لجأ كثير من أهالي حمص لابتكار أساليب بدائية للتغلب على حصار نظام بشار الأسد الذي تخضع له المدينة منذ أربع سنوات، بالتزامن مع ندرة المساعدات الإنسانية.
وابتكر محمد بكار، محرك قادر على استخراج المياه من الشبكة الرئيسة بدون الاعتماد على الكهرباء، وقال -في تصريحات صحفية-: “لجأت إلى محرك قديم لاستخراج المياه، وذلك بتحويله من العمل على الطاقة الكهربائية للعمل بالطاقة الحركية”، وأشار بكار إلى أنه استعان في ذلك بعجلة دراجة هوائية قادرة على الدوران وتوليد الطاقة لتشغيل المحرك وسحب المياه.
ويتكون الاختراع من غطاء أو غطاءين لأوانٍ منزلية مصنوعة من مادة الألمنيوم حصرًا، وكبل شبكة تلفاز، تثبَّت الأغطية على السطح، ويربط قطبا السلك الموجب والسالب فيهما، ويتم تمديده لداخل المنزل؛ حيث يوضع الهاتف الجوّال على السلك، ويمكن حينها الحصول على إشارة قوية، تتيح إجراء المكالمات من داخل المنزل، ولفت بكار إلى أن طريقة عمل المحرك بسيطة، ولا تحتاج لإمكانيات كبيرة.
ونتيجة قصف النظام لأبراج التغطية الخلوية، وقطعه الاتصالات الأرضية عن المناطق المحاصرة، قام أهالي المنطقة بابتداع طريقة مختلفة لالتقاط إشارات الأبراج الخلوية من مناطق بعيدة، بالاعتماد على أوان منزلية تثبَّت على سطح المنازل.
صناعة الموقد
كما استفاد المحاصَرون من الأدوات البسيطة المتوفرة لديهم، وتم تحويلها لوسائل تعينهم على تعويض النقص في الاحتياجات الأساسية، ولو بشكل جزئي، فابتكروا مواقد للطهي مصنوعة من فوارغ العلب المعدنية، واستخرجوا الماء باستخدام دراجة هوائية، وولدوا الطاقة الكهربائية باستخدام عنفات الجرارات، وتأمين الاتصال بشبكة الهاتف الخليوي بواسطة أسلاك وأوانٍ منزلية، بحسب ما ذكرته وكالة “الأناضول”.
وقال أبو مهند تقال، أحد سكان ريف حمص الشمالي: إن انقطاع مادة الغاز وقلة الحطب اللازم للطهي، دفعه للاستعانة بفوارغ المعلبات والعلب المعدنية، لصناعة موقد لا يعتمد على الغاز ويقتصد في استهلاك الحطب.
وأشار أبو مهند إلى أن صناعة الموقد سهلة، وأدواتها متوفرة في كل منزل؛ حيث تتطلب صناعته عبوتين فارغتين اسطوانيتي الشكل، ومروحة، وهي عبارة عن مروحة معالج كمبيوتر مكتبي قديم، إضافة لبطارية من عيار 12 فولت، وتابع: “كمية الهواء التي تولدها المروحة بعد وصلها على البطارية توفر تيارًا هوائيًا مستمر بنفس الوتيرة؛ ما يعطي النار المتقدة في أعلى الأسطوانة، سرعة احتراق كبيرة، وذلك يضمن طهي أي شيء بسرعة تفوق سرعة الموقد الذي يعمل على الغاز، وتوفر في استهلاك الحطب، مقارنة بالنسبة لمواقد الحطب الأخرى.
بدوره، وجد سعد الخلف، طريقة مبتكرة لتوليد الطاقة الكهربائية، حيث تمكن من توليد التيار الكهربائي لشحن البطاريات واستخدامها في مواضع مختلفة.
ولفت الخلف، أن ابتكاره يعتمد على عنفتين قديمتين لجرار زراعي ودينمو، قادر على تخريج 12 فولت، وتشغيله يعتمد على بطارية قادرة على تشغيل محرك 12 فولت، والذي بدوره يولد طاقة لتدوير العنفات، حيث ينتج عن دورانها طاقة بحدود 20 أمبير، قادرة على شحن عدة بطاريات، يمكن استخدامها في تشغيل التلفاز وعدة قطع كهربائية أخرى.
اشتباكات حمص
الجدير بالذكر أن مناطق ريف حمص الشمالي، تخضع لحصار قوات النظام منذ 4 سنوات، وخلال الأشهر الـ8 الماضية، لم تدخلها المساعدات سوى مرة واحدة وبكميات محدودة؛ الأمر الذي تسبب في أزمة إنسانية خطيرة.
ووصلت المفاوضات بين النظام السوري والمعارضة المسلحة في حي الوعر داخل مدينة حمص إلى طريق مسدود، بعد رفض النظام تنفيذ البند المتعلق بالإفراج عن آلاف المعتقلين من أبناء الحي، وقد تعهد النظام في بداية العملية التفاوضية وبحضور ممثلين عن منظمة الأمم المتحدة، بإطلاق سراح جميع أبناء الحي المعتقلين في سجونه.
وبالإضافة إلى عدم تنفيذ الالتزام بإطلاق المعتقلين، أغلقت قوات النظام جميع الممرات المؤدية إلى الحي، وأعادت فرض الحصار عليه مجددًا، وقال ناشطون: إن قوات النظام تمارس سياسة التجويع من خلال قطعها المواد الغذائية والمواد الطبية، وجميع الاحتياجات الأساسية عن سكان الحي المحاصر.
وأضاف الناشطون أنه بالإضافة إلى الحصار المحكم يتعرض الحي بين الحين والآخر لغارات طائرات النظام، التي تلقي البراميل المتفجرة على سكانه، وكذلك قذائف الهاون ورصاص القناصة المتمركزين على مداخل الحي.