أكد الكاتب الصحفي جمال الجمل أن عبدالفتاح السيسي الذي أبدى مرونة كثيرة لتسليم الجزيرتين متجاوزًا الشعب وكل المؤسسات، هو نفسه الذي وصف النظام السعودي بأنه “غير جدير بالاحترام”، وذلك في بحث استراتيجي أنجزه عندما كان عميدًا يدرس في كلية الحرب، ثكنة كارلايل العسكرية، بولاية بنسلفانيا الأميركية.
وقال الجمل -في مقال له نشر بموقع “البديل” تحت عنوان “السعودية”: “من المفارقات أيضًا أن البحث الذي قدمه السيسي في ربيع 2006 كان بعنوان “الديمقراطية في الشرق الأوسط”، وكان في نفس الفترة التي فكر فيها مبارك في حسم سيطرة مصر على تيران وصنافير، بعدم التنازل بهما للسعودية، وكشف مسؤول في المخابرات المصرية العامة أن هذا الاتجاه طرحه مبارك بالفعل على الأجهزة وتم بحثه على مدى عدة سنوات، لكن تدخلات عصمت عبد المجيد وزير الخارجية السابق وأمين الجامعة العربية حينذاك رجحت سيناريو تسليم الجزيرتين للسعودية، فلجأ مبارك إلى المماطلة حتى لا يحدث ذلك في عهده”.
وأوضح الجمل أن السيسي كتب في نفس الفترة هذه الفقرة في بحثه، مستندًا على رأي الدكتور معتز سلامة، رئيس وحدة دراسات الخليج بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: “لقد دعمت أميركا أنظمة غير ديمقراطية في الشرق الأوسط، وبعضها أنظمة لا تتمتع بأي احترام، مثل أنظمة الدول الخليجية، كالمملكة العربية السعودية، والعراق في بدايات حكم صدام حسين، والمغرب، والجزائر، وغيرها..”.
وأضاف: “البحث الاسترتيجي الذي قدمه السيسي لم يكن مهمًّا من الناحية الفكرية والسياسية، بل كان مشوشًا واعتمد على مصادر ضعيفة من المقالات الصحفية السريعة والدراسات المنشورة على الإنترنت ولم تتضمن المراجع أية كتب، مقارنة بالدراسة الرصينة التي قدمها قبل ذلك بعام واحد العميد صدقي صبحي حينذاك “حسب رأي عدد من الباحثين الاستراتيجيين الأميركيين”، مشيرًا إلى أنها “تظل مثيرة للدهشة، خاصة فيما يربط بين آراء السيسي الواردة فيها، وسياساته القمعية التي تتعارض مع آرائه عن الديموقراطية في البحث السري الذي استطاعت إحدى جمعيات الشفافية الأميركية الحصول على حكم بنشره بعد شهر واحد وأيام قليلة من إعلان السيسي إسقاط نظام الإخوان”، على حد قوله.
وتابع الجمل: “المفارقة الأخيرة التي اختتم بها المقال هي بعض العناوين لمؤلفات الكولونيل الأميركي ستيفن جيراس الذي أشرف على بحث السيسي في كلية الحرب، وهو حاصل على شهادات في علم النفس، وله كتب ودراسات مهمة في هذا المجال منها : كيف نكذب على أنفسنا ونخون الأمانة في الجيش، تغيير العقول العسكرية، باعتباره حلاًّ لكثير من المشكلات، ويبدو أن هذا ما نحتاج إلى قراءته تفصيلاً لنفهم شيئا عن العقول المزدوجة بين التحجر في قضايا بعينها والتحرر السهل والتغير السريع، حسب اتجاه الريح في قضايا أخرى، لذلك قد نعود قريبا لتحليل الرسائل الكامنة في بحث السيسي الاستراتيجي، ربما نعثر على بعض التفسيرات لكل هذا العدد من الألغاز والمفارقات”.