أثار خطاب عبد الفتاح السيسي، اليوم، بأسيوط، موجة من الغضب؛ حيث وجه السيسي خطابه إلى النظام والشعب الإسرائيلي والفلسطيني، بضرورة إحياء عملية السلام مرة أخرى، والإسراع في إقامة دولة فلسطينية “تحقق الأمل للفلسطينيين والأمان للإسرائيليين”، على حد قوله.
السلام الدافئ
أضاف السيسي -خلال افتتاحه عدة مشروعات في مجال الكهرباء بمحافظة أسيوط، الثلاثاء-: “الأيام اللي فاتت في ناس كانت بتحتفل بالاستقلال والانتصار، وناس بتحتفل بالانكسار”، في إشارة إلى ذكرى النكبة عام 1948م، الذي يُسمى لدى الإسرائيليين بـ”عيد الاستقلال”.
وطلب السيسي من “إسرائيل” إذاعة خطابه هذا “مرة واتنين” على حد تعبيره؛ حيث أشار إلى أن تجربته كإنسان عاش في فترة ما قبل نكسة 1967م، ورأى قدر الكره لإسرائيل، ثم تحول هذا الموقف إلى عملية السلام بعد توقيع الحكومة المصرية في عصر السادات اتفاقية السلام مع “إسرائيل”، تؤكد من وجهة نظره أنه يمكن تحقيق سلام “أكثر دفئا” بين العرب وإسرائيل إذا تم حل القضية الفلسطينية.
الدفء الذي تحدث عنه السيسي خلال كلمته، قال عنه أيضًا: “لكن بيتقال إن السلام بين مصر وإسرائيل مش دافئ.. هيتحقق سلام أكثر دفئا إذا تم حل مشكلة الفلسطينيين، وإقامة دولة فلسطيية.. لو قدرنا نعمل ده هنقدر نعمل أمل حقيقي ونقضي على إحباط ويأس موجود”.
دعوة للتطبيع
وتابع السيسي: “الخطوة اللي اتعملت من 40 سنة هي اللي عملت سلام حقيقي، وكتبت في تاريخ المنطقة صفحة مضيئة للسلام بين الشعوب بعضها البعض”، مضيفا: “أنا لا بحب أناور ولا أخادع ولا أتآمر، لكن بقول لو في إخلاص حقيقي وإيجاد أمل للفلسطينيين وأمان للإسرائيليين، سيتم إنجاز أكثر مما تم بين مصر وإسرائيل”.
وحول المنطقة “ج” بسيناء، المحظور فيها تواجد أسلحة ثقيلة للجيش المصري، وفقًا لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، علق السيسي قائلاً: “لو المفاوض اللي كتب الاتفاقية وقتها ده طل على المنطقة “ج” و”ب” دلوقتي وشاف حجم القوات، كان هيقول معقول ده اللي حصل؟ بقول آه حصل لما بقى في حالة من الثقة والأمان لما بقى الهدف هو البناء”.
كما طالب السيسي بتوحد الفصائل الفلسطينية، مؤكدًا أن مصر على استعداد للقيام بدورها لإنجاح المصالحة، كما وجه حديثه إلى الأحزاب الإسرائيلية في شأن عملية السلام مع الفلسطينيين قائلا: “من فضلكوا توافقوا لحل هذه الأزمة ولن يكون هذا الأمر إلا أمرا جيدا للأجيال القادمة”.
تمرغ في كارت إسرائيل
من جانبه قال مجدي حمدان، القيادي السابق بجبهة الانقاذ، إن كارت “إسرائيل” أول من لعب به هو أنور السادات، ثم احتفظ بالكارت دائم التلميع والتنظيف المخلوع مبارك، والآن يقبله ويبوسه ويتمرمغ فيه السيسي.
وأضاف حمدان -في تصريح خاص لـ “رصد”-: “الأول استغله لهدف واحد.. الثاني حافظ عليه للاستمرار.. الثالث يريد الحصول على الثبات”، فالثلاثة تناسوا شعبهم وتملقوا أميركا عن طريق إسرائيل مع أن البقاء للشعب واختياراته.
وتابع أن القضية الفلسطينية هي ملهاة للشعب العربي، والحلول لن تكون متاحة لعدم وجود رغبة حقيقة في تحقيق اتفاق الدولتين.
وأوضح أن إسرائيل لن تسمح به، وهى تناور حتى تستولي عل كل أراضي القدس وتهويدها تماما، وإذا كان السيسي يرغب في الحل للضغط على “إسرائيل” لتحقيق اتفاق الدولتين، لكان خطابه لا يعدو سوى مجرد كلمات، يحاول أن يجتذب بها اهتمام الغرب وإسرائيل نحوه، ولترسيخ حكمه بعد أن تآكلت شعبيته.
ترحيب إسرائيلي بإعلان السيسي
وقالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”: إن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” لم يعلق حتى الآن حول كلمة عبدالفتاح السيسي، اليوم، والتي دعم فيها المبادرة الفرنسية لإحلال السلام بالشرق الأوسط، مشيدًا باتفاقية “كامب ديفيد” بين مصر وإسرائيل.
فيما أوضحت الصحيفة أن الخارجية الإسرائيلية رفضت التعليق على دعوة السيسي، ومن جهته رحّب زعيم المعارضة الإسرائيلية “إسحق هيرتزوغ” بدعم الرئيس المصري للمبادرة الفرنسية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لافتًا إلى أن ذلك الدعم يُظهر أن السلام ممكن.
وقال “هيرتزوغ” نقلاً عن صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، اليوم: “أرحب بإعلان السيسي، والذي يعد دراميًا، كما يظهر إمكانية عملية تاريخية، مضيفًا أنه من الواجب عليهم فحص دعوة السيسي بجدية، وإلاّ وجدنا أنفسنا أمام ذلك الخيار بعد تشييع جنازة قادمة.
كما تابع “هيرتزوغ” أنه من الضروري السماع للرئيس المصري واتخاذ الأمور بمزيد من الجدية ونظرة مسؤولة لتلك الفرصة.
كما رحبت الصحافة العبرية بدعوة السيسي، ووصف موقع “والا” الإخباري الإسرائيلي كلمة السيسي بأنه “دعوة نادرة واستثنائية من نوعها لتل أبيب للعمل من أجل اتفاق سلام مع الفلسطينيين، واستعداد مصر للوساطة في الأمر”، مضيفة أن “الدعوة جاءت بعد لقاء بين الرئيسين المصري والفلسطيني”.
وأضافت أن “الرئيس المصري التقى بداية الشهر مع محمود عباس، وتحادثا خلال اللقاء عن عملية السلام والبناء الاستيطاني الإسرائيلي، وبعدها بأيام صادقت القاهرة على إدخال شاحنات تحمل أسمنت لقطاع غزة، وذلك على الرغم من أن الجيش المصري دمر أكثر من 90% من أنفاق التهريب بين سيناء والقطاع، وأقام منطقة عازلة تمتد لـ2 كيلو متر”.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية: إن “السيسي وجه بكلماته تلك رسالة مباشرة لكل من تل أبيب ورام الله يعرب فيها عن دعمه للمقترح الفرنسي الخاص بعقد مؤتمر للسلام، كما وجه رسالة للأحزاب الإسرائيلية بالاتفاق على المفاوضات مع الفلسطينيين”.
بدورها، قالت صحيفة “يسرائيل هايوم” الإسرائيلية: إن السيسي طالب القيادات في “إسرائيل” ببث خطابه في الإعلام الإسرائيلية أكثر من مرة خاصة أن الحديث يدور عن فرصة حقيقية”.
أما القناة العاشرة العبرية فلفتت إلى أن “السيسي ركز في خطابه على المبادرة الفرنسية لاستئناف المفاوضات بين تل أبيب ورام الله واستعداد القاهرة للعب دور بارز في هذا الشأن”.
وذكر أن كلمة السيسي جاءت بعد ساعات من إعلان تأجيل مؤتمر السلام الذي كانت ستعقده باريس في 30مايو الجاري، وذلك بسبب عدم قدرة جون كيري وزير الخارجية الأمريكية المشاركة في هذا المؤتمر”.