سلطت صحيفة “هافنجتون بوست”، الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، منذ الانقلاب على الدكتور محمد مرسي أول رئيس مدني مصري منتخب ديمقراطيًا..
قالت الصحيفة -في تقرير كتبته كيرت جورينج-: أخطرت السلطات المصرية مؤسسة النديم لإعادة تأهيل ضحايا العنف والتعذيب -وهو مؤسسة قضت 23 عامًا في القيام بمهمات عاجلة مع الناجين من التعذيب وأشكال العنف الأخرى في مصر- بأنها يجب أن تغلق أبوابها، ولم يحتوِ “أمر الإغلاق الإداري” على أية تفاصيل أو تبرير موضوعي للإغلاق.. هذا الفعل من جانب الحكومة المصرية هو جزء من اتجاه يتبناه النظام لإرهاب وتقييد أنشطة منظمات حقوق الإنسان في مصر.
وأضافت “هذه التطورات المثيرة للقلق في مصر تعكس الفراغ الضيق لمنظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في أجزاء أخرى من العالم، وقد سلط الموضوع الرئيسي في “تقرير وزارة الخاريجة الأميركية بشأن ممارسات حقوق الإنسان”، والذي تم إصداره قبل أسابيع قليلة، الضوء على “الهجوم الصارخ والممنهج والعالمي على المجتمع المدني الذي تقوم به الحكومات حول العالم”.
وقد فصل التقرير الحملات الضخمة والمتواصلة في دولة تلو الأخرى في كل بقاع العالم، كما أكد التقرير على ما تقوم به الولايات المتحدة للتصدي لهذا الاتجاه.
تقول “كيرت”: أوضحت زميلتي في مركز ضحايا التعذيب، إميلي هاتشينيون، مؤخرًا، خلال عملنا على تحقيق مزيد من الفعالية الإستراتيجية في عمل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، فإن مركز ضحايا التعذيب قد اختبر هذه القمعية بشكل مباشر. وبالإضافة لذلك، فإن القاسم المشترك بين مشاريعنا الشفائية هو أن النشطاء والقادة دائمًا ما يتعرضون لسوء المعاملة عقابًا على عملهم، أو يتم تهديدهم إذا استمروا في عملهم.. وقد أبلغ مركز ضحايا التعذيب بمخاوفنا حيال محاولات النظام المصري تقييد أنشطة منظمات حقوق الإنسان في مصر إلى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري. وقال “كيري” -في رد مكتوب- أن لديه المخاوف نفسها وتحدث عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأميركية لإيصال تلك المخاوف إلى النظام المصري، وبينما نشيد بهذه الخطوات، ولكننا نرى أنها غير كافية؛ حيث إن الحملة القمعية للنظام المصري لا تزال مستمرة.
وتتابع: ربما كانت جهود الوزير كيري للقضاء على هذا الاتجاه أكثر نجاحًا إذا كانت جزءًا من رسالة قوية وواضحة إلى الحكومة المصرية بأن هذه الانتهاكات سوف يكون لها عواقب وخيمة على العلاقات الأميركية المصرية، ولكن في الوقت نفسه الذي كان فيه النظام المصري مستمرًا في تضييق الخناق؛ حيث وصلت الاعتقالات الجماعية إلى مئات الآلاف وكان تعذيب المعتقلين على أشده، أعلنت الولايات المتحدة في مارس 2015 أنها سوف تستأنف إرسال المساعدات العسكرية إلى مصر.. وكانت المساعدات -التي تبلغ 1.3 مليار دولار والتي تجعل مصر ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية- قد توقفت في أكتوبر 2013، وعندها أعلنت وزارة الخارجية أن سبب إيقاف المساعدات هو قيام الجيش المصري بانقلاب عسكري على الرئيس المنتخب، وأن المساعدات العسكرية سوف تتوقف حتى تقوم مصر “بتقدم حقيقي” نحو الإصلاح الديمقراطي.
النظام المصري
وأردفت: انتقدت التقارير الأخرى لقسم حقوق الإنسان بوزارة الخارجية الأميركية النظام المصري؛ بسبب قيام قوات الأمن والجيش بانتهاكات لحقوق الإنسان، تشمل التعذيب، وبسبب التضييق على عمل منظمات حقوق الإنسان، وعلى الرغم من لغة التقرير، إلا أنني أشك في أن النظام المصري ليس لديه مخاوف من أن اعتراضات الإدارة الأميركية سوف يتبعها أي ضغط حقيقي لوقف تلك الانتهاكات، ومهما كانت هذه الضغوط، فإن القمع لن يتوقف، فربما يتجرأ النظام أكثر على الاستمرار في قمع منظمات حقوق الإنسان في مصر.
وختمت: في ظل حالة الفوضى التي تعم المنطقة، ربما تظن الولايات المتحدة أن هناك اعتبارات أمنية خاصة ربما تتطلب من الولايات المتحدة الحد من التعبير عن قلقها بشكل علني بشأن سجل حقوق الإنسان المتدهور في مصر، ولكن هذا التفكير ينم عن قصر النظر، فالولايات المتحدة يجب أن تضغط بشكل أكبر لإنهاء القمع الذي يشمل التحقيق في مصادر التمويل الأجنبية للمنظمات غير الحكومية ومنع النشطاء من السفر وتجميد الأصول والتضييق على نشطاء حقوق الإنسان. أما الاستجابة على استحياء فهي تشجع على المزيد من القمع.