وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون الضريبة على القيمة المضافة، وإحالته إلى مجلس الدولة لمراجعته تمهيدا لإرساله إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره، ويأتي هذا المشروع بعدما تراجعت الحكومات المتتالية عن تمرير تلك الضريبة منذ العام 2005م، خشية ردود الفعل الشعبية، على الرغم من ضغوط صندوق النقد الدولي الذي أدرج الضريبة ضمن عدة خطوات يتعين على مصر اتخاذها مقابل عقد اتفاق بتسهيل ائتماني معها، وهو الاتفاق الذي بدأ التفاوض حوله في 2011م، وحتى 2013م، لكن رفضته حكومة هشام قنديل أيضا.
وضريبة القيمة المضافة تتضمن معدلًا ثابتًا، بعكس الضريبة الحالية على المبيعات، والتي تتضمن عددًا أكبر من الشرائح والسلع والمنتجات سواء زراعية أو صناعية أو خدمات.
وأرجع خبراء اقتصاديون أن هذا القانون يمثل عبء على المواطن المصري، وطريق سهل للحكومة لحل مشكلة عجز الموازنة العامة التي هي واحدة من أهم المشكلات الاقتصادية المحورية في مصر كل عام، لما لها من آثار مباشرة على أداء النشاط الاقتصادي بصفة عامة، لاسيما بعد اتجاه العجز إلى التزايد، والذي صاحبه ارتفاعا مستمرا في الدين العام الداخلي للحكومات.
سد عجز الموازنة برفع الأسعار
وأكد فخري الفقي الخبير الاقتصادي، أن قانون الضريبة المضافة كان محل رفض دوما منذ عهد مبارك لأنه ضمن شروط صندوق النقد الدولي، وأيضا لما سيشكله من زيادة في الأسعار تصل إلى 15% لكل السلع والخدمات، الأمر الذي يفوق إمكانيات المواطن متوسط الدخل.
ورأى الفقي في تصريح لـ”رصد” هذا القانون سيساهم في تعويض 40% من العجز المالي السنوي، لكنه لن يسد العجز بالكامل، وهذا في حالة نجاحه، لأنه ما يحكم هذه الضريبة هو نشاط حركة البيع والشراء، فمن المتوقع أن تنخفض قيمة البيع والشراء في ظل ركود السوق ما سيؤثر بالسلب من ناحتين هو فشل القانون ومن ثم الغلاء.
وأشار إلى أن المتضرر هم المستفدين بالخدمات الحكومية من الصحة والتعليم والمواصلات، فهذا القانون سيؤدي إلى ارتفاع في الضريبة على الخدمات 15%؛ و 10 % على السلع الغير زراعية، و5% على باقي السلع.
استمرار سياسة “سحب على حساب المواطن”
يقول ممدوح الولي الخبير الاقتصادي إن هذا القانون لم تتجرأ أي حكومة تطبيقه، فقد اقترح مع كل الأنظمة ولم تتم مناقشته حتى لأن توابعه معروفة، فهناك زيادة على الزيادة المعتادة، فمع رفع الجمارك ورفع الأسعار عشوائيا، هناك ضريبة على السلع المجمل نفسه، وهي من 5% إلى 15%، ما بين خدمية ومنتجات، وهو ما يعد عبئا على المواطن نفسه.
وأضاف الولي في تصريح لـ”رصد” أنه مع معدل غلاء الأسعار، اتجهت الدولة لفرض ضريبة جديدة، حتى يدفعها المواطن إضافة لسعر ما يشتريه، والكل سيجد أنه أمام رسوم جديدة في الخدمات، من تذاكر القطارات، والأتوبيسات والمترو والطيران، والمدارس وخلافه، وبالتالي هناك زيادات أخرى على الخدمات الخاصة.
وتواجه الموازنة العامة مشكلات مزمنة؛ حيث إن حجم الموازنة البالغ 936 مليارًا، منها 292 مليارًا ونصف المليار فوائد دين، فى حين يصل حجم المخصص للخطة الاستثمارية 107 مليارات جنيه فقط.
وتم تخفيض مخصصات الدعم بالموازنة الجديدة بمقدار 46.703 مليار جنيه، لتبلغ 210 مليارات جنيه، بعد أن تم خفض 21.221 مليار جنيه للدعم العادى، وتخفيض دعم المواد البترولية بمقدار 25 مليار جنيه نتيجة لانخفاض أسعار النفط عالميا، في الوقت الذي بلغ فيه العجز في الموازنة العامة نحو 319 مليار جنيه.
ويبلغ عجز الموازنة العامة في مشروع موازنة العام المالي 2016/2017م، نحو 319.4 مليار جنيه، أي 9.8% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل عجز متوقع بنسبة 11.5% من الناتج خلال العام الحالي، ويبلغ حجم الإيرادات المقدرة نحو 631 مليار جنيه بزيادة 20.5%، عن المتوقع للعام المالي الحالي، من بينها نحو 433.3 مليار جنيه إيرادات تصل إلى 12% من الموازنة.
ويبلغ إجمالي المصروفات العامة نحو 936 مليار جنيه بزيادة تقدر بـ107 مليارات جنيه أو حوالي 12.9%، مقارنة بنحو 829 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي، ومن أهم المصروفات نحو 228 مليار جنيه لمصروفات الأجور، و201 مليار جنيه للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، ونحو 292.5 مليار جنيه مصروفات فوائد الدين الحكومي، حيث تمثل مصروفات الأجور والدعم وفوائد الدين نحو 78% من إجمالى الإنفاق العام.