تضاربت التصريحات والبيانات بين شركة مصر للطيران والقوات المسلحة حول تلقي القوات المسلحة إشارات استغاثة من الطائرة المفقودة فجرًا، فبالرغم من تأكيد شركة مصر للطيران على إرسال إشارات استغاثة، إلا أن القوات المسلحة سارعت على الفور بنفي استقبال أية إشارات استغاثة لنفي مسؤوليتها عن أي تقصير من قبلها.
ليست الحادثة الأولى
لم تكن هذه هي الحادثة الأولى التي تنفي فيها القوات المسلحة استقبال إشارات استغاثة؛ فقد نفت في حادث غرق عبارة السلام 98 التي راح ضحيتها أكثر من ألف مصري استقبال إشارات استغاثة، وقد أثبتت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الرئيس المخلوع حسني مبارك إرسال إشارات استغاثة للقوات المسلحة من قبل العبارة، وتجاهلها من قبل القوات المسلحة.
حمدي الطحان، رئيس اللجنة البرلمانية في عصر المخلوع مبارك، والتي حققت في تقاعس القوات المسلحة وعدم التحرك لإنقاذ الغرقى من العبارة، والتي كلفت بتقصي الحقائق في غرق العبارة السلام 98 في مياه البحر الأحمر في عام 2006، خلال التحقيق حول أسباب الكارثة البحرية التي أسفرت عن وفاة أكثر من ألف شخص، كشف أنه رغم تلقي القوات المسلحة بيانات استغاثة، إلا أنها لم تتحرك لنجدة الغرقى ولم تتواجد القوات المسلحة لإنقاذ الغرقى أو السفينة قبل غرقها.
وكشف “الطحان” عن تصريحات المشير طنطاوي، والتي قال فيها إن “القوات المسلحة لا تُسأل ولا يُحقق معها، القوات المسلحة فوق المساءلة وفوق التحقيق، هي تحمي الشرعية ولا يؤتى بسيرتها حتى في مجلس الشعب”.
وكان المشير يتوقع أن يسكت “الطحان” بعد كلامه، لكنه فوجئ به يرد عليه بهدوء شديد، قائلًا إنه لم يكن يوجه اتهامات بل كان يسأل عن وقائع محددة حول تأخر القوات المسلحة في تلبية نداءات الاستغاثة، فرد المشير قائلًا إن أحدًا لم يبلغ القوات المسلحة، لكن رده كان مرتبكًا هذه المرة ما جعل الطحان يقول في شهادته لعبدالعظيم حماد إنه أدرك حين ذاك أن المشير ليس بالحزم والصرامة اللذين حاول أن يبدو عليهما.
وبعد مرور سنوات على غرق عبارة السلام وكشف تقاعس القوات المسلحة في إنقاذ العبارة بعد تلقي بيانات استغاثة يتكرر هذا الأمر اليوم في فقدان الطائرة المصرية؛ حيث أكدت مصادر بشركة مصر للطيران إرسال الطائرة لبيانات استغاثة فجرًا للقوات المسلحة، وعلى الفور نفى المتحدث باسم القوات المسلحة استقبال مثل هذه الإشارات.
الطائرة ترسل استغاثة الساعة 04:26
وقال مصدر مسؤول بشركة مصر للطيران، اليوم، إن الطائرة المفقودة أرسلت استغاثة إلى جهاز البحث والإنقاذ التابع للقوات المسلحة الساعة 04:26 بتوقيت القاهرة وذلك بعد نحو ساعتين من انقطاع الاتصال بها.
وأضافت الشركة أن “عمليات البحث جارية وأن القوات المسلحة المصرية قامت بالدفع بعدد من الطائرات والوحدات البحرية لتكثيف عمليات البحث، كما قامت اليونان بالدفع بطائرة للبحث أيضًا بالتنسيق مع الجانب المصري”.
المتحدث العسكري ينفي
بينما قال المتحدث العسكري باسم الجيش المصري، العميد محمد سمير، إنه “في إطار ما تناولته بعض وسائل الإعلام عن حادث اختفاء الطائرة المصرية.. تؤكد القوات المسلحة على عدم استقبال أي رسائل استغاثة من الطائرة المفقودة”.
وتضاربت مواعيد وأماكن انقطاع الاتصال بالطائرة وكذلك عدد الركاب على متنها في البيانات الرسمية التي نشرتها الشركة عبر حسابها على موقع تويتر؛ إذ كانت البداية بالإعلان عن اختفاء الطائرة وعلى متنها 59 راكبًا و10 من أفراد الركب الطائر، إلا أن الشركة عادت وذكرت أن عدد الركاب هو 56 شخصًا بالإضافة 7 من أفراد الركب الطائر و3 أفراد أمن.
الطائرة، بحسب بيانات الشركة، أقلعت من مطار باريس، الساعة 23:09 بتوقيت باريس، وهو توقيت القاهرة نفسه، وكان من المتوقع وصولها في تمام الساعة 03:15 بتوقيت القاهرة.
وعن وقت انقطاع الاتصال، قالت الشركة في البداية إن “الطائرة اختفت من على الرادار في ساعة مبكرة من فجر اليوم، وجارٍ التأكد من البيانات الواردة”، ثم أضافت أن الطائرة “فقدت الاتصال بأجهزة الرادار في تمام الساعة 02:45 بتوقيت القاهرة”، وعادت وأعلنت أنه “فقد الاتصال بالطائرة في تمام الساعة 2:30 صباحًا بتوقيت القاهرة”، وبعدها قالت إنه “تم الإبلاغ عن طريق البحث والإنقاذ التابع للقوات المسلحة باستقبال رسالة استغاثة من أجهزة الطوارئ بالطائرة الساعة 04:26 محلي بتوقيت القاهرة”، أي بعد نحو ساعتين من انقطاع الاتصال.
وعن موقع سقوط الطائرة، بدأت مصر للطيران بالإعلان عن اختفاء الطائرة قبل الدخول إلى المجال الجوي المصري بـ80 ميلًا (10 دقائق)، وكانت على ارتفاع قدره 37 ألف قدم. ولكنها عادت وغيرت الموقع، قائلة إن “اختفت الطائرة بعد الدخول إلى المجال الجوي المصري بـ10 أميال”، وبعدها ذكرت أنه “فقد الاتصال بالطائرة فوق البحر المتوسط على بعد نحو 280 كيلو مترًا من السواحل المصرية”.
وبعد هذه البيانات، قالت مصر للطيران إنها “ترجو جميع وسائل الإعلام الالتزام بالبيانات الرسمية الصادرة عنها”، على حد تعبيرها.
الشركة تنفي المعلومات التي يتداولها الإعلام حول أسباب الحادث
وأكدت الشركة أنها “تنفي جميع البيانات والمعلومات المغلوطة التي تم تداولها منذ الصباح الباكر عن أسباب اختفاء الطائرة المصرية القادمة من باريس والتي أرجعها البعض إلى أسباب فنية”، مشددة على أنه “لم يتم التوصل حتى الآن إلى أسباب اختفاء الطائرة”.
وقالت: “نرجو عدم التكهن بموقفها الحالي وسوف نوافيكم بتطورات الموقف أولًا بأول، وتهيب مصر للطيران وسائل الإعلام ضرورة استقصاء المعلومات من المركز الإعلامي لمصر للطيران فقط من خلال البيانات الرسمية الصادرة عن الشركة”.