أكد عدد من الخبراء والمحللين السياسيين، أن هناك 3 خسائر مصريّة جرّاء استمرار أزمة الطالب الإيطالي، تتمثل في “الملف الليبي” و”تدهور العلاقات الاقتصادية” و”الاستثمار السياسي السلبي” التي تهدد عرش النظام المصري.
يقول سعيد صادق ،أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن “الجانب المصري يتأثر سلبًا من استمرار أزمة الطالب الإيطالي، على مستويات عديدة اقتصادية وسياسية وإعلامية وسمعة النظام والدولة”.
وأشار صادق لـ”الأناضول”، أن “أول الملفات ارتباطًا باستمرار أزمة ريجيني، هو الاستثمار السياسي السلبي ضد القاهرة، وهو ما يؤدي لسقوط النظام على إثر الضغوط الدولية والإقليمية”.
وأضاف: إن “أوروبا تُدرك تمامًا أن سقوط نظام السيسي معناه كارثي، بالنسبة لها؛ حيث لن تستطيع استقبال ملايين من المهاجرين من مصر، على غرار تدهور الوضع في بلدان عربية أخرى”.
وأوضح أن “أوروبا تدرس جيدًا خطوة ما بعد السيسي حال اختارت التصعيد على هذا الاتجاه”، متابعاا “لكن إذا رحل السيسي، فإن جنرالًا آخرًا سيأتي كأننا لم نفعل شيئًا، خاصة أن المعارضة ليس لديها بديل”.
وشدد على ضرورة أن يكون البديل القادم “مقبولاً من كافة مؤسسات الدولة العميقة والدول الإقيليمية”، معتبرًا أن “سقوط النظام أسوأ على أوروبا من قضية ريجيني”.
وأكد أن “استمرار تصعيد الأزمة سوف يؤثر على القاهرة اقتصاديًا خاصة أن حجم التبادل التجاري بين مصر وإيطاليا يبلغ حوالي 6 مليارات يورو”.
وأوضح صادق، أن “ثالث الملفات تأثرًا باستمرار الأزمة هو الملف الليبي، حيث إن إيطاليا وأوروبا مهتمتان بالوضع في ليبيا، ومصر أكثر البلدان قدرة على التعامل مع هذا الملف، وفق مصالح مشتركة حفاظًا على الأمن القومي المصري والأمن والمصالح بالنسبة للدول الأوروبية”.
وحمّل الأكاديمي، استمرار الأزمة إلى “سوء إدارتها من جانب الحكومة المصرية، بالنظر إلى التخبط الذي انتاب الخطاب الرسمي واختلاف الروايات من جهات رسمية حكومية مصرية وهو ما أثار الريبة لدى الدوائر الإيطالية والرأي العام”.
وبينما اعتبر صادق أن سقوط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي كان “نظامًا أمنيًا”، فإن الأجهزة الأمنية لا تزال كما هي بنفس العقلية والمعالجة للأزمات، على حد تعبيره.
وذكر أن “سيناريو حل الأزمة لابد أن يكون دبلوماسيًا وفي سريَّة تامة، وبعيدًا عن الإعلام؛ وهو ما كان يجب أن يكون منذ البداية”، لافتًا إلى ضرورة أن “تستغل مصر علاقتها بفرنسا وألمانيا للضغط على إيطاليا لتخفيف القضية ودفع تعويضات، حال وجدت”.
ويرى كامل عبدالله، الخبير في الشأن الليبي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، أن استمرار الأزمة سيؤثر سلبًا على المقاربة المصرية بشأن الملف الليبي.
وأفاد عبدالله لـ” الأناضول”، أن “رئيس حكومة الوفاق فايز السراج يقود حاليًا وساطة بين مصر وإيطاليا لإنهاء الأزمة من أجل عودة التنسيق بين البلدين بشأن الأزمة الليبة، وهو ما يؤكد أن الملف الليبي تأثر سلبًا بسبب الأزمة بين البلدين”.
واستطرد مشددًا على ضرورة “الأخذ في عين الاعتبار مسألة التنافس الأوروبي بشأن الملف الليبي خاصة بين فرنسا وإيطاليا، حيث تميل باريس للموقف المصري عن نظرائها الأوربيين، بينما الموقف الإيطالي مدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية والأمر يحتاج تنسيقًا لأن القاهرة من أكثر الدول تأثرًا وتأثيرًا في الأزمة”.
لكنّ مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسن هريدي، اعتبر في حديثٍ للأناضول، أن الأزمة “كبيرة” وتحتاج إلى وقت طويل لحلها، منوهًا بأنه من “السابق لأوانه الحكم بعيد المدى على استدعاء إيطاليا لسفيرها”.
ولفت أن طلبات الجانب الإيطالي “غير المسبوقة دبلوماسيًا” على حد تعبيره، هي السبب وراء استمرار الأزمة، موضحًا أن “تلك الطلبات غير مسبوقة في العلاقات بين الدول، حيث طلبت سجلات للمكالمات الهاتفية لـ800 ألف مواطن”.
واعتبر أن جريمة مقتل ريجيني “من الجرائم التي تحتاج لسنوات من التحقيقات لمعرفة الفاعل الحقيقي”، متابعًا “ليس كل جريمة تحل فورًا، فهذه الجريمة من الجرائم التي يعتبر حلها صعبًا”.
خالد أبو بكر رئيس مجلس الأعمال المصري-الإيطالي قال في اتصال هاتفي مع الأناضول إن “مجتمع الأعمال بالبلدين يقوم بدورٍ خلال الفترة الحالية في محاولة لإنهاء الأزمة في القريب العاجل بالتعاون مع الأجهزة المعنية في البلدين”.
ووفقًا لأحدث تقرير لقطاع الاتفاقيات التجارية التابعة لوزارة الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة المصرية، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 6 مليارات يورو عام 2014 الماضي، مقارنة بـ3 مليارات و160 مليون يورو عام 2010، محققًا طفرة نوعية خلال السنوات الأخيرة.
وهذه هي ثاني حادثة تهدد بتوتر العلاقات بين مصر وإيطاليا، في أعقاب استهداف مقر دبلوماسي إيطالي بوسط القاهرة في تفجير إرهابي يوليو 2015، تبادلت على إثره الاتصالات بين البلدين في خطوة سريعًا لتجاوز تأثر العلاقات سلبًا بين البلدين.
أظهر استطلاع للرأي أجراه التلفزيون الرسمي الإيطالي ، عن اعتقاد غالبية الإيطاليين بمسؤولية السلطات المصرية عن مصرع الباحث الإيطالي.