أكد الكاتب “إتش.إيه. هيلر” الباحث بمعهد “أتلانتك” والمتخصص في الشأن المصري، أن نظام السيسي غير متماسك بالقوة نفسها التي كان عليها نظام مبارك، مرجحًا دخول النظام في صدامات جديدة على غرار أزمة الصحفيين بسبب تجاهل إصلاح المنظمة الأمنية.
وقال الكاتب، في مقاله الذي نشره موقع “فوكس” الأميركي: عندما صعد وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي إلى الرئاسة ساندته وسائل الإعلام المصرية بشكل مطلق، وهي وسائل الإعلام نفسها التي عارضت بقوة الرئيس المنتخب الأسبق القادم من الإخوان، والذي أطاح به السيسي بالقوة في أعقاب احتجاجات ضخمة في 2013، وبعد عامين تقريبًا من توليه السلطة تغير المشهد إلى حد ما، وتدهورت العلاقة بين وسائل الإعلام المصرية والحكومة بشكل حاد، وخلال الأسبوع الماضي اتهمت الشرطة باقتحام المقر الرئيسي لنقابة الصحفيين، وألقت القبض على اثنين من الصحفيين، وهو ما أشعل احتجاجات كبيرة، يمكن اعتبارها مؤشرًا لما وصلت إليه العلاقة بين الحكومة المصرية، والصحافة خلال الأيام الماضية.
ولفت الكاتب إلى الدعم المطلق الذي قدمته وسائل الإعلام لمؤسسات ونظام ما بعد الثالث من يوليو، واستمر هذا الدعم وصولًا إلى 2014 وما بعد، وفي المقابل أغلقت جميع المنافذ الإعلامية المؤيدة للإسلاميين.
وأضاف “إعجاب وسائل الإعلام بالسيسي بدأ في الزوال بالتدريج؛ إذ لم يتحسن الوضع الاقتصادي بشكل كافٍ؛ عانت السياحة التي تمثل حجر أساس في الاقتصاد المصري بشكل كبير من الاضطرابات السياسية، والتي بدأت في 2011، والعديد من المصريين دعموا السيسي لاعتقادهم بأنه قادر على استعادة النظام، والاستقرار الضروريين لإنعاش السياحة، وتحسين الاقتصاد بشكل عام”.
وأشار الكاتب إلى تدهور العلاقة بين الحكومة والإعلام في أعقاب مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني أوائل هذا العام، وعلى الرغم من مزاعم الحكومة بأن “جوليو” قتل على يد عصابة إلا أن بعض كتاب الأعمدة ألقوا باللائمة على رجال الشرطة في الحادث.
ولفت الكاتب إلى قرار حظر النشر في قضية “تيران” و”صنافير” الذي صدر في الثلاثين من إبريل، والذي أعقبه اعتصام مفتوح في مقر نقابة الصحفيين اقتحمت على إثره قوات الأمن النقابة، وألقت القبض على اثنين من الصحفيين، في خطوة غير مسبوقة منذ 75 عامًا هي عمر النقابة ما أدى إلى مطالبة النقابة بإقالة وزير الداخلية، واعتذار الرئيس، والإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين.
وتابع: بعد الإطاحة بمرسي أعادت الداخلية تأهيل نفسها لتقف بقوة ضد جماعة الإخوان المسلمين، والتي تم حظرها كجماعة إرهابية، وأعلنت وسائل الإعلام الموالية للدولة أن الوزارة تعلمت من أحداث الخامس والعشرين من يناير، وما تلاها، واليوم تسخر وسائل الإعلام من الوزارة بسبب تسريب إستراتيجية الوزارة في التعامل مع الصحفبيين عن طريق البريد الإلكتروني للوزارة.
وخلص الكاتب إلى أن السخط الحالي ضد النظام المصري لن يؤدي إلى تكرار ما حدث في الخامس والعشرين من يناير؛ إذ إن المعارضة منقسمة فيما بينها، وليس هناك أي رغبة في أي انتفاضة أخرى خاصة بعد فترة الاضطرابات التي شهدتها البلاد في أعقاب سقوط مبارك، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك معارضة متزايدة بسبب الممارسات الأمنية، والاقتصاد المتدهور، وهي القضايا نفسها التي أدت إلى انتفاضة الخامس والعشرين من يناير، ويظهر السيسي كداعم قوي للجهاز الأمني، ومؤكدًا على أن الانتهاكات هي مجرد حوادث فردية.
وأوضح أن التخلي عن الحريات الأساسية بما في ذلك استقلال الصحافة، من أجل ترسيخ القبضة الأمنية ليس وصفة جيدة لتحقيق الاستقرار المستدام، وهو ما قام به مبارك في 2010، وأدى إلى انتفاضة الخامس والعشرين من يناير.
وختم: “الدولة المصرية بقيادة السيسي ليست متماسكة مثل أيام مبارك، وبأي تقييم واقعي فإنه على المدى البعيد لا تعتمد قوة الدولة على إعطاء القطاع الأمني الأولوية في كل شيء، وهناك حاجة ماسة إلى إصلاحه، ولكن في حال تجاهل هذه الخطوات كجزء من إصلاح أوسع وأشمل في الدولة فإن أزمة الصحفيين ستكون جزءًا من العديد من الأحداث المشابهة التي ستحدث مستقبلًا.
