صباح أول أمس الخميس، أكد مسؤولون بالطيران المصري أن طائرة تابعة لشركة مصر للطيران تحطمت وعلى متنها 66 شخصًا قادمة من باريس إلى القاهرة، وأكدت فرنسا أيضًا سقوط الطائرة المصرية فوق البحر الأبيض المتوسط وفتحت تحقيقًا في الحادث.

وجاءت جنسيات ضحايا الطائرة المصرية المنكوبة كما يلي: 30 مصريًّا، 15 فرنسيًّا، عراقيان، جزائري، سعودي، سوداني، كويتي، بريطاني، بلجيكي، برتغالي، تشادي، كندي.

ردود الأفعال العالمية

قال البيت الأبيض إن التحقيق جار في تحطم طائرة شركة مصر للطيران فوق البحر المتوسط وإن من السابق لأوانه تحديد سبب الحادث، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست في بيان صحفي “من السابق لأوانه تحديد سبب الكارثة بشكل قاطع، التحقيق جار وسيدرس المحققون كل العوامل المحتملة التي ربما ساهمت في التحطم”، وأضاف أن الولايات المتحدة قدمت التعازي لأسر الضحايا وعرضت على السلطات المعنية بالتحقيق المساعدة في الحادث.

قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إنه لا يمكن حتى الآن استبعاد أي فرضية بشأن مصير طائرة مصر للطيران التي فقدت في وقت سابق اليوم الخميس في طريقها من باريس إلى القاهرة، وأضاف أولاند “للأسف المعلومات المتوفرة لدينا.. تؤكد لنا أن الطائرة سقطت وفقدت”، ومضى يقول “لا يمكن استبعاد أي فرضية أو تأييد واحدة على حساب الأخرى”.

في ما علق المرشح الجمهوري المفترض في انتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب، على حادث اختفاء طائرة “مصر للطيران” قائلًا، في تغريده على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” إن “حادث طائرة مصر للطيران يبدو حتى الآن إنه هجوم إرهابي آخر”، وتساءل “متى سنكون أكثر شدة وذكاء ويقظة؟”.

وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إن بلاده عرضت على السلطات المصرية والفرنسية المساعدة والدعم في عمليات البحث عن الطائرة المصرية المفقودة، وأعلن هاموند عن وجود أحد البريطانيين على متن الطائرة وأن السلطات البريطانية تقدم الدعم والمساندة لأسرة مواطنها، وأعرب هاموند في تصريحات صحفية نقلتها وزارة الخارجية البريطانية عن تعاطفه مع عائلات وأصدقاء الركاب.

واعتبر مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، ألكسندر بورتنيكوف، أن سبب كارثة الطائرة المصرية يعود، على الأرجح لهجوم إرهابي، وقال بورتنيكوف: “للأسف الشديد وقع اليوم حادث جديد لطائرة تابعة لشركة مصر للطيران، وعلى الأرجح، يدور الحديث عن عمل إرهابي أسفر عن مقتل 66 مواطنا من 12 دولة”، ودعا بورتنيكوف جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الشركاء الأوروبيون، إلى اتخاذ إجراءات مشتركة للكشف عن المتورطين في هذا العمل المروع.

القطاع السياحي في مصر

أعاد حادث الطائرة المصرية إلى الأذهان حادث الطائرة الروسية التي انفجرت بعد فترة وجيزة من إقلاعها من مطار شرم الشيخ في شهر نوفمبر الماضي، وكان على متنها 224 راكبًا، وأعلن “تنظيم الدولة” مسؤوليته عن الهجوم، وهو الحادث الذي شكل ضربة للحركة السياحية في مصر ما زالت تعاني منها حتى الآن.

وتعتبر السياحة القطاع الأهم بالنسبة للاقتصاد المصري، حيث إن 14% من تدفقات النقد الأجنبي تأتي إلى البلاد من خلال الأفواج السياحية التي تزور مصر، في الوقت الذي يعاني فيه المصريون من شح في الدولار الأميركي وأزمة غير مسبوقة تسببت بارتفاع سعر صرفه في السوق السوداء إلى مستويات تاريخية.

صحيفة الـ”فاينانشيال تايمز” اهتمت بالمخاوف من أن يكون سقوط الطائرة سببه تفجير إرهابي، وبالتالي تتساءل هل سيكون ذلك ضربة قوية أخرى تهز السياحة المصرية؟، وتقول الصحيفة إن السياحة المصرية تعرضت لكارثة حقيقة أدت إلى انخفاض عدد السياح القادمين إليها بنحو 47% منذ سقوط الطائرة الروسية في سيناء ثم قرار بريطانيا وقف الرحلات إلى مصر لدواع أمنية، وبعدها اختطاف الطائرة المصرية التي حول مسارها إلى قبرص.

مراسلة “فاينانشيال تايمز” في القاهرة هبة صالح سألت هاني مذكور صاحب شركة سياحية للحجوزات الفندقية عن تأثير سقوط الطائرة المصرية في البحر على السياحة فقال: “إنك إذا أطلقت النار على جثة هامدة فلن تشعر بأي ألم، كذلك الحال بالنسبة للسياحة فلن تتأثر لأنه أصلا لم تعد هنالك سياحة، ألم تروا كيف أصبحت أسوان والأقصر خاليتين من السياح؟”.

ونشرت جريدة “التايمز” البريطانية تقريرًا قالت فيه إن الحادث الجديد الذي ضرب الطائرة المصرية القادمة من باريس يشكل تهديدًا ليس فقط للسياحة في مصر وإنما في كل العالم العربي والإسلامي، بسبب تصاعد وتيرة المخاوف من الأعمال الإرهابية التي تستهدف السياح وحركة النقل الجوي، ولفتت “التايمز” إلى أن الشركات السياحية في بريطانيا قد تعيد النظر في برامجها ورحلاتها إلى دول المنطقة بسبب المخاوف من الإرهاب.

وتقول كندة شبيب، أحد كبار المحللين في يورومونيتور الدولية، وهي خدمة أبحاث السوق التي تتخصص في اتجاهات السفر والمستهلكين “ليس هناك شك أن الأمر سيستغرق بعض الوقت لعودة وقوف السياحة والاقتصاد المصري على قدميهما، ولكن الحادث الأخير من المرجح أن يقلل من نسبة السياحة في هذا الجزء من العالم”.

وذكرت هيلين مارانو التي تعمل في مجلس السياحة والسفر العالمي، منظمة تنظر إلى التأثيرات الاقتصادية للسياحة العالمية، أن مصر، ومنذ ثورة الـ25 من يناير، قد فقدت زهاء 30% من السياحة الوافدة إليها،وأوضحت مارانو: “يساهم قطاع السياحة بـ11% من سوق التوظيف المصري، أو ما يعادل 2.6 مليون شخصًا يعملون في تلك الصناعة الحيوية- ولذا فإنها تمثل شريانًا رئيسيًا للتعافي الاقتصادي”.

وأشارت إلى أنّه وبالرغم من أنَّ السياحة العالمية تظهر أداءً جيدًا، تراجع النشاط السياحي في مصر بنسبة 50% تقريبًا في أول شهرين من العام الحالي، وتابعت: “نرى مرونة مستمرة في تلك الصناعة، لكن في حالة مصر، تنخلع قلوبنا… من رؤية مقصدًا سياحيًا هاما يتعرض لتلك الأزمات خلال فترة زمنية وجيزة”.

من جهته، قال ستيفن كوك، الباحث بمجلس العلاقات الخارجية الأميركية والذي وصل إلى مصر الأربعاء الماضي على نفس الطائرة التي تحطمت فجر أمس الخميس: “بمجرد وصولي ورؤية أصدقائي، أخبروني أنهم يشعرون بالتفاؤل من عودة السياح إلى مصر.”

وتابع: “بعد ذلك، وفي غضن سويعات قليلة، تفاجأنا بتلك المأساة التي دفعت نفس الأشخاص إلى القول إنهم يتوقعون استمرار المعاناة، على أحسن الفروض، داخل قطاع السياحة”، وأشار كوك إلى أنه وفي ظل تناقص الاحتياطي الأجنبي المصري، وغلق أكثر من 100 فندقًا وشطب آلاف الوظائف، تحتاج مصر وبصورة ماسة إلى موسم سياحي جيد هذا العام.

وأردف: “تداعيات الحادث ستستمر لبعض الوقت،” مؤكدًا “أنها ضربة أخرى، ولك أن تتساءل كم عدد الضربات الأخرى التي تستطيع أن تتحملها مصر”.