شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

بعد إقالة الجبوري.. خبراء لـ”رصد”: المكون السني العراقي هو المستهدف

بعد إقالة الجبوري.. خبراء لـ”رصد”: المكون السني العراقي هو المستهدف
جاءت إقالة سليم الجبوري، رئيس البرلمان العراقي، لتزيد الأمر اشتعالًا بالعراق، ففي الوقت الذي يحاول البرلمان حل أزمة الحكومة وتشكيل حكومة وطنية ويكون أعضاؤها من الخبراء والفنيين "تكنوقراط"،

جاءت إقالة سليم الجبوري، رئيس البرلمان العراقي، لتزيد الأمر اشتعالًا بالعراق، ففي الوقت الذي يحاول البرلمان حل أزمة الحكومة وتشكيل حكومة وطنية ويكون أعضاؤها من الخبراء والفنيين “تكنوقراط”، قام عدد من أعضاء البرلمان بعقد جلسة مؤخرًا لم يحضرها رئيس البرلمان وأقالوه بحجة إنهاء العملية السياسية العراقية القائمة على المحاصصة دون إقالة رئيس الحكومة العبادي أو رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، الأمر الذي أكد أن المستهدف بالمقام الأول هو المكون السني، خاصة أنه تبين بعد ذلك أن من كان وراء هذه الجلسة أنصار نور المالكي رئيس الحكومة السابق.

وتأتي إقالة الجبوري وسط أجواء مشتعلة؛ حيث المظاهرات والاعتصامات التي يقودها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وأنصاره للمطالبة بحكومة جديدة وإصلاح حقيقي على أن تكون الحكومة من الخبراء والفنيين ولا تخضع للمحاصصة الطائفية، كما يموج شمال العراق وغربه بصراع لا ينتهي بين الدولة العراقية وتنظيم الدولة وعمليات عسكرية واسعة يدفع ثمنها السنة الذين يمثلون الأغلبية من السكان في هذه المنطقة ويعانون أشد المعاناة، خاصة بعد حصار الفلوجة ومناطق سنية أخرى تعاني الجوع والفقر والترويع.

وعقب إقالة الجبوري كرئيس للبرلمان ومعاناة أهل السنة في الفلوجة وغيرها، يتبين أن الخاسر الأكبر في هذه الأحداث والتطورات هم المكون السني الذي تم استهدافه منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وتم تحميل أهل السنة فاتورة أخطاء صدام حسين كاملة على اعتبار أنه ينتمي للسنة رغم أن السنة دفعوا ثمنًا لا يقل عن باقي المكونات العراقية من الشيعة والأكراد بسبب ملف حقوق الإنسان السيئ في عهد صدام والذي طال الجميع، ويبدو أن المكون السني لا يزال يدفع ثمن هذه السياسات حتى الآن دون أن يكون مشاركًا فيها بل إنه ضحيتها.

وفي أول رد فعل على إقالة الجبوري اعتبر رئيس الكتلة البرلمانية لتحالف القوى العراقية (الممثل الأكبر للسنة داخل مجلس النواب) أحمد المساري إن إقالة سليم الجبوري من رئاسة البرلمان هو بمثابة استهداف مباشر للمكون السني، متهمًا رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلته ومناصريهما بالوقوف وراء الأمر.

وجدد المساري، في تصريحات صحفية، رفض تحالف القوى العراقية قرار إقالة الجبوري من رئاسة البرلمان، مشددًا على أن تلك “الإقالة جاءت عبر فعالية غير قانونية وغير دستورية”.

وأكد على “أن نواب التحالف الكردستاني بأكملهم وأطراف مهمة بالتحالف الوطني يؤيدون موقف كتلته”، لافتًا إلى أن تعداد هؤلاء النواب جميعًا يمثل ما يقرب من 190 نائبًا أي ما يمثل الأغلبية بالمجلس”، كما أكد المساري على أن رفض كتلته لقرار الإقالة لا يعود ولا يتعلق بأي حال بشخص سليم الجبوري لكون المسألة غير شخصية، مشددًا على أن “قرار إقالة رئيس البرلمان هو قرار سني بامتياز ولا يقبل أن يكون قرار أية أطراف أخرى”. وأوضح بالقول: “المشاكل والأزمة بالعراق سببها الحكومة لا البرلمان… ومن ثم يجب أن تكون هناك محاكمة للطرف المسبب للأزمة وهو الحكومة… أي أن تتم مساءلة رئيس الحكومة حيدر العبادي”.

وأضاف “وإذا كانت هناك مطالبات بإقالة الرئاسات الثلاث كما يرددون ويدعون فليبدأ هؤلاء بالطرف المسبب للأزمة أي العبادي بعد استجوابه ومساءلته لا بالجبوري”.

وعلى صعيد تشكيل الحكومة الجديدة، لا تزال هناك مشاكل كبيرة تؤدي إلي تعثرها؛ حيث قال سياسي مقرب من القوى السنية بأن 5 من قيادات التحالف الشيعي، بينهم اثنان من قيادات حزب الدعوة، توجهوا مساء الجمعة إلى العاصمة الأردنية عمّان، لتدارس الأسماء المرشحة لتولي مناصب وزارية في حكومة التكنوقراط العراقية، مع قيادات سنية مرتبطة بقوى إقليمية، مهتمة بالشأن العراقي.

ويبدو أن معضلة العبادي لا تتمثل بأسماء المرشحين للمناصب الوزارية فحسب، بل تتعداه إلى مناصب الوكلاء والمديرين العامين والهيئات المستقلة، التي يجب عليه اختيارها أو تعيينها بدرجات وظيفية، فيما تصر الكتل السياسية على الزج بمرشحيها لتلك المناصب، بالنظر لما تلعبه من دور في المناقصات والعقود وإجراءات إدارة الدولة.

وتعالت الأصوات العراقية المطالبة بزيادة تمثيلها في حكومة التكنوقراط التي يعتزم العبادي تشكيلها بعد مصادقة مجلس النواب على أسماء مرشحيها لشغل الحقائب الوزارية.

وعلى الرغم من استجابة رئيس الحكومة لمطالب المعتصمين الذين قادهم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بتشكيل حكومة من خارج الكتل السياسية التي تتقاسم النفوذ عن طريق نظام المحاصصة السياسية، إلا أن سياسيين ومراقبين يشددون على أن التشكيلة الوزارية التي قدمها العبادي بظرف مغلق إلى رئاسة البرلمان وتسربت للإعلام عززت نظام المحاصصة العرقية والمذهبية ويرى مراقبون أن ما يجري في الوسط السياسي في العراق هي محاولة جديدة لإقصاء مكونات، وتغليب أخرى على حساب غيرها.

وفي هذا السياق، قال الدكتور عبدالكريم العلوجي، الكاتب والمفكر العراقي -في تصريحات خاصة لـ”رصد”-: “ما جرى مؤخرًا هو استهداف للمكون السني من جانب المتطرفين الشيعة والذين يتصرفون على أرضية الطائفية وليس الوطنية، وحتى نكون أكثر دقة ولا نعمم فإن فصيل نور المالكي تحديدًا هو من وراء هذه التصرفات الأخيرة وتحديدًا إقالة الجبوري وتهميش دور السنة الذي تعرض إلى إضعافه منذ الغزو الأميركي للعراق 2003 ومعاقبة السنة علي تصرفات صدام حسين رغم أن هناك قطاعًا كبيرًا من السنة عانى أيضًا من طريقة حكم صدام على أرضية المواطن العراقي ومن هنا ما يجري من تصفية حسابات بهذه الطريقة مرفوض تمامًا سواءً السنة أو أي طائفة أخرى لأننا دائمًا ننادي بوحدة العراق وتفعيل الوطني لا الطائفي”.

وأضاف “العلوجي” قائلًا: “أخطأ فصيل من المكون السني عندما قبل بالعملية السياسية في ظل الغزو الأميركي للعراق وفرضه لسلطة بعينها وتخلى هذا الفصيل عن المقاومة وذهب إلى التسوية السياسية على أساس المحاصصة الطائفية وهذا كان خطًأ كبيرًا ويدفع ثمنه هذا الفصيل وباقي السنة حتى الآن”، متابعًا: “أعتقد لو تم رفض المشروع السياسي الأميركي بالعراق وتمسك الجميع بالمقاومة خاصة أن المقاومة لم تكن سنية فقط بل هي مكون وطني عراقي فيه كل الطوائف العراقية ولكن قبول طرف آخر بهذه التسوية أضعف نفسه وأضعف الآخرين”.

ومن جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي، علي الصميدعي، في تصريحات صحفية: “القطيعة بين تحالف القوى العراقية والتحالف الوطني بلغت ذروتها؛ على خلفية إقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري”، متهمًا “حزب الدعوة الحاكم، ومقربين من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بالضلوع خلف الهجمة الشرسة التي تعرض لها تحالف القوى العراقية مؤخرًا”.

وأضاف أن “تهميش المكون السني، وإقصائه من العملية السياسية لم يعد إصلاحًا”، مشيرًا إلى أن “ما يحدث اليوم سيكون له تداعيات سلبية على وحدة العراق، والعملية السياسية، وسمعة العراق لدى دول الشرق الأوسط، والمجتمع الدولي، والأمم المتحدة”.

من جهته، رأى المحلل السياسي، هاشم الزيدي، في تصريحات صحفية “إصرار النواب المعتصمين داخل البرلمان على إقالة سليم الجبوري، وتمسك تحالف القوى العراقية بالأخير في الوقت ذاته، قد يكون سببًا بتقسيم البرلمان إلى برلمانين”.

وأوضح أنه “إذا ما حدث الانقسام، فإن تقسيم العراق سيكون على ضوء برلمان لإقليم الكرد، وبرلمان لإقليم السنة، وبرلمان لإقليم الشيعة”، مشيرًا إلى أن “ملامح تقسيم العراق بدأت بالظهور”. وأضاف “بعض الكتل البرلمانية والشخصيات السياسية، استخدمت سياسة التقطيع الناعم بين التحالفات السياسية في البرلمان العراقي، وهو ما جعل المشهد العراقي أكثر تعقيدًا، وخصوصًا بعد أزمة تشكيل حكومة التكنوقراط، التي عصف بالبلاد، وأدت إلى تخبط واضطراب العملية السياسية برمته”.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023