوريا، والتي تدعم فكرة فيدرالية الدولة، ويعدُّ افتتاح الممثلية نصرًا دبلوماسيًا كبيرًا للأكراد الذين يراهن عليهم كما الغرب كذلك روسيا في تسوية الأزمة السورية”.
وأضافت الصحيفة: “فقبل أيام زار قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط جوزيف فوتيل منطقة الحكم الذاتي لمناقشة خطط مهاجمة الرقة (عاصمة تنظيم الدولة) وتحريرها، وساهمت الحرب ضد التنظيم في توحيد الأكراد ليس فقط في سوريا، بل وفي البلدان المجاورة؛ حيث أعلنوا عن التحضير لعقد مؤتمر وطني كردي عام، لمناقشة مسألة إنشاء دولة كردستان الموحدة”.
وتذكِّر صحيفة “لوموند” بالحفاوة التي استُقبل بها وفد مقاتلي “وحدات حماية الشعب” -الجناح العسكري لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي”- القوة السياسية الرئيسة في كردستان السورية، عام 2015 في قصر الإليزيه، بمناسبة انتصارهم في معارك مدينة كوباني التي كانت محاصرة من قبل “تنظيم الدولة” عدة أشهر، والتي أُطلق عليها “ستالينغراد الكردية”.
أكراد سوريا
تشكّل الأقلية الكردية 12% من مجمل سكان سوريا، حيث يقدّر عددها بمليوني نسمة، وتعتبر أكبر أقلية من مكوّنات الأقليات العديدة في سوريا، ولقد كانت الأزمة السورية سببًا أساسًا للتعرّف إلى هذه “الأقلية المنسية” أو “الأقلية المكتشفة حديثًا” وفق بعض التصنيفات.
يمكن النظر إلى الأكراد في سوريا على أنهم ينقسمون إلى مجموعتين مختلفتين: الأولى، وتتألّف من الشرعية الكردية التي تعيش في المدن السورية الكبرى مثل حلب ودمشق وحماة وغيرها، والتي تحوّلت عبر السنين إلى جزء لا يمكن فصله عن الأكثرية العربية السنيّة التي تعيش في هذه المدن.
في المقابل، تعيش أكثرية الأكراد في المنطقة الشمالية -الشرقية أي في دير الزور والقامشلي والحسكة، والتي بقيت معزولة عن التفاعل مع التجمّعات السكانية التقليدية، التي تسكنها الأكثرية السنيّة العربية، ويربط بعض المحللين والمؤرخين عزلة الأكراد في هذه المناطق، على أن هذه الأخيرة قد جرى اقتطاعها عن المناطق التركية والعراقية المحاذية، وجرى إلحاقها جغرافيًا وسياسيًا بسوريا في عمليات ترسيم الحدود بين دول المنطقة وذلك انطلاقًا من اتفاقية سايكس-بيكو والاتفاقيات اللاحقة، التي عقدت بين دول الحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى.
ويشعر الأكراد في هذه المناطق السورية أنه قد جرى فصلهم قسرًا عن قبائلهم وإخوانهم الذين يعيشون عبر الحدود في كل من تركيا والعراق، من هذه الحقيقة التاريخية، نشأت المعضلة الكردية في سوريا، والتي شكّلت “شوكة” في خاصرة الدولة السورية.
وتحوّلت قضية الأكراد في هذه المنطقة إلى معضلة أساسية وإنسانية، خصوصًا بعد محاولة الحكومات البعثية المتعاقبة حلّها من خلال إجراء نقل سكاني، وذلك بهدف تعريب “منطقة الجزيرة”، وبالتالي الانتهاء من المعضلة الكردية في هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية الخاصة، والموقع الجغرافي المميّز، والثروات النفطية والغازية المكتشفة فيها.