عبرت اللجنة الشعبية للدستور عن إنزعاجها الشديد من نهج الاستحواذ على الجمعية التأسيسية الذي لجأت إليه القوى الدينية المسيطرة على مجلسي الشعب والشورى، والذي يؤشر لإنعاكس منطق المغالبة وفرض إرادة تيار واحد في الدستور القادم بتوجهاته المثيرة للقلق على مصير الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
وقال محمود عبد الرحيم المنسق العام للجنة إن ثمة مؤشرا خطرا من اصطفاف التيار الديني بجناحيه الأخواني والسلفي في جبهة واحدة، وتغليب منطق الأغلبية البرلمانية التى عليها علامات استفهام وطعون، وأتت في ظل إجراءات مشكوك في نزاهتها، لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، معتبرا أن هذا التوجه سوف يلقي بظلاله على صياغة دستور يضرب فكرة التوافق والعقد الاجتماعي الجديد في مقتل.
وأعتبر أن الاخوان المسلمين قاموا بخديعة الرأى العام بالحديث عن التوافق مع كل التيارات في حين أنهم ذهبوا للتوافق مع ذات التيار، وجناحه الأكثر تشددا، وتجاهلوا أصوات القوى الاخرى التى كان يجب إحداث مواءمة معها من أجل المصلحة العامة، الأمر الذي يضع علامة استفهام جديدة حول مواقفهم وأنهم يقولون ما لا يفعلون، ولا يوفون بتعهداتهم، رغم الحديث بأسم الدين الذي يحث على الوفاء بالعهد.
وحذر عبد الرحيم من عواقب استخدام الاغلبية المتغيرة في وضع قواعد مستقرة للعلاقات بين مؤسسات الدولة المختلفة وبينها وبين الشعب بكل طوائفه وانتماءاته، على نحو يهدد استقرار المجتمع، ويقوض أهداف ثورة المصريين التى جاءت لتكريس الحريات ودولة المواطنة والقانون، ولم تأت لتحقيق طموحات القوى الدينية السلطوية، على حساب مصالح الوطن بكل مكوناته.
وجدد الدعوة لتمثيل متوازن لكل قوى المجتمع بتياراته اليسارية و الليبرالية والاسلامية وأيضا المستقلين، على قاعدة من الكفاءة والمعايير الموضوعية، بعيدا عن الانحيازات لتيار بعينه، فضلا عن ضرورة أن يكون ثمة تمثيل حقيقي للمرأة والشباب والمسيحيين، وليس تمثيل شكلي محدود، إلى جانب تنوع التخصصات وإشراك غير السياسيين والقانونيين، من نقابيين و أكاديميين وفنانين وأدباء ومفكرين، حتى يتسم الدستور القادم بأفق متسع يتماشي مع النظرة المستقبلية واتساع الرؤية وشموليتها.