قبل أيام من مظاهرات 25 أبريل المرتقبة والرافضة لتنازل نظام عبدالفتاح السيسي عن جزيرتي صنافير وتيران والرافضة للحكم العسكري، شنَّت قوات الشرطة فجر اليوم الجمعة، حملة اعتقالات عشوائية، داهمت خلالها عددا من مقاهي وسط البلد بالقاهرة، واعتقلت نحو 100 شخص بشكل عشوائي، وامتد لتشمل اقتحام منازل عدد من النشطاء واعتقالهم، ومن بينهم الناشط هيثم محمدين، والصحفي عمرو بدر.
وتكرر الأمر في العديد من المحافظات، ومنها الإسكندرية، والتي تم اعتقال حوالي 7 نشطاء سياسيين بها، منهم: محمد أحمد الصاوي، خالد عبد الرحمن، يوسف حسين متولي، إبراهيم سعيد حبيب، محمود فرغلي، مجدي النقيب، وعمر خالد طوسون، نجل القيادي العمالي خالد طوسون.
وانتشرت عناصر الشرطة السرية والمخبرين بمقاهي محطة الرمل والمنشية والقائد إبراهيم، وقامت بتفتيش رواد المقاهي والتعرف على هوياتهم.
وقالت جبهة الدفاع عن متظاهري مصر، اليوم الجمعة: إن قوات الأمن أوقفت 72 شخصًا من القاهرة و6 محافظات أخرى.
وأوضحت الجبهة أن قائمة الموقوفين تضم أسماء 72 شخصًا، بينهم نشطاء أبرزهم الناشط الاشتراكي، هيثم محمدين، وأوضحت الجبهة أن الموقوفين “تم القبض عليهم منذ ليلة أمس الخميس حتى الآن (ظهر اليوم الجمعة)”، لافتة إلى أن القائمة تضم مقبوضًا عليهم من مقاهٍ ومنازل بالعاصمة القاهرة، ومحافظات الجيزة، والإسكندرية، والغربية، والمنوفية، والشرقية والوادي الجديد.
وتعيد الشرطة المصرية سيناريو أيام ما قبل اندلاع ثورة 25 يناير؛ حيث شنت قوات الأمن آنذاك حملة اعتقالات لمنازل النشطاء السياسيين، من بينهم أعضاء بجماعة الإخوان، بقرارات اعتقال مباشرة.
وأثارت اعتقالات اليوم العشوائية غضب العديد من النشطاء على موقعي التواصل الاجتماعي “فيس بوك” و”تويتر”، معتبرين أن نظام السيسي يرتعد من يوم 25 أبريل القادم.
وتأتي الاعتقالات بعد ساعات قليلة من نفي رئاسة الجمهورية أخبارًا تداولتها مواقع مصرية عن اجتماع السيسي بمسؤولي الملف الأمني؛ إذ أكدت مصادر أن السيسي أبدى اعتراضا خلاله على “اللين” الذي تعاملت به الأجهزة الأمنية مع تظاهرات جمعة الأرض، الأسبوع الماضي، مطالبًا بعدم تكرار الأمر مرة أخرى.
النظام يورّط نفسه
ورأى عبد الغفار شكر، نائب المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن النظام الحالي يورط نفسه في عداوة مع الشعب المصري، خاصةً الشباب منهم، بارتكابه هذه الحملات القمعية وإصدار قرار باعتقالات عشوائية للشباب، في الوقت الذي تشهد فيه مصر حالة من الغليان؛ بسبب انتهاكات الشرطة وارتفاع الأسعار وأزمات اقتصادية أخرى.
وأشار شكر -في تصريح لـ”رصد”- إلى أن الشارع المصري ينتابه حالة سخط على الحكومة وأداء النظام، فبدلا من تهدئته وإيجاد حلول للأزمات التي يعاني منها نرى تعمدا وإصرارا على الاستخفاف بعقليته وبرأيه، وكأنه مطلوب منه ألا يفكر أو يجادل أو يعترض، وهذه طريقة إدارة خاطئة كانت سببا في اندلاع ثورة 25 يناير، التي خرج شبابها للمطالبة بالحرية، وأن يكون لهم دور في تحديد مستقبلهم.
دولة العنف
واستنكر المحامي والحقوقي نجاد البرعي الحملة الأمنية التي شنتها قوات الأمن، فجر اليوم الجمعة، بمنطقة وسط البلد، مؤكدًا أن الدولة القوية هي من تحترم حقوق الإنسان.
وقال البرعي -في تغريدة عبر حسابه على موقع التدوين المصغر “تويتر”-: “طيب سيعتقل ألف شاب وماذا عن الآخرين؟ سينجح في تسليم الجزيرتين، فماذا عن أبناء من ماتوا دفاعًا عنهما، بعد أن قيل لهم إنهم يحمون أراضي مصرية؟”.
وتابع: “الدولة القوية هي من تحترم حقوق الإنسان، والدولة العنيفة هي من تنتهك حقوق مواطنيها، تبقى الدول القوية حين تنهار الدول العنيفة، درس التاريخ”.
فيما أكد الإعلامي والصحفي يوسف الحسيني أن ما قامت به الدولة من حملات أمنية عشوائية، اليوم الجمعة، بمنطقة وسط البلد، للقبض على عدد من الشباب هو جنون.
وأضاف “الحسيني”: “ما يحدث هو الجنون بحد ذاته، قبض عشوائي على شباب في وسط البلد دون بينة ولا دليل، وبعدين يرموهم في الشارع تاني!!”.
حملات مسعورة
ووصف خالد علي، المحامي الحقوقي ورئيس حزب العيش والحرية – تحت التأسيس، الهجمة الشرسة التي شنتها وزارة الداخلية من خلال إلقاء القبض على النشطاء السياسيين، تعد حملة مسعورة لمحاولة إجهاض الفعاليات، ونشر الرعب بين المواطنين لمنعهم من النزول والحشد.
وأضاف علي أن النظام غير قادر على منع التظاهرات، لذلك يقوم بالقبض على القوى السياسية، والتي تعد عودة قوية لـ”للطوارئ”، التي أكد عبدالفتاح السيسي مرارًا وتكرارًا على عدم عودتها، مشيرًا إلى أن القبض على النشطاء في المساء والفجر لا يمكن وصفه إلا بـ”الاعتقال”.
وتابع المحامي الحقوقي أن تلك الهجمة لا تعبر عن قوة النظام، بل عن رعبه وخوفه وعدم اتزانه ورشده في التعامل مع القضايا المهمة، التي تحيط بالمجتمع وتعد جريمة في حق الشعب المصري.
وكان العديد من النشطاء والأحزاب والقوى السياسية، قد دعوا للتظاهر يوم 25 أبريل، في ذكرى تحرير سيناء؛ وذلك استكمالًا لفعاليات “الأرض والعرض” والتي كانت قد بدأت الجمعة الماضي ولاقت ترحيبا وقبولا كبيرين من المواطنين.