تصاعدت أزمة الطالب الإيطالي جوليوريجيني، وسط تهديدات صريحة من إيطاليا لمصر في حالة عدم القبض على الجناة الحقيقيين؛ حيث أعلنت السلطات الإيطالية، اليوم الثلاثاء، أنها ستتخذ إجراءات “فورية وملائمة” ضد مصر إذا لم تظهر حقيقة مقتل الطالب.
تصاعد الأحداث
وشهدت الأيام القليلة الماضية تصاعدا سريعا في الأحداث، فلم يمر يومان على كلمة والدة جوليو في البرلمان الإيطالي، التي هاجمت النظام المصري بشدة ووصفته بالقاتل والفاشي، ودخول أم خالد سعيد على الخط بفيديو تضامن معها، والهجوم الإعلامي الإيطالي على مصر، واتهام النظام المصري بمحاولة تلفيق القضية، حتى فاجأت مراسلة التلفزيون المصري بواشنطن، حنان البدري، المتابعين بمنشور على صفحتها الشخصية على “فيس بوك” اعتبره الكثير من المراقبين أنه في منتهى الخطورة.
إيطاليا تكتشف القاتل
وقالت “البدري” مخاطبة الوفد الأمني المصري، الذي كان من المفترض أن يذهب لإيطاليا: “عاجل.. حان وقت الحقيقة.. أرجو أن يكون الوفد المصري، الذي يستعد للذهاب لإيطاليا بخصوص قضية ريجيني مستعداً لقول الحقيقة كاملة، وكذلك للمفاجأة التي تنتظرهم هناك”.
وفاجأت البدري الجميع؛ حيث كشفت أن إيطاليين تمكنوا من الحصول على أدلة بالصوت والصورة، ليس فقط لـ”شهود القهوة”، بل تسجيلات لمكالمات بين رجال الشرطة في منطقة بعينها، عن طريق طرف ثالث” مؤكدة: “بلدنا بطنها مفتوحة”.
وأضافت: “وتوصلوا لاسم الجاني وتاريخه بما في ذلك حكم على الفاعل الرئيسي بالسجن سنة مع وقف التنفيذ، في قضايا تعذيب وقتل سابقة! الإيطاليون لديهم إثباتات أخرى بخصوص البطاقات التي قالت الداخلية إنها ضبطت مع القتلى الخمسة بحادثة الميكروباص، والإيطاليون وصلوا للشركة المصنعة لبطاقات الشرطة واكتشفوا أن البطاقات بحوزة قتلى ميكروباص القاهرة الجديدة غير مزورة، أعتقد أنه لا مناص من قول الحقيقة؛ لأن الخيار الآن أصبح بين التضحية بالجناة، أو قطع العلاقات مع إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي، وهذه ليست قضية للتعامل معها بخفة.. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد”.
وأوضحت “البدري” أن هذا هو ملخص لحديث سمعته صدفة من ضيوف أوروبيين بإحدى المناسبات المهمة الموازية لقمة الطاقة النووية التي عقدت في واشنطن مؤخرا.
وفد مصري في إيطاليا غدا
وأعلن النائب العام المصري، المستشار نبيل صادق، اليوم الثلاثاء، أنّ وفدا مصريا من رجال الشرطة والقضاء، يسافر إلى العاصمة الإيطالية روما، غدا الأربعاء، لبحث نتائج التحقيقات الخاصة، بقتل الطالب الإيطالي، جوليو ريجيني، مع الجانب الإيطالي.
وقال النائب العام، في بيان صادر عن مكتبه: إنّه “من المقرر أن يسافر وفد من النيابة العامة ورجال الشرطة غدا إلى روما، وذلك لاستعراض ما آلت إليه التحقيقات في مقتل الإيطالي ريجيني”.
ويترأس الوفد المصري إلى روما النائب العام المساعد المستشار مصطفى سليمان، وذلك طبقا للاتفاق الذي تم بين النائب العام المصري والإيطالي في زيارته الأخيرة.
واعترفت أجهزة الأمن المصرية رسميا، أمس الإثنين، خلال اجتماع أمني ضمّ عددا من القيادات الأمنية بوزارة الداخلية، بعدم العثور على المتهمين بقتل ريجيني، الذي اختفى يوم 25 يناير الماضي، والعثور على جثته مقتولاً في أحد شوارع القاهرة وعليه آثار تعذيب.
وجاء الاعتراف المصري قبل يومين من سفر عدد من المسؤولين إلى روما، للقاء محققين إيطاليين على رأسهم المدعي العام، لعرض ما انتهت إليه التحقيقات في هذا الملف.
وأكد مسؤول أمني أنّ التحقيقات في قضية مقتل الطالب الإيطالي ما زالت مستمرة، ولا صحة لما تردد حول الوصول إلى المتهمين حتى اليوم، بما فيها مقتل “التشكيل العصابي المكوّن من أربعة أشخاص”، الذين قيل عنهم: إنهم “متخصصون في خطف الأجانب ولهم علاقة بالجريمة”، ليتبين فيها بعد أن لا علاقة لهم بالمجني عليه، مشيرا إلى أن جهات التحقيق الإيطالية ترفض “غلق التحقيق”.
الوفد المصري سيصاب بالإحباط
ومن جانبه قال الدكتور أسامة رشدي، المستشار السياسي لحزب البناء والتنمية إن الوفد الذي سيسافر إلى إيطاليا سيصاب بالإحباط؛ بسبب رد الفعل الإيطالي، وفشل جميع السيناريوهات المصرية.
وتوقع “رشدي” في تصريح خاص لـ”رصد” أن تشهد الأيام القادمة تصعيدا إيطاليًّا، وتصريحات اليوم دليل على ذلك، وربما سنشهد قطع علاقات دبلوماسية وتسريب معلومات حصلت عليها إيطاليا حول مقتل الطالب، كما سنشهد تصعيدا أوروبيا.
وقال “رشدي” إن ما يقوم به النظام حاليا محاولات فاشلة لإيجاد كبش فداء ليلصق به الجريمة، وإأن النظام المصري يتحمل مسؤولية قتل ريجيني، وإن الجميع يعلم ذلك، وهناك دلائل على القبض عليه يوم 25 يناير.
وأكد “رشدي” أنه على وزارة الداخلية أن تتحمل مسؤوليتها، وأن تعلن من الجهاز المسؤول عن قتله، أما السيناريوهات الفاشلة التي تتحدث عن القبض على عصابة متورطة في قتله فلن يصدقه أحد أصدقائي وأن الحقيقة وضحت للجميع.
صراع الأجهزة
وانعكس التصاعد في الأحداث على الإعلام المصري الذي خرجت منه أصوات تهاجم تعامل أجهزة في الدولة مع الموقف، فدعا محمد عبدالهادي علام، رئيس تحرير “الأهرام”، السلطات للكف عن الروايات الساذجة في مقتل ريجيني، وناشد الدولة التعامل بجدية مع الموضوع نظراً لخطورته، داعيا لمواجهة الحقيقة، وإلى استقالة المقصّرين من المسؤولين إنقاذا لسمعة مصر ومكانتها ومصداقيتها دوليا.
ووافت لميس الحديدي، مقدمة البرامج على قناة “cbc”، على كلام “علام”، وحذرت من تكرار حادثة خالد سعيد، وما ترتب عليها من ثورة، وحذرت أيضا ممن لا يقدرون خطورة حادثة مقتل ريجيني والتي قد يترتب عليها قطع العلاقات مع دولة صديقة مثل إيطاليا، وقالت الحديدي: “الصراع بين الأجهزة لا ينبغي أن يكون على جثة هذا البلد، مصنع الشماعات قفل ونريد الحقيقة”.
وأثار منشور مراسلة التلفزيون المصري الكثير من ردود الافعال على مواقع التواصل الاجتماعي، فتمنى المحامي والحقوقي نجاد البرعي أن يكون كلام البدري غير صحيح وقال: “أرجو أن يكون ما نقله موقع التحرير عن حنان البدري بشأن قضية ريجيني غير صحيح وأرجو أن نفهم جميعا أن علينا واجبات تجاه المجتمع الدولي”.